الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل الكرم صفة عربية؟

البيئـة العربية الصحراوية قاسية وقاحلة وشحيحة الماء والكلأ، وقد تطبَّع الإنسان العربي بمعظم صفاتها إن لم يكن بجميعها، وعلم منذ تجاربه الأولى أنه لن يبقى على قيد الحياة إلا بتوافر صفتين فيــه، الأولى: الشجاعة في الغزو على الغريب، والثانية: كرم القريب عند الضعف، وقد سما الأقوياء بالشجاعة، وهي تفرض بالمواقف، ومجّد الضعفاء الكــرم، مع أن هذا الأخير اختيار، وقد رسم المجتمع العربي صور زاهية الألوان للكرم والكرماء وربطها بالعرق ـ بغض النظر إن تلك الصورة حقيقية أو زائفة ـ وجعلها فرضاً على الجميع ليأمن بقاءه في هذه البيئة الشحيحة.

في هذا السياق تعرف الدكتورة موزة السبوسي، استشارية علم النفس والسلوك: «الصورة النمطيّة في علم النفس الاجتماعي على أنها تعميم أو فكرة مصدق عليها على نحو واسع اتجاه مجموعة من الأشخاص أو سلوك معين غالباً ما يكون مبنياً على العرق أو الديانة أو التوجه السياقي أو التوجه الجنسي».

من ناحية أخرى فإن بعض الصور النمطية يكون له قدر من الصحة، لكن الغالب منها قد يكون خاطئاً، وبالعودة إلى صفحات التاريخ وروّاته، فإننا نجدهما يشحان علينا بأسماء الكرماء من العرب ولا يكاد يذكر إلا حاتم الطائي، بل أن كثيراً من رواة العرب يرى «أنه كان في المقدور تجنب حرب البسوس بين أبناء العمومة من قبيلة تغلب بن وائل وقبيلة بكر بن وائل لو كان هناك رجل ذو كرم بينهم»، كما أرجع بعض الرواة ردة كثير من العرب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى البخل، وذلك لرفضهم دفع الزكاة، مع أن الله أنزل في كتابه الحكيم الكثير من الآيات التي تحذر من الشح والبخل وعواقبهما، وقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على العطاء والكرم، ونبَّه وأنذر من البخـــل لعلمه بطبع البشر.


لقد أظهر مؤشر العطاء العالمي لعام 2018 الذي يصدر عن مؤسسة الأعمال الخيرية البريطانية بأنه لا توجد علاقة بين الكرم والقوة الاقتصادية، حيث إن من بين عشرين دولة الأكثر كرماً في العالم هنالك ست دول من دول الـ 20 الأقوى اقتصادياً، وقد تصدرت لائحة الدول الأكثر كرماً في العالم إندونيسيا وأستراليا ونيوزلندا والولايات المتحدة الأمريكية وإيرلندا، كما احتلت مملكة البحرين المركز العاشر ودولة الإمارات العربية المتحدة المركز الـ 12، بينما تذيلت القائمة الصيــن واليونان واليمن.