الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خارج الظلال

متى يحدث وتغادر المرأة منطقة الظل كلياً؟ سؤال أطرحه على نفسي وأنا أطالع ما تذهب إليه الكاتبة الأمريكية جانين دي جيوفاني في كتابها The morning they came for us، حيث تقدم شهادات حية، وحارقة جداً عن مشاهداتها لما يحدث في سوريا، مع تفاقم الأوضاع العنيفة فيها وتشتت الفرق المتقاتلة على امتداد مناطق واسعة في العام 2012.
تذهب «جانين» إلى سوريا كما ذهبت من قبل إلى فلسطين والبوسنة لتدوّن أحوال الأطراف ووجهات النظر، مسلطة الضوء بالدرجة الكبرى على الناس المدنيين، إلا أنها في بضع مواضع من الكتاب تنتحي لتتناول بتركيز أكبر المرأة في الحرب، التي وجدت نفسها بين يوم وليلة في مواجهة صوتها الخاص، وضرورة أن تتخذ خيارات فتخرج لتواجه العالم، وتعد خطط نجاة لتحمي الصغار، أن تعمل إذا انقطعت مصادر الإعالة بعد غياب الزوج أو الأب، فكيف بامرأة كانت تجد حياتها مرتبة ترتيباً كاملاً منذ ولدت، بحيث يغيب صوتها ورأيها لتواجه هذا العالم بلا أي إعدادات؟
ورغم أن الأغلبية من السيدات استطعن أن يجتزن الصعاب بقوة، فإن كثيرات غيرهن بقين عاجزات عن النجاة، منهارات، ومساقات لمصائر بشعة، لقد فشلن في اختبار أصواتهن والنجاة بأنفسهن وأسرهن، وفي الوقت الذي لا يزال كثر ينظرون إلى فكرة أن تستقل المرأة بقرارها وعملها ومصيرها على أنه حاجة ترفية غير ضرورية، تجدنا نتساءل: هل يحتاج الأمر لمنطقة مشتعلة أخرى حتى يتم إدراك الأمر؟، فاستقلال المرأة وتمكينها ليس حاجة ترفية، إنه تهيئة مهمة لتكوين شكل بشري وإنساني ومجتمعي راسخ، لا يذوي أمام أول حاجز ولا يفنى بفناء الظروف المعتادة فيه، لم يعد الأمر مجرد خيار مطروح، تكون فيه المرأة ظلاً لشخص ما، عليها أن تسعى لتكون كائناً خارج الظِلال، مستعد لأن يواجه العالم بكل ما له وعليه.استقلال المرأة وتمكينها ليس ترفاً بل تهيئة مهمة لتكوين مجتمع راسخ