الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

من سيفاوضهم؟

من سيفاوضهم؟

فاطمة اللامي

في خضم دوران رحى الحروب الخاسرة بقيادة ساستها المجرمين، أصبح العالم يئن بتركتهم البشرية المشوّهة، ملايين من الطفولة قدرها المشؤوم أن تستفتح أعمارها وعيونها على نيران المدافع المتفجرة، وآلة الحرب الشرسة العمياء!

طفولة معوقة مضطربة نفسياً.. طفولة جريحة حُرمت من أبسط حقوقها كأن تحظى بسقف يقيها حرّ الصيف وصقيع الشتاء، تلهو بلعبة لا أن تنبش مكبّات النفايات لتسد رمقها وتؤمّن قوت يومها.

فمخلفات الحروب لا تُقتصر على بنى تحتية وتوقف خدمات وتعطّل حياة وحسب، بل هناك أجيال تم تدمير كل خلية حيّة فيها، وتم تحويلها إمّا إلى لاجئين مشرّدين ومتسوّلين أو بذرة لقنبلة موقوتة بيد مردة الإرهاب؛ من سلبوا الطفولة طفولتها، وجعلوها تنزف سِني عمرها الطرية وجعاً وعوزاً وتشرداً، كائنات صغيرة هشة شاخت في عينيها أحلامها وضاقت ببراءتها دروب الحياة.


والسؤال الآن: وإن وضعت الحرب أوزارها، وارتأى مجرمو الحرب أن يوقفوها للتفاوض أواللجوء إلى الحل السلمي وترك السلاح.. من سيفاوض الأطفال الذين سُلبت حقوقهم وحياتهم؟!


ترى أيّ صفقة ستعيد للطفولة ملامحها؟ أي جرّاح تجميل سيعيد لها فراشات الحقول لترتع وتمرح في صدرها من جديد؟، ومن سيزرع في روحها كروم العنب والرمان والزيتون عوضاً عن حقول الألغام؟

وأي رسّام سيعيد مهرجان الألوان لمآقيها التي رمّدت بالغازات السامة وأدخنة القنابل والحرائق؟، وأيّ يد ستصافح لتُسكن رعشة القلوب التي تآكلت جدرانها بصوت الطائرات والبراميل المتفجرة والمفخخات؟

وأي أغنية سترددها حناجر ضامرة بحّت من كثرة البكاء والصراخ والأنين؟، وأيّ حلم سيحلّق في مخيلة أثقلتها صور القتل والدمار؟، وأي أمنية ستنبت في صدور غضة ملئت بالخوف والترهيب؟