الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فنادق وحناجر .. لا خنادق وخناجر!!

فنادق وحناجر .. لا خنادق وخناجر!!

محمد أبو كريشة

المصالحة مع إسرائيل أقرب مليون مرة من المصالحة بين فتح وحماس، وبين المتصارعين في ليبيا والعراق وسوريا واليمن ولبنان .. فالصراع الآن عربي -عربي، وليس صحيحاً أن فلسطين لا تزال قضية العرب الأولى، بل لم تعد قضية العرب الأخيرة.

والمشكلة أننا لا نزال نفكر داخل الصندوق العفن، الذي لم تعد الأفكار فيه صالحة للاستهلاك الآدمي، وأما أولويات العرب فتغيرت تماماً وانقلبت رأساً على عقب، لكن النفاق هو الذي يدير الحركة، ولا نزال نتحدث عن الكيان الصهيوني، والعدو الإسرائيلي، بينما العداء العربي ـ العربي بلغ مرحلة اللاَّعودة.

ربما يعود هذا إلى أن فكرة العروبة، والقومية العربية، والأشقاء العرب قامت أساساً على الكلام والشعارات التي لا مضمون لها، فعندما تغيرت المعادلات وموازين القوى والتوازنات أصر العرب على ألا يراوحوا مكانهم، وبالغوا في عملية إنكار الواقع، فغادرنا الزمن وغادرتنا الأحداث، ونحن لا نزال نلعب بقواعد اللعبة القديمة ونخسر في كل مرة.


إن قضية فلسطين انتهت تماماً اعترفنا أو أنكرنا، ونحن نتحدث الآن عن حل الدولتين الذي تجاوزه الزمن، وأصبح البحث عن حل الدول الثلاث؛ دولة إسرائيل ودولة فتح ودولة حماس، وأصبح الشعب الفلسطيني رهينة القوى الثلاث إسرائيل وفتح وحماس.. وانتصرت إسرائيل انتصاراً حاسماً دون أن تطلق رصاصة واحدة.


لا يزال العرب يتحدثون عن المقاطعة ورفض التطبيع واللامصالحة واللاتفاوض.. وقد لعبت إيران وتركيا على العرب بورقة فلسطين والقدس ورسختا الانقسام بين فتح وحماس، حتى اقتنعت الشعوب العربية بأن استرجاع القدس لن يكون إلا بيد إيران وتركيا القوتين الإسلاميتين.. وهكذا تبتلع الشعوب الطعم تلو الآخر تحت لافتة القومية مرة، وتحت لافتة الإسلامية مرة أخرى، بينما التحالف بين كل من إيران وتركيا مع إسرائيل لا تخطئه إلا العين العربية العمياء.

ولم يعد أحد يتعاطف مع غزة كما تريد حماس عندما تضربها إسرائيل، لأن دولاً عربية كثيرة تتعرض على أيدي أبنائها لقتل ودمار أضعافاً مضاعفة، وحكاية إعمار غزة فقدت معناها لأن دولاً عربية كثيرة تحتاج إلى إعمار أضعاف ما تحتاج إليه غزة.

إن قضية فلسطين أضحت قضية افتراضية حبيسة الأوراق، والبيانات، ومواقع التواصل، لكن في الواقع لا وجود لها، فلا قضية ولا فلسطين ولا عرب أيضاً ... قضية فلسطين صارت وربما هي كذلك منذ بدأت.. قضية فنادق لا قضية خنادق.