الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

اقتصاد الإمارات يقاوم تأثيرات التراجع العالمي

شهد الاقتصاد العالمي الكثير من التطورات السلبية خلال الأعوام الخمسة الماضية، والتي أثرت على مختلف دول المعمورة، وساهم تراجع حركة التجارة العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي في خفض أسعار النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل في 2014 إلى أقل من 50 دولاراً، أي أكثر من 50 في المئة، في الأعوام التالية، فضلاً عن تأثر حركة التجارة والاستثمارات والنقل والسياحة، وهي من القطاعات الأساسية في اقتصاد الإمارات.

ورغم هذه التحولات، فإن سياسة تنويع مصادر الدخل التي تنتهجها دولة الإمارات منذ سنوات أسهمت في التخفيف من الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط، الأمر الذي أكدته مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي الذي أقر بقدرة دولة الإمارات على الصمود أمام تداعيات انخفاض أسعار النفط مع امتلاكها احتياطات ضخمة من الأصول الأجنبية، وكذلك تنوع مصادر الدخل في لدولة وفقاً لنسب مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد المحلي خلال السنوات الأخيرة.

وكانت البداية في النصف الثاني من 2014، مع تراجع النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض أسعار النفط، ولكن استطاع الاقتصاد الإماراتي أن يحقق معدل نمو بلغ 4.6 في المئة، مقارنة بـ 4.3 في المئة في 2013، وظل النمو قوياً في الأنشطة غير النفطية، حيث لم يدفع انخفاض أسعار النفط الحكومة أو الكيانات المرتبطة بها إلى تعديل في الإنفاق العام ومشاريع البنية التحتية، خصوصاً أن الإمارات في وضع يتيح لها الصمود أمام انخفاض أسعار النفط بفضل الأصول المالية الضخمة التي تمتلكها صناديق الثروة السيادية المختلفة.


وفي فبراير 2015، أبقت وكالتا ستاندرد أند بورز، وفيتش، للتصنيف الائتماني على درجة التصنيف AA الممنوحة للاستثمارات السيادية لإمارة أبوظبي، مشيرتين إلى قدرة الإمارة على الصمود أمام الاضطرابات التي سادت أسعار النفط بفضل الإجراءات الحكيمة التي اتخذتها لخفض تكلفة الإنفاق الحكومي، وخفض مستويات دين الكيانات المرتبطة بالحكومة، وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في النشاط الاقتصادي.


وشهد العام 2015 نمواً قوياً للقطاعات غير النفطية مع استمرار انخفاض أسعار النفط، وكذلك بدء تطبيق الإصلاحات المتعلقة بدعم الكهرباء والوقود.

وساهم نمو حصة الصادرات في النمو الاقتصـادي، فضلاً عن الطلب المحلي في تعزيز النمو العام، حيث ارتفعت حصة صافي صادرات السلع والخدمات في الناتج المحلي الإجمالي من 6.5 في المئة عام 2010، ليبلغ نحو 20 في المئة عام 2014.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي 3.4 في المئة عام 2015، مقارنة بأربعة في المئة عام 2014 نظراً لتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي الذي ارتفع 2.8 في المئة فقط عام 2015 الذي شهد أدنى مستوى لأسعار النفط في11 عاماً، وبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمال غير النفطي 5.5 في المئة في العام 2015.

وفي العام 2016، بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.6 في المئة مدفوعاً بالقطاعات غير النفطية التي حققت معدل نمو نسبته 2.7 في المئة.

وساعد التنوع الكبير لاقتصاد الدولة على إظهار مرونة كبيرة وقدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، حيث تم اختيار الإمارات من ضمن الدول الواعدة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للفترة 2016 ـ 2018.

وتباطأت وتيرة الإصلاح المالي التي أطلقتها الحكومة في 2015، وتراجع الإنفاق الحكومي 2.6 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016، مقارنة بتراجع 11.5 في المئة خلال الفترة نفسها من العام 2015.

ووفقاً لتقديرات المصرف المركزي، شهد اقتصاد الإمارات توسعاً بنسبة 1.5 في المئة عام 2017، مدفوعاً بنمو القطاعات غير النفطية 2.9 في المئة، ولكن الناتج المحلي الإجمالي النفطي تراجع 1.5 في المئة بسبب اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) على خفض الإنتاج.

وأبدت القطاعات غير النفطية مرونة مدعومة بتوسع التوظيف، وارتفاع الإنفاق الحكومي، وتحسن النمو لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين لدولة الإمارات.

وبلغ معدل التضخم السنوي 1.8 في المئة عام 2017، أي عند المعدلات نفسها للعام 2016، مدفوعاً بارتفاع أسعار السلع القابلة للتداول، حيث قفزت أسعار التبغ والمشروبات 18.3 في المئة بسبب الضريبة الانتقائية التي فرﺿت في أكتوبر.

وارتفعت وتيرة النمو الاقتصادي عام 2018 مدعومة بالزيادة في إنتاج النفط ونمو النشاط الاقتصادي غير النفطي، وفقاً للمؤشر الاقتصادي المركب المعزز. وأدى ارتفاع أسعار السلع القابلة للتداول وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بداية عام 2018 إلى ارتفاع التضخم.

وارتفعت أسعار النفط 30.9 في المئة عام 2018، مقارنة بـ24.6 في المئة عام 2017، لتبلغ متوسط 71 دولاراً أمريكياً للبرميل، مقارنة بـ 54 دولاراً أمريكياً عام 2017. وشهد العام الماضي 2018 زيادة في تقلبات أسعار النفط بسبب المخاوف من تقلص الإمدادات والارتفاع المتوقع في الطلب الذي سيطر على النصف الأول من العام. علاوة على ذلك، فإن التزامات الدول الأعضاء في منظمة أوبك بالخفض المنسق لإنتاج النفط في يناير2017 والعقوبات على صادرات النفط الإيرانية عززا أسعار النفط في النصف الأول من عام 2018.

وأواخر عام 2018، ظهرت مؤشرات على ضعف النمو الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة وبعض الأسواق الصاعدة، وأدت النزاعات التجارية وتطبيع أسعار الفائدة الأمريكية إلى إثارة المخاوف من تراجع الطلب، بينما تسببت الإعفاءات من العقوبات على صادرات النفط من إيران، جنباً إلى جنب مع ضعف الطلب على النفط، في دفع أسعار النفط للانخفاض إلى 54 دولاراً أمريكياً للبرميل في ديسمبر.

وبلغ متوسط إنتاج النفط في دولة الإمارات ثلاثة ملايين برميل يومياً خلال 2018، حيث زاد بنسبة واحد في المئة، مقارنة بانخفاض 3.9 في المئة عام 2017.

وبدأ الإنتاج المحلي في الارتفاع على نحو ملحوظ منذ النصف الثاني من عام 2018 بنسبة 13.1 في المئة على أساس سنوي بمتوسط 3.3 مليون برميل يومياً، حيث أدت العقوبات المرتقبة من الولايات المتحدة على صادرات النفط الإيرانية إلى زيادة المخاوف من تراجع إمدادات النفط، وجاءت هذه الزيادة متماشية مع قرار أوبك بزيادة الإنتاج لتخفيف المخاوف بشأن زيادة أسعار النفط في أعقاب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة مجدداً على إيران وتراجع الإنتاج الفنزويلي.

وأثر الارتفاع في إنتاج النفط الخام إلى جانب ارتفاع الأسعار إيجابياً على الناتج المحلي في دولة الإمارات، إذ زاد نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي على نحو ملحوظ مقارنة بتقديرات سابقة، حيث وصل إلى 2.8 في المئة عام 2018.