الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لحرية الرأي ضوابطها

لحرية الرأي ضوابطها

عبدالله فدعق

«حرية الرأي» كلمة مطاطية وعائمة، ويقصد بها، عند غالب الناس، أن يتمتع الإنسان العادي بكامل حريته في الجهر بما يراه هو في فكره حقاً، ويسمى هذا أيضاً عند كثير من المهتمين بهذا الأمر «حرية التعبير»، وهو شيء في مجمله طيب ومقبول، إلا أن إطلاق المطالبة به، دون القيام بوضع الضوابط اللازمة، خطر كبير.

ومن هذا الضبط المطلوب والضروري، ألا يكون التعبير عن الرأي عدواناً على الآخر، أو يشكل ضرراً على أحد، وكذلك عدم تجاوز حدود الناس، أو أن يخوض الإنسان فيما لا يحسنه من أمور، أو فيما لا معرفة له به.

بعض الناس يتوسع كثيراً في أمر حرية الرأي، وحرية التعبير، فيدخل الدين، ويقحم الفتوى في ضمن ما يمكن أن يتحدث به، وفي الوقت الذي يريد، وفي البحث الذي يحب، وينسى أن المسائل الشرعية، والدراسات الدينية، لا يستطيع الإنسان أن يدلي بدلوه فيها، إلا بعد اجتيازه لدراسات مطولة، وبعد أن يعد نفسه إعداداً علمياً خاصاً.


من ناحية أخرى، ليس من حق كل إنسان أن يتكلم ويبدي رأيه في أمور الدين من غير أن يكون متخصصاً، مثل سائر العلوم التي يحجر على غير المتخصص فيها، والدارس لها، أن يتكلم فيها.


معلوم وصحيح أنه لا يوجد في دين الإسلام وظيفة اسمها (رجل دين)، كما أنه ليس لدى المسلمين (كهنوت)، ولكن حتماً لا يمكن أن ننكر أن في دين الإسلام (علماء دين)، تخصصوا وتعمقوا فيه، والواجب علينا هو أن نقدر ذلك لهم.

وهذا بطبيعة الحال، لا يعني أن نقوم بتقديسهم، أو أن نقصر أمور الدين عليهم، أو أن نعتقد عصمتهم من الوقوع في الأغلاط.

يقول الإمام مالك، صاحب المذهب المشهور، رحمه الله تعالى: «كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، صلى الله عليه وسلم»؛ أراد بذلك المصطفى، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، لكونه معصوماً من الخطأ، ولأنه ما ينطق عن الهوى.

وعن سيدنا عبدالله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما، قال: «ما أحد من الناس، إلا يؤخذ من قوله ويدع غير النبي، عليه الصلاة والسلام».