الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

القروي.. إشكال دستوري

باقتراب موعد الانتخابات التشريعية في تونس، يزداد الغموض المتصل بالانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، حيث تحتدمُ المعركة التشريعية ولكن وقودها وحطبها معركة رئاسة البلاد.

يقتربُ الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في تونس الذي ينتظم يوم 13 أكتوبر الجاري (إن لم تطرأ موانع قانونية تحول دون تنظيمه) ولا يزال الوضع ملتبسا ومؤهلا نحو المزيد من الغموض.

تتداعى الأحداث المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، يتواصل السجن الاحتياطي للمرشح نبيل القروي رغم انطلاق الحملة الانتخابية منذ الخميس الماضي، وقبل ذلك رفضت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس، الثلاثاء الماضي، مطلب الإفراج عنه، وفي اليوم نفسه وجّه القروي رسالة غاضبة إلى راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، ضمّنها موقفه من اعتقاله ورفضه التحالف مع حركة النهضة «أرفض التحالف معكم لأنّكم لجأتم مع حلفائكم في الحكومة إلى الجناح القضائي لتنظيمكم السري لإيقافي، ثم إبقائي في السجن وإقصائي وتغييبي من الساحة السياسية».


قد يبدو إيقاف مرشح رئاسي، بغض النظر عن التهم الموجهة له، مشكلة قانونية أو دستورية، إلا أن ما يدور في أروقة الأحزاب ومقرات الحكم، إضافة إلى ضراوة المعركة التشريعية، عوامل توحي بأن المسألة سياسية منذ بدايتها.


لقد خرجت القضية من دائرة القضاء، وتجاوزت الصلاحيات المخولة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ما أكد أن المعضلة التي تتجه نحوها البلاد لا تعالج إلا بدواء من جنس مسبباتها نفسه.. القضية سياسية وحلّها سياسي، ولذلك عجز القضاء عن إصدار القرار بالإفراج عن القروي، مثلما عجز عن إصدار حكم باتٍّ بسجنه.

وإذا ربطنا هذا التصور، الذي ينتاب قطاعات واسعة من التونسيين، حتى ممّن يختلفون مع القروي، بما ورد في رسالة القروي للغنوشي يمكن تبين أن لأطراف الحكم ضلوعا في الأمر.

لقد جاهر القروي منذ البداية باختلافه مع يوسف الشاهد، وغرد بعيدا عن الائتلاف المرتجل بين النهضة ونداء تونس (حزبه القديم الذي ساهم بفعالية في نجاحه في انتخابات عام 2014)، وبذلك جمع عداوة النهضة وخصومة الشاهد، ثم أثبتت استطلاعات الرأي تقدّمه في نوايا التصويت.. هنا سُحبت الملفات القديمة التي لم تكن خافية منذ سنوات على الطرفين (النهضة والشاهد).

المفارقة السياسية التي رافقت كل تخوم الحدث السياسي التونسي، هي أن الأطراف، التي حولت القروي إلى«بطل قومي»، هي نفسها التي تحوّله الآن إلى «إشكال دستوري»، وفي تحوّل القروي من بطل إلى إشكال اختصار لكل أسقام الساحة السياسية التونسية.