الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الزحام والرحمة

في ساعات الصباح الأولى يبادر الموظفون بالذهاب إلى أعمالهم، فالكل مسرع يريد أن لا يتأخر عن عمله، وهذا أمر إيجابي وسلوك طيب..

وبعد نهاية العمل فكلنا يريد أن يصل إلى منزله بسلام وخير، وفي أثناء التوجه إلى العمل والحرص على الفرار من الزحام تظهر أخلاق بعض السائقين والسائقات، فتشعر أن قلوب بعضهم لا تعرف الرحمة أبدا، فلو كان الذي أمامهم كبيرا في السن لا يقود سيارته بسرعة كبيرة لوجدت من خلفه يبادر بإيذائه بأنوار سيارته القوية، دون مراعاة لسن هذا الرجل وشيبته، فإن أبدى هذا المسن شيئا من الاعتراض فقد يبادر بعض أصحاب القلوب القاسية بسبه وشتمه وقد يتطور الموضوع إلى ما هو أسوأ، وأحيانا ترى العكس من ذلك فهذا شاب يقود سيارته الفارهة على أقصى اليسار، بسرعة بطيئة جدا، لأنه يشاهد مقطعا مضحكا وصله على الهاتف، دون مبالاة منه بمن خلفه، فإن حاولوا تنبيهه بلطف وهدوء بادر بإمساك الفرامل في أذية واضحة لمن خلفه، وهذه الأمثلة جزء لواقع نشاهده بوضوح في شوارعنا، خاصة إذا كان المخطئ ضعيفا وسيارته ضعيفة فالويل ثم الويل له من أصحاب القلوب الغليظة، وتجد هذه الرعونة أيضا مع حافلات المدارس التي تنقل الطلاب والطالبات إلى مدارسهم، فسائق الحافلة قد يضطر إلى عدم الإسراع بسبب وضع الطلاب والأطفال، أو يضطر إلى الانتقال من حارة إلى أخرى، إلا أن بعضهم لا يراعيهم أبدا ويزعجهم بأصوات منبه السيارة.

وليس اللوم في هذه المسألة على شرطي المرور أو أجهزة الشرطة فماذا يفعل الشرطي بشخص تحجر قلبه لا يراعي امرأة كبيرة في العمر ولا رجلا مسنا؟!، وماذا يفعل شرطي المرور بمن يرى هذه الثقافة هي الصواب؟.


والعجب العجاب أنك تجد من يقود سيارته برعونة كبيرة إن سافر إلى دول أخرى خاصة الأوربية منها، تقيد بأنظمة المرور واحترام الآخرين والمشاة وأعطاهم الزيادة على حقوقهم في لين ورحمة وحسن خلق!!.


إن قيادة السيارة كما كنا نسمع من قبل ( فن وذوق وأخلاق )، ولكن يبدو أنها الآن ( عناد ورعونة وانعدام رحمة )، وإن لم يراجع كل سائق نفسه فالمسألة قد تتطور إلى أبعاد أخرى، ولو بدأ كل سائق بنفسه وتقيد بأنظمة المرور وكان صاحب حلم على الآخرين فحتما ستختلف المسألة.