الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«ليبرا».. خطة «فيسبوك» لاقتحام أسواق المال

تحدثت «فيسبوك» رسمياً الأسبوع الماضي عن العملة الرقمية الجديدة التي تنوي إطلاقها وتحمل اسم «ليبرا»، وأكدت الشركة أن العملة ستكون متاحة للاستخدام اعتباراً من العام المقبل.

وعلى عكس العملة الرقمية الشهيرة «بيتكوين»، فإن ليبرا لم يتم تصميمها للمضاربة، ولكنها ستكون أحد أشكال العملات الرقمية المدعومة باحتياطي من الأصول الحقيقية. وهكذا، في يوم ما سيتمكن المستخدم من استعمال تلك العملة في المدفوعات عبر الإنترنت أو في المحال العادية، كما يقول مسؤولو فيسبوك.

وتتوقع «فيسبوك» أنه في بداية إطلاق هذه العملة سوف تستخدم في تحويل الأموال بين الأفراد الذين لا يمتلكون حسابات بنكية في الدول النامية.


والهدف النهائي لهذه الخطوة هو تقديم أول عملة رقمية للاستخدام على نطاق جماهيري واسع وليس بين جماعات محدودة من المهتمين بالأمور التقنية كما هو الحال حالياً، أو بعبارة أخرى، تقديم طريقة دفع عالمية مركزية مستقرة مثل الدولار، يمكن استخدامها لدفع الأموال مقابل أي شيء، ويمكنها تغطية طيف واسع من المنتجات المالية من البنوك إلى القروض إلى عمليات الائتمان.


وعلى الرغم من أن «فيسبوك» صاحبة الفكرة والتنفيذ لعملة «ليبرا» إلا أن الشركة تخطط لإدارة المشروع عبر مجتمع أكبر من أصحاب المصلحة. حيث شكلت «تحالف ليبرا»، وهو منظمة غير ربحية تتكون من فيسبوك ومعها 27 شريكاً آخر للإشراف على العملة الجديدة وتطويرها. ويشمل هذا التحالف شركات رأس المال الاستثماري، ومنظمات غير ربحية، وشركات تشفير، ومقدمي خدمات مالية، والاتصالات السلكية واللاسلكية.

ويضم التحالف عدداً من اللاعبين الكبار في مختلف المجالات على رأسهم شركة ماستر كارد، وفيزا، وإي باي، وباي بال، وسبوتفاي، وأوبر، وفودافون. وسوف تسهم هذه الشركات أيضاً فيما يسمى بالميزان الاحتياطي للعملة، وهو عبارة عن مجمع أصول يضمن أن تكون كل وحدة من عملة الميزان مدعومة بشيء ذي قيمة جوهرية بدلاً من نظام الندرة البسيطة الذي تعتمده عملات رقمية مثل «بيتكوين».

بالإضافة إلى ذلك، فإن عملة ليبرا لن تكون معادية للبيئة، إذ إنها لن تستهلك كميات هائلة من الطاقة لتعدينها كما يحدث في عمليات تعدين «بيتكوين» على سبيل المثال.

وإذا حققت «ليبرا» النجاح العملي، فقد تمثل أحد أهم المنتجات التي تم إصدارها على الإطلاق في فيسبوك، سواء بالنسبة للشركة أو العالم، حيث يمكنها أن توفر بديلاً منطقياً للنظام المصرفي الحالي، خاصة بالنسبة للملايين في الدول النامية. هذه العملة أيضاً يمكنها أن تجعل «فيسبوك» لا ينفصل عن حياة مستخدميه، وسيكون هذا الأمر مكسباً هائلاً للشركة وسط العديد من الدعوات التي تطالب الحكومة الأمريكية بتقسيم الشركة.

وطبقاً للتصريحات التي أدلى بها دانتي ديسبارتي، رئيس الاتصالات لجمعية ليبرا، فإن ما تستهدفه الشركة من العملة هو «تحسين عمليات الإدماج المالي والاستفادة بالقيمة والمدفوعات التي حققها الإنترنت». سيكون للجمعية أعضاء على مستوى العالم، ولكن مقرها الرئيس سيكون في جنيف بسويسرا المعروفة بعاصمة المال العالمية.

وبعيداً عن الحديث حول المساهمة في تطوير النظام المالي العالمي، فإن فيسبوك تمتلك الكثير من الحوافز التجارية وراء إطلاق العملة الجديدة، حيث أعلنت أيضاً عن إطلاق مؤسسة خاصة لهذا العمل حملت اسم «كاليبرا»، وقامت بتعيين كيفين ويل مدير منتجات تويتر وإنستغرام السابق كمسؤول عن إطلاق المحفظة الرقمية الخاصة بفيسبوك وتطويرها والبناء عليها. وقال ويل إن «كاليبرا» ستكون متاحة عبر تطبيقات فيسبوك وواتس آب وماسينجر، ولكنها أيضاً ستمتلك تطبيقاً مستقلاً يعمل على أنظمة أندرويد وiOS، ومع مرور الوقت فإن الشركة تخطط لبناء خدمات مالية جديدة مثل خطوط الائتمان باستخدام «كاليبرا».

ولأن فيسبوك تمتلك كاليبرا وأيضاً تمتلك مقعداً في تحالف ليبرا، فستكون العضو الوحيد من 29 عضواً في التحالف الذي يمتلك صوتين، ومع ذلك فإن الشكل النهائي للتحالف لم يتبلور بعد حيث أعلنت فيسبوك أنها تسعى لإدخال العشرات وربما المئات من الأعضاء الجدد في التحالف قبل إطلاق العملة عام 2020.

وعن تلك التجربة، يقول ديفيد ماركوس، المسؤول عن عمليات «البلوك تشين» في فيسبوك، والذي كان يدير ماسينجر لسنوات، وعمل قبلها في باي بال: «هذه التجربة تقدم شكلاً جديداً من اللامركزية لأنه لا توجد شركة واحدة يمكنها التحكم فيه»، ولاكتساب ثقة مجتمع المطورين أعلنت فيسبوك أن عملة ليبرا سيتم بناؤها بتقنيات مفتوحة المصدر، ما يعني أنه يمكن لأي شخص أن يستخدم الكود ويختبر منتجات جديدة يتم بناؤها على هذه التقنية.

وتخطط فيسبوك وباقي الأعضاء من جمعية ليبرا لاجتذاب المزيد من الشركاء لإنشاء الشبكة، ويقول ماركوس إنهم سيعملون على جمع الأموال من القطاع الخاص لخلق حيز للناس للبدء بسرعة في استخدام التقنيات القائمة على ليبرا.

وإلى جانب المكاسب المالية الواضحة، فإن فيسبوك تقول إن العملة الجديدة تتوافق مع مهمتها الأساسية في ربط البشر حول العالم، وتقول إن هناك ما يقرب من 1.7 مليار شخص أو ما يمثل 31 في المئة من إجمالي السكان حول العالم لا يتعاملون مع أي بنك في الوقت الحالي، ولا يمكنهم الاستفادة من الخدمات المالية الحديثة، ولذا فإن تقديم خدمات مصرفية مجانية وبأقل تكلفة لهؤلاء الناس سيكون له فوائد هائلة في حياتهم.

وبهذه الطريقة، تقدم فيسبوك عملتها المشفرة كقوة اجتماعية ديمقراطية تماماً مثل الجهود السابقة لتقديم إنترنت مجاني في المناطق النائية، أو الجهود لجذب المزيد من الناس لاستخدام الإنترنت، وهي في هذا الإطار تقدم عملتها كوسيلة مصرفية منخفضة التكلفة، ولكن هذا الكلام لا يمكن الاطمئنان إليه قبل التجربة العملية، حيث فشلت تجارب فيسبوك السابقة في تقديم الإنترنت المجاني نتيجة تدخل أطراف وقوى مختلفة.

وفي هذا الإطار تقول فيسبوك إنها ترغب في العمل مع القطاع المالي وليس المنافسة معه، ويقول ماركوس: «سنرى جهوداً أوضح للبنوك من هذه الفترة حتى إطلاق العملة في العام المقبل، لأننا إذا نجحنا في اجتذاب مليار شخص لاستخدام العملة، فسوف يحتاج هؤلاء إلى حسابات ادخار وقروض والعديد من الخدمات التي تبرع فيها البنوك جيداً».

*رسوم تحويل الأموال

تخطط فيسبوك أيضاً لتخفيض رسوم تحويل الأموال ورسوم المعاملات بشكل كبير من خلال محفظتها المالية «كاليبرا»، وهي خطوة من المؤكد أن يرحب بها المستهلكون الذين كانوا عرضة دائمة لضغوط المؤسسات المالية عليهم.