الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عقوبة الإرهاب

قبل أيام قضت محكمة الإرهاب في «سلا» المغربية بإعدام المنفذين الرئيسيين لجريمة ذبح السائحتين الاسكندنافيتين، وسجن آخرين، بعد مبايعتهم تنظيم «داعش» وفشل أحدهم في الالتحاق به.

وعلى الرغم من أن حكم الإعدام في المغرب لم ينفذ منذ تسعينيات القرن الماضي رغم النطق به، إلا أنه في هذه القضية، أثار ردات فعل متباينة بين مرحب به، ضمنهم أهالي الضحيتين، وبين غاضب منه، لا سيما من المدافعين عن الحق في الحياة.

وبين وجهتي النظر، هناك واقع أشد تعقيداً يواجهه العالم، وهو كيفية التعاطي مع المقاتلين الإرهابيين في سوريا والعراق، فبعض الدول وتحديداً الأوروبية، رغم رفضها لعقوبة الإعدام نجدها تؤيد تنفيذه على مواطنيها المقاتلين المعتقلين في السجون العراقية والسورية، بل وأكثر من ذلك، فقد أفادت بعض التقارير أن هناك دولاً أرسلت أجهزتها الاستخباراتية من يتولى عملية التخلص من مواطنيها قبل عودتهم إلى أراضيها لما يشكلونه من تهديدات أمنية.. فهل تنفيذ عقوبة الإعدام في حق أشخاص يعتبرون الموت «شرف» و«شهادة» وتأشيرة دخول للجنة حسب اعتقادهم، هو رادع للإرهاب ويثني عن ارتكابه؟.


بالتأكيد لا، فالموت أو الإعدام بالنسبة لهؤلاء والجماعات التي ينتمون إليها، هو جائزة وليس عقوبة، ما يدعو للبحث عن آليات أخرى لردع الإرهاب، وصياغة استراتيجيات واضحة للتعامل مع المقاتلين العائدين، وهذا الحل يجب أن يتضمن منع أسباب التطرف كأحد الآليات الوقائية، تقديم الأشخاص المتورطين إلى العدالة والحكم بما تقتضيه قوانين الإرهاب الخاصة بكل دولة، دون أن تغفل هذه الأخيرة، عن الحاجة إلى برامج إعادة الإدماج وإعادة التوجيه داخل المجتمع، وتقديم الرعاية النفسية والدينية والاقتصادية لهم، والبحث الدقيق في خلفية كل حالة على حدة، ودوافع تبنيها للفكر المتشدد والتحاقها بتنظيم إرهابي، فإذا كان للبعض أسباب أيديولوجية يصعب تغييرها ومراجعتها، فالبعض الآخر ربما تكون لهم دوافع نفسية أو اقتصادية واجتماعية وسياسية يسهل تفكيكها بالحوار.


إن ظاهرة الإرهاب بما فيها قضية العائدين، تستدعي استراتيجيات شاملة متكاملة، والإعدام أو السجن المؤبد على كل من التحق بتنظيم إرهابي، من شأنه أن يعزز الشعور بالمظلومية له ولعائلته، كما أن إسقاط العقوبة والالتزام فقط بخطط إعادة الإدماج يمكن أن يُعرض الأمن القومي للدول لمخاطر وتهديدات كبيرة.