الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

سحر أكسير الحياة

سحر أكسير الحياة

الساحة 1

بقلم: سميرة الحوسني باحثة وتربوية ـ الإمارات

لعلنا سردنا العديد من الحكايا كي ننام، فكثيراً ما كان النوم هو المخلص، ولكن هل لنا أن نروي صباحاً ونسرد لنستيقظ؟! و لِمَ لا؟!.. هنا حكاية أقنعتني أخيراً بالسحر وقوته، ولكنه ليس ذاك الكامن في إكسير الخلود أو بخور الآلهة، ولا هو سحر الكاهن«أشيبوم» السومري، بل إنه سحر الإرادة ونكران المرض.. إنه القوة الكامنة فينا جميعاً نحن البشر ولكنها خامدة عند البعض ومندلعة وحامية عند البعض الآخر.

لكن من هو ذلك الآخر، الذي أدهشني و حال بين نومي و يقظتي؟!.. إنه بقايا هيكل عُثر عليه في كهف شانيدر شرق أربيل في شمال العراق لرجل في الأربعين من عمره، كان قد عاش مشلولاً في الطرف الأيمن من جذعه كما وضحت الدراسة الدقيقة لعظامه، والسحر في ذلك أن الدراسة بينت أن رجل الإرادة ذاك، كان قد استعان بأسنانه لتعويض حركة ذراعه اليمنى، وليصل إلى عمره الزمني الذي انتهى بدفنه بطريقة عالية الحذر وواعية، بالحفاظ على جزء مشلول قد يكون أسرع فقداً من غيره تحت تراب الأرض الحارقة ولعصورٍ فائقة الحرق والبنيان.


ذاك هو سحر الإرادتين، إرادة الانتصار على العجز في زمن كان هو المسؤول عن بداية تكنولوجيا البشرية وتدوير العجلة وتصنيف الطب تحت أيادي أطبائه الأوائل كالطبيب لولو، وإرادة الحب التي أسهمت بالحفاظ على الرجل في حياته بكل تلك العناية، وحمت هيكله أيضاً بكل الحب من رفاقه والأفراد والجماعة التي عاش معها لتكون قصته من الولادة إلى الموت، سحر إكسير الحياة البشري الحقيقي في عصر ما بعد الحجري..