الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

عودة لحبيبي الظالم

عودة لحبيبي الظالم
بقلم: منى صالح النوفلي كاتبة وقاصة ـ الإمارات

منظر الطبيعة الخلاب يحيط بأنظار الجالسين في الردهة الخارجية لمطعم” نغر” للمأكولات البحرية، الذي أحبت شمسة ارتياده، لأن فيه كللت بخطبتها من عبد الرحمن.

وإلى ذلك المطعم، دعت زميلتيها في العمل عائشة ونورة لتناول الغداء، وعلى طاولة الطعام قالت نورة:


ـ هل لاحظتما سرعة مسؤول الموقع في اعطاء المعلومات؟.


علقت شمسة، قائلة:

ــ نعم، ولكن استطعنا تدوينها للتقرير.

عائشة:

ــ يبدو لي أنه عنصري تجاهنا، ربما كوننا فتيات.

شمسة:

ــ بل كان متعاونا.. ألم تريْ..

صمتت محدقة ولكن سرعان ما رسمت ابتسامه على شفتيها ونظرها الموجه إلى عبد الرحمن الجالس مع رفيقه. كان خطيبها ينصت إلى حديث رفيقه ولكنه يسلط عليها تلك النظرات القاسية.. أرسلت له رسالة نصية عبر هاتفه تقول، فيها:

ـــ دائما الصدف السعيدة تجمعنا هنا

راقبته إلى أن قرأها، لكنه انصرف غاضبا، اتصلت به فاغلق هاتفه، زاد قلقها فاتصلت بأخته فاطمة طالبة منها طمأنتها عليه، وظلت شمسة تنتظر ردا يخمد بركان قلقها طوال الليل حتى استيقظت على تسلل أشعة الشمس من نافذة غرفتها، تفحصت هاتفها، وأخيرا تلقت رسالة منه تقول:

ــ سوف ألغي جميع ترتيبات العرس.. أتمنى لك حياة سعيدة مع زوج آخر.

وقعت مغشية عليها، ثم استفاقت لتجد نفسها مستلقية على سريرها، وبجانبها والدتها.. قالت لها مؤازرة:

ــ حمدا لله على سلامتك.. والدة عبد الرحمن كانت متأسفة وهي تنقل لي الخبر، لا تحزني سوف يُعوِّضك الله خيرا.

شمسة بأسى:

ــ لماذا يا أمي؟.

لم تجد شمسة إجابة، ولكنها اكتفت خلال الثلاثة أشهر التي مرت بتفويض أمرها إلى الله، ليجبر كسرها.

أثناء استراحة العمل، جلست شمسة مع زميلتها عائشة في الكافتيريا.. قالت عائشة:

ــ علمت بانك فسخت خطبتك، لا تقلق الفرص أمامك كثيرة.. ابحث عنها بنفسك.

اندهشت شمسة، وقالت:

ــ ماذا تعنين؟.

ضحكت نورة قائلة:

ــ افعلي مثلي.. أنا أبحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نتحدث ثم نتقابل، وإن فشلت نترك بعضنا بهدوء.

ردت شمسه متلعثمة:

ــ والتربية والأخلاق.. أين محلهما لديك؟

ـ ردت عائشة باستهزاء:

أنت من زمن الطيبين

قاطعتها شمسة قائلة:

ـ بل متمسكة بقيم مجتمعنا حتى لا تختلط مع ما هو دخيل.

تأففت عائشة قائلة:

ـ انظري إلى هذا الشاب الوسيم.. لقد انتهت علاقتنا منذ سنة كونه يحمل أفكارك.

شاحت شمسة بوجهها رافضة الامتثال، ولكن وقعت عيناها على الهاتف فانتشلته من يدها بدهشة، وشردت بفكرها قليلا، ثم وقفت قائلة:

ــ اسمحي لي سوف أعود إلى المكتب

ناولتها هاتفها واتجهت مسرعة نحو المكتب، مردده في نفسها:

ـ إنه رفيقُهُ

التقطت هاتفها من حقيبتها، وأرسلت لعبد الرحمن رسالة نصية، تقول:

ــ اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة.. لقد أثبت أنك لست جديرا بالزواج بي.

بعد دقائق انهالت عليها الاتصالات من عبد الرحمن لكنها لم تجب.

مضت أيام شعرت فيها شمسة بالراحة والثقة بالنفس، وفي مساء يوم ممتع بمشاهدة التلفاز بغرفة الجلوس سمعت شمسه صوت والدتها تقول:

ــ تفضلي فأنت لست غريبة، شمسة بالداخل.

اتجهت شمسة نحو باب الغرفة مستعدة لاستقبال الزائر.. إنها والدة عبد الرحمن تحمل باقة من الزهور محاطة بعلبة حمراء مغلفة، مكتوب عليها:" الى ابنتي شمسة".

رحبت بها شمسة، ثم جلستا بالقرب من بعضهما على الكنبة، وبدت أم عبد الرحمن مترددة في الحديث ثم استجمعت جرأتها قائلة:

ــ لم أعلم السبب منذ أصرًّ عبد الرحمن، ولكن علمت اليوم ما حدث لك اليوم فقط، وقد تركت عبد الرحمن في المنزل نادما متشوقا إليك لتبدئي معه حياة مليئة بالحب والسعادة.. لقد لقنتهِ درسا ،والعفو من شيم الكرام.

احتضتنها شمسة، ثم قالت لها وهي متبسمة:

ــ وانا لا أرد طلباَ لاُمِّي.