الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

لحظات فارقة في تاريخ «السوشيال ميديا»

ربما يتذكر معظمنا أول صفحة شخصية أنشأها على إحدى الشبكات الاجتماعية منذ فترة ليست بالبعيدة، وقتها كان الموضوع لا يتجاوز تجربة تطبيق جديد مثلما يحدث كل يوم، ولكن الشبكات الاجتماعية أثبتت أنها تختلف عن كل التطبيقات التي عرفها العالم، حيث تمكنت من التطور وتغيير الكثير مما يعرفه العالم خلال سنوات قليلة، وفي السطور المقبلة نستعرض مجموعة من أبرز المحطات التي صنعت تاريخ السوشيال ميديا خلال العشرين عاماً الماضية.

مولد فيسبوك

تمتلك شبكة فيسبوك حالياً نحو 2.3 مليار مستخدم نشط أو ما يقرب من ثلث سكان الأرض، والشبكة تستحق الإشارة في هذا الاستعراض بالنظر إلى حجمها الهائل، ومستوى التأثير الذي أحدثته على الأفراد والعائلات والأصدقاء والأعمال والأحداث العالمية.


والحقيقة أنه يصعب الآن تخيل شكل العالم لو لم تكن شبكة فيسبوك قد استطاعت أن تأسر قلوب وعقول الكثير من البشر بالطريقة التي أحدثتها، ومن اللحظات المهمة في هذا التاريخ الحوار الذي أجرته شبكة CNBC مع مارك زوكربيرغ مؤسس الشبكة عام 2004 عندما سأله المحاور: «كيف ترى الحجم الذي ستصل إليه الشبكة التي أنشأتها؟». بعد ست سنوات فقط من هذا اللقاء، احتل زوكربيرغ غلاف مجلة «تايم» كشخصية العام، واستطاعت تلك الشبكة الاجتماعية أن تغيّر بشكل جذري الوسائل التي يتواصل ويتفاعل بها الناس على كل المستويات.


معجزة نهر هدسون

كان ذلك في يوم 15 يناير عام 2009، عندما انطلقت طائرة الخطوط الجوية الأمريكية من مطار لاجارديا في نيويورك، وقبل أن تصل إلى ارتفاعها الأقصى اصطدمت بسرب من الطيور، وخلال لحظات توقف المحركان عن العمل، ولم يجد الكابتن أمامه إلا محاولة الهبوط على سطح نهر هدسون. وبطريقة تقارب المعجزة استقرت الطائرة بسلام على صفحة النهر وتم إنقاذ كل الركاب البالغ عددهم 155 شخصاً.

في تلك اللحظة حدث شيء مهم للغاية عندما غرّد جيف كيرمز أحد مستخدمي تويتر بلقطة الطائرة على النهر وخبر هبوطها. لاحقاً، قال جاك دورسي المؤسس الشريك لموقع تويتر، في حوار مع شبكة CNBC عام 2013، إن تلك اللحظة غيّرت تويتر وكذلك الطريقة التي يحصل بها الناس على الأخبار، تغيّر كل شيء عندما تمكن مواطن في موقع الحدث من نقل الخبر إلى العالم للمرة الأولى وقبل أي وسيلة إعلامية.

Viral

رغم شهرته باستضافة مقاطع وملفات الفيديو، إلا أن «يوتيوب» هو الآن أحد أكبر الشبكات الاجتماعية (بمشاركة ما يقرب من 1.5 مليار شخص يستخدمون الشبكة كل شهر)، وهذه الخدمة بدأت ببعض المقاطع المحدودة التي حققت انتشاراً هائلاً، وهذا الاتجاه يطلق عليه حالياً مصطلح Viral أي المقاطع التي تحقق مشاهدات بالملايين في فترة قصيرة للغاية.

وحوّلت فكرة الانتشار الشبكة إلى مركز هائل للترفيه مع إمكانات البث الحي، الأفلام، الموسيقى، المقاطع التعليمية، المشاهير والـ«فلوجر»، وبكل تأكيد «الفيديوهات الناجحة المنتشرة».

في ديسمبر 2005، حقق أول فيديو من هذه النوعية شهرته العالمية، وكان بعنوان «الأحد الكسول»، وهو أحد المقاطع القصيرة التي يقدمها برنامج SNL الشهير بمشاركة أعضاء من فريق العمل، وعند ظهور هذا المقطع على يوتيوب تمت مشاهدته أكثر من خمسة ملايين مرة حتى فبراير 2006 عندما طلبت الشركة المنتجة من الشبكة إزالته.

سيلفي إلين

صورة السيلفي التي التقطتها الممثلة والمذيعة إلين ديجينيرس وتحوّلت إلى عاصفة تجتاح الشبكات الاجتماعية هي مثال للجوانب الإيجابية في الشبكات الاجتماعية. أولاً، هناك حقيقة أن صور «السيلفي» أصبحت العنصر الأساسي في التقاط الصور ونشرها على الشبكات الاجتماعية، وثانياً هي توضح القدرات الهائلة لمنصات التواصل الاجتماعي. الصورة التي جمعت مجموعة من المشاهير المبتسمين وصلت إلى نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون شخص قاموا بإعادة تغريدها، بالإضافة إلى عدد آخر من الملايين الذين شاهدوا الصورة.

ولأكثر من ثلاث سنوات كاملة كانت «سيلفي» إلين تحمل لقب أكثر تغريدة تم إعادة تغريدها في التاريخ.

كان ذلك قبل أن تتجاوزها تغريدة المراهق الأمريكي كارتر ويلكرسون الذي طلب من أحد المطاعم الحصول على وجبة مجانية لمدة عام فطلبوا منه 18 مليون تغريدة لتحقيق الطلب. ومثل النار في الهشيم انتشرت هذه التغريدة على نطاق عالمي وحاول الجميع مساعدة الشاب الأمريكي لتحقيق طلبه، ولم تحقق التغريدة الرقم المطلوب ولكنها أصبحت الأكثر في إعادة التغريد على الإطلاق، كما حصل الشاب أيضاً على وجبة مجانية لمدة عام.

عام في الفضاء

اعتبر الخبراء أن الحملة التي أطلقتها وكالة ناسا للفضاء عام 2016 هي أكثر الحملات تأثيراً في تاريخ السوشيال ميديا، حيث استطاعت #AYearInSpace أن توضح قدرات الشبكات الاجتماعية الهائلة في توثيق الحالة الإنسانية، وكانت الفكرة بمثابة مفكرة يومية لرائد فضاء في رحلته الطويلة، وما جعل هذه المهمة مميزة للغاية هي أن رائد الفضاء سكوت كيللي لديه أخ توأم متطابق كانت ستتم مقارنته بأخيه جسدياً بعد عودته من الرحلة، في محاولة لاكتشاف ما الذي يحدث للجسد البشري بعد تعرضه لظروف الفضاء فترة طويلة. قام رائد الفضاء بالتغريد عبر تويتر بشكل دائم تحت وسم #AYearInSpace الذي قام الملايين بمتابعته، بل إنه استضاف جلسة حوارية على موقع Reddit وهو في حالة الجاذبية صفر.

تحدي دلو الثلج

كان تحدي دلو الثلج شهادة رائعة على قوة الشبكات الاجتماعية في صناعة تأثير واضح لصالح قضايا الخير. فمنذ عام 2014 تمكنت مؤسسة ALS الأمريكية الخيرية من جمع أكثر من 115 مليون دولار لصالح الأبحاث المتعلقة بمرض «لو جريج»، وذلك بمساعدة مباشرة من الشبكات الاجتماعية.

اجتذب هذا التحدي اهتمام مئات الآلاف من الناس ومن بينهم العديد من المشاهير مثل الرئيس الأمريكي السابق أوباما، ولوبرون جيمس، وليدي غاغا، وبيل غيتس وغيرهم، وخلال 15 يوماً فقط من إطلاق الحملة جمعت المؤسسة مبلغ 15 مليون دولار من نحو 308 آلاف شخص يتبرعون للمرة الأولى.

الدعم الإنساني وقت الكوارث

في المواقف الحرجة والكوارث، إن الثواني تعني الحياة أو الموت، وخلال السنوات الماضية ساهمت الشبكات الاجتماعية في أعمال الخير والإنقاذ والدعم في اللحظات التي تلت حدوث بعض الكوارث. مثلاً، بعد لحظات قليلة من هجمات بروكسل الإرهابية اتجه أفراد العائلات والأصدقاء مباشرة إلى فيسبوك وتويتر بحثاً عن أي معلومات عن أي شخص يعرفونه وسط هذه الأحداث. وبعد التفجيرات التي حدثت خلال ماراثون بوسطن اتجه ربع الأمريكيين إلى الشبكات الاجتماعية بحثاً عن المعلومات، وعرض أهالي بوسطن المأوى والطعام على زوار المدينة بعد الأحداث خاصة مع إغلاق الطرقات والفنادق.

وبالعودة إلى أحداث باريس عام 2015، فإن تلك الشبكات وفرت للعديد من الناس إحساس الراحة والتضامن والعزاء والشعور بأنهم ليسوا وحدهم في هذا الموقف. في الحقيقة تعمل الشبكات الاجتماعية الآن كنظام للدعم حتى لو كانت آلاف الأميال تفصل بين البشر.