السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

من فضول القراءة

فجأة عادت بي ذاكرتي إلى معرض إندونيسيا الدولي للكتاب الذي عقد قبل مدة، وما زخر به من أمهات الكتب العالمية المترجمة للغات متعددة، كما توقف شريطها عند مشاهد أهم النشاطات والمحاضرات الثقافية العلمية، التي احتضنتها أجنحة المشاركين في المعرض، وأخص بالذكر جناح (مجلس حكماء المسلمين)، الذي سعدت بالمساهمة فيه بلقاء عنوانه: (من فضول القراءة).

في البداية أستأذن في نكتة علمية وفذلكة لغوية، وهي أن بعض الدارسين يجمعون كلمة (فضل) على (فضائل)، وهذا خطأ لغوي مشهور، والصحيح هو أن نقول (فضول)؛ فالقياس في جمع (فضل) وهو على وزن (فَعْلٍ)، أن يجمع على (فُعولٍ) فيـقال: (فُضُولٌ)، وجمعه على (أَفعَالٍ) خارج عن القياس.

قال جرير الكلبي الشاعر العربي المعروف، والمخضرم بين هجاء ومدح:


«لكـم فرع تـفـرع كـل فـرع * وفَضل لا تعـادله الفـضـول»..


في مقالي هذا سأترك عمداً الحديث حول فضل القراءة، وما ذكر حولها من الآيات العظيمة، والأحاديث الشريفة، وسأتعمد عدم ذكر ما تزخر به بطون الشعر، وأمهات كتب الأدب العربي وغيره، فغالب القراء يعرفون ذلك، فحسبي هنا تكرار قول القائلين: «القراءة غذاء الروح»، وقد تكون هي الروح نفسها.

يقول الحكماء: «قل لي ماذا تقرأ.. أقل لك من أنت»، وهو قول صائب وجميل إلى حد بعيد، إذ إن عقل الإنسان بدون القراءة يذبل، ويخفت بريقه، ومع انعدامها يكثر الجهل والرذيلة حتماً، كما ربط بينهما (أفلاطون)، تلميذ (سقراط) بقوله: «الجهل منشأ كل الرذائل».

إن القراءة تزيد متعة العمر؛ يقول عباس محمود العقاد الأديب المصري المشهور والمفكر المرموق: «لست أهوى القراءة لأكتب ولا لأزداد عمراً في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني لأتحرك على ما في ضميري من بواعث الحركة.. القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب».

هي تنمي ثقة الإنسان بنفسه، وتجعله أكثر كفاءة في القيام بأي إنجاز عملي، وتجعل قراراته أكثر فاعلية وعمقاً وحكمة، وتزيد من فهمه للأمور وخباياها، وقدرته على تحمل المسؤوليات والواجبات.