الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

سارقو الأوقات

كثيرون منا لا يجدون الوقت الكافي للقيام بمهام يحبونها أو للانتهاء من واجبات وظيفية وعملية مهمة، الشكوى من قلة الوقت وعدم وجود مساحة من الزمن تكاد تكون شكوى متواصلة وأيضاً ممتدة ولا حدود جغرافية توقفها، الجميع يتشاركون التذمر من فقدان الوقت، تأتي أشكال الشكوى بعدة أوجه ولغات وقصص، لكن الجانب المشترك بين الجميع هو محدودية الوقت، وهذه حقيقة فاليوم 24 ساعة فقط، بينها ساعات نوم وساعات عمل وساعات أخرى تمضي في جوانب حياتية ملحة ومهمة مثل تناول الطعام والاغتسال ونحوها، ورغم أن هذا التوزيع يظهر لنا تضاؤلاً في الفترة الزمنية وشحها إلا أننا نملك الكثير من الوقت لكننا نهدره دون أن نعلم أو نفقده بخفة ودون الشعور بهذا الفقد. وجميعنا يعلم تلك المقولة التي تترد في أمثالنا العربية: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك». وهي تعني أن عدم استغلال الوقت يعني فقدك له وهو ما يعني خسارتك، والقطع هنا للتشبيه، وهناك مثل آخر يقول: «الوقت كالذهب» ودلالاته واضحة من خلال التشبيه في الثمن والندرة، والإنجليز يرددون مثلاً شهيراً لديهم يقول: «أي جريمة أكبر من تضييع الوقت». وهناك الكثير من الأمثال الشهيرة في عدة مجتمعات ومن أمم وشعوب مختلفة، تتحدث عن قيمة الوقت وأهميته، وهذا يوضح أن الإنسان أدرك قبل عصور وأزمان ماضية معنى أن تفقد الوقت دون أي فعالية ودون أن تقدم منجزاً أو أن تتعلم وتفيد، فهذا الاهتمام بالوقت وعدم إهداره أو التباكي على محدوديته ليس وليد هذا العصر المتزاحم بالمعلومات، بل هو قديم حتى تحول إلى ما يشبه الخرافة، كما قال عنها الدكتور الراحل إبراهيم الفقي، خبير التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية: «إن التحرر من خرافة عدم وجود الوقت الكافي هو أول المحطات التي ننطلق منها إلى حياة منظمة واستغلال أمثل للوقت والحياة بشكل عام». الوقت كما هو لم يحدث فيه زيادة ولا نقصان المشكلة لدينا نحن، وهي في فن إدارته ومعرفة كيف نفقده ومن الذي يسرق لحظاته الثمينة من بين أيدينا.