الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تألم بعمق الألم

عادة ما تواسي الصديقات بعضهن عندما يعتري إحداهن مصابٌ أو يصيبها ما يثير الشجون والحزن لدرجة البكاء، فتُهدئ الواحدة صاحبتها وترجوها ألا تبكي وأن تنسى مصابها وتداوي جُرحها بالصبر، وتحاول الانشغال عن ذلك بالتفكير في الخروج أو النوم، لكيلا تشغل بالها بما حدث وألا تتألم.

المصاب عادة ما يكون مرجعه إما القدر وهو ما ليس لنا يدٌ فيه، ولا يمكن لنا فعل شيء للحيلولة دون حدوثه، وإما أن يكون بشرياً فنكونُ نحن المتسبّبين في حدوثه من خلال الإهمال أو سوء التقدير أوالكسل، وقد يكون المتسبب فيه أحد المقربين، الذين أحسنا الظن بهم فخذلونا وصدمونا بسلوك أو تصرف لم نكن نتوقعه منهم، فيأتينا الشر من حيث نشعر بالأمان فتكون الصدمة كبيرة.

في الظروف التي تكون قَدرية المرجع؛ يكون الصبر والنسيان والانشغال بما يلهينا عن التفكير والتقوقع مع الأحزان هو النصح المناسب، إذ لا يمكننا تغيير القدر، أما عندما يكون مصابنا بشري المرجع والمصدر فليس من المجدي أن نعزي الصديق المكلوم والحزين بالنسيان وعدم الاكتراث، بل ندعه يتألم، بل ويتعمق بالألم حتى الذروة، ويبكي بحرقة، فلولا الألم ما صدر القرار بالتغيير.


عندما جلست إحدى السيدات الحكيمات مع صديقتها التي كانت تتألم وتبكي بحُرقة بسبب صدمتها بما فعله أحد المقربين منها، وهو إحدى الركائز التي تتكئ عليها لتشعر بالأمان، أحد الذين لا تتوقع أن يأتيها الضرر من طرفهم، حينها حرّضتها على المزيد من البكاء والألم.. حتى تخرج بقرار يُغير المسار.