الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

من هن سيدات القمر؟

من هن سيدات القمر؟
كالعادة، يصاحب الضجيج فوز أي رواية عربية بأي جائزة عربية أو دولية، وفي رأيي بما أن كل تلك المسابقات والجوائز لا يتزامن فيها إعلان الترشح والفوز مع جلسات أو مقالات نقدية، فإن الجدل سيبقى وأسباب الفوز ستبقى مجهولة بغض النظر عن استحقاقية الفوز نفسه، وهذا ما حصل مع رواية «سيدات القمر» للروائية العمانية جوخة الحارثي.

من هن «سيدات القمر»؟.. الرواية متوازنة من حيث حضور الشخصيات النسائية والرجالية، فلماذا انحاز العنوان «للنساء»؟

في واحدة من القراءات «الممكنة» للرواية، فإن الرواية تعبر عن مجتمع ما زال يحاول التحرر من سمات «المجتمع الأبوي / ‏‏الذكوري»، والمرحلة الزمنية التي تكتنف الرواية من حيث مركزية الأحداث تمتد من ستينات أو خمسينات القرن الماضي حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، غير أن التاريخ يحضر ويهيمن بتفسيراته إلى ما قبل ذلك بعشرات السنين.


أول من يعمد إلى كسر هيمنة المجتمع الأبوي هي (ميا) تلك الفتاة الحزينة الشاحبة المنكبة على ماكينة الخياطة، حين أخبرت زوجها أنها لن تلد على يد «الداية»، وأنها تريد الولادة في مستشفى السعادة في مسقط، وهو مستشفى الإرسالية، ثم حين قررت تسمية ابنتها «لندن».. مدينة الكفار والنصارى كما عبّرت عنها والدة ميا التي حاولت تحريض زوج ابنتها كي لا يقبل بالاسم لكنها فشلت.. عبرت ميا أكثر من مرة عن أنها تريد التحرر من سلطة أمها، وبثّ زوجها الكثير من آلامه من تعذيب والده له، خصوصاً حين جعله يتدلى مقلوباً على رأسه في البئر عقاباً له على رحلة صيد.


كثير من الشخصيات عبّرت عن رغبتها في التحرر من السلطة الاجتماعية والفردية.. العبد «سنجور» ومن قبله والده كان يصرخ دائماً نحن أحرار، ويتشاجر مع والدته التي ما زالت تدين بالعبودية لأسرة التاجر سليمان حتى بعد إلغاء الحكومة للعبودية، ثم سافر سنجور مع زوجته إلى الكويت ليتخلص من تاريخ العبودية السابق.

هل نجحت، في آخر المطاف، محاولات التحرر؟.. ربما نجحت على مستوى المظاهر العامة، لكنها تركت جروحاً بالغة على المستوى الإنساني، فأغلب قصص الحب في الرواية كانت فاشلة.

الصفحات الأولى من الرواية تشي بأن ميا كانت تحب رجلاً آخر قبل زوجها، وزوجها انتظر حتى نهاية الرواية لتعبر له عن حبها لكنها لم تفعل، وحين تمردت «لندن» على الأعراف الأسرية، وتزوجت رجلاً من خارج مستواها الاجتماعي ويتبنى الفكر الاشتراكي، فشل الزواج.. لأنه كان محملاً بكل عقد المجتمع السابقة.