الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

بعد أسبوع التفاؤل الحذر.. أين تتجه الأسواق العالمية والعربية؟

بعد أسبوع التفاؤل الحذر.. أين تتجه الأسواق العالمية والعربية؟

البورصات الآسيوية

«كورونا والنفط وبريكست».. 3 كلمات مهمة بالأسواق بعد أن أنهت البورصات العالمية والعربية أسبوعاً يسيطر عليه التفاؤل الحذر الذي دفع مؤشراتها للارتفاع تارة، والانخفاض تارة أخرى.

ومع اتجاه أنظار المستثمرين إلى مشاهد مؤثرة بالشأن الاقتصادي، أبرزها فيروس كورونا المنتشر يومياً، بعد تزايد حالات الإصابة والوفاة، يبقى سؤال حائر، إلى أين تتجه أسواق العوائد والمخاطرة العالية في الأيام المقبلة؟

قال خبراء لـ«الرؤية» إن الأسواق تنتظر مزيداً من التذبذب، وإن المتحكم الأول والأخير في الأداء هو التقارير الرسمية عن تأثيرات أزمة كورونا المتفاقمة التي تستمر في زعزعة ثقة المستثمرين، التي كانت سبباً رئيساً في ختام سلبي للأسواق الأمريكية والأوروبية للنفط، الجمعة الماضية.

وأعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية، يوم الجمعة الماضي، أن عدد ضحايا الفيروس قد بلغ 636 حالة وفاة، وإصابة ما يزيد على 31 ألف حالة مؤكدة.

ودفعت المخاوف من تفشي «كورونا» أسعار النفط لتسجيل خسائر للأسبوع الخامس على التوالي، فيما تراجعت، يوم الجمعة الماضي فقط، بأكثر من 1%، وتراجعت الأسواق الأمريكية في جلسة الجمعة برغم صدور بيانات أمريكية قوية، كما أنهت الأسهم الأوروبية الأسبوع الماضي بسلبية مع مخاوف من نتائج غير جيدة بالنسبة للمفاوضات التجارية البريطانية مع الاتحاد الأوروبي بعد تنفيذ «بريكست».

ويرى رئيس قسم الأبحاث لدى «Equiti Group»، رائد الخضر، أنه منذ بداية الأسبوع دخلت مؤشرات الأسهم في العديد من الدول في العالم اتجاهاً صاعداً، واستطاعت مؤشرات الأسهم الأمريكية الارتفاع بشكل كبير، وتم تحقيق مستويات قياسية لمؤشرات الأسهم الأمريكية بسبب اختلاط البيانات الإيجابية الأمريكية مع انخفاض قلق المتداولين من انتشار فيروس كورونا.

وأظهرت بيانات مؤشر قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة، عودة القطاع للنمو على غير المتوقع، كما بينت القراءة للقطاعات غير التصنيعية تسارعاً بالنمو.

وبالنسبة لبيانات الوظائف، فقد ظهر أن الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص أضافت 219 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، وزاد عدد الوظائف المستحدثة في القطاعات غير الزراعية بمقدار فاق التوقعات بلغ 225 ألف وظيفة.

وأشار الخضر إلى أن بيانات هذا الأسبوع أكدت أن الاقتصاد الأمريكي مستمر في نموه، رغم تباطؤ العديد من الاقتصادات حول العالم.

وأوضح أنه بينما كان انتشار فيروس كورونا محور الاهتمام خلال شهر يناير الماضي 2020، فقد أصبح المتداولون أقل حساسية من هذا الموضوع، لأن المتداولين يرون انتشار الفيروس الخطير مقتصراً على الصين، وأنه لم يمتد للاقتصاد العالمي، ما ساهم في تحسين شهية المخاطرة وتعويض جزء كبير من الخسائر السابقة في أسواق الأسهم والعائد المرتفع.

ولفت الخضر إلى أن يوم الجمعة الماضي، حدثت موجة تصحيحية في أسواق العائد المرتفع، استفاد منها سعر الذهب الذي مُني بخسائر على مدى الأسبوع، ليقلص الخسار ويرتفع قليلاً.

وانخفض سعر الذهب خلال الأسبوع لمستويات ما دون 1550 دولاراً للأونصة بسبب تفضيل المتداولين لأسواق العائد المرتفع، إلا أن السعر عاد للارتفاع، بعدما حصلت عملية جني أرباح في أسواق العائد المرتفع وأسواق الأسهم.

وقال الخضر: «في الحقيقة، الانخفاض الذي تحقق في أسعار الذهب بمقارنة الافتتاح للأسبوع والإغلاق، يعتبر طفيفاً نسبياً، حيث إن الذهب وجد طلباً مع انخفاض سعره، فالظروف الاقتصادية العالمية ليست جيدة عموماً، فرغم استمرار نمو الاقتصاد الأمريكي، إلا أن الاقتصاد العالمي مهدد بتباطؤ مركزه مع تباطؤ الاقتصاد الصيني».

وأشار إلى أن العديد من التصريحات التي صدرت من الصين أفادت بتأثير انتشار الفيروس على النمو الاقتصادي، والتوقعات تشير حالياً إلى أن الفيروس ربما يخفض نمو الاقتصاد الصيني إلى 5.4 - 5.5%، لكن إذا استمر امتداد انتشار الفيروس بشكل متسارع، فربما نرى نمواً أقل من ذلك بقليل.

وأوضح أنه في اليابان صدرت تصريحات رسمية أفادت بتأثير الفيروس على النمو الاقتصادي، كما أن محفظة البنك المركزي الأوروبي أشارت إلى رقابة تطور تأثيراته على الاقتصاد العالمي، مع الإشارة إلى أن اقتصاد منطقة اليورو يتأثر حالياً بوضع الاقتصاد العالمي.

وعن بريطانيا، لفت رائد الخضر إلى أننا دخلنا مرحلة الانتظار لأي مستجدات بخصوص المحادثات التجارية البريطانية الأوروبية، ويبدو أن رئيس الوزراء البريطاني متحمس جداً لإبرام اتفاق يصب في صالح بريطانيا، ما يقلق المتابعين بأن تكون الطريق شائكة قبل التوصل لاتفاق تجاري قبل انتهاء الفترة الانتقالية التي بدأت بنهاية الشهر الماضي يناير، أما العلاقات الأمريكية البريطانية، فقد توترت بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني، حين رفض الأخير طلب الرئيس الأمريكي إبعاد أجهزة المحمول «هواوي» عن بريطانيا عند الانتقال لشبكة الجيل الخامس، فيما رفض رئيس الوزراء البريطاني ذلك.

وأوضح رائد الخضر أن التركيز بالأسواق العالمية سيبقى على مدى انتشار فيروس كورونا خارج الصين، إذ إن انتشاره بالصين لم يعد مقلقاً لدرجة كبيرة حتى الآن على الأقل، مشيراً إلى أن المتداولين سيتابعون أي مستجدات بخصوص حقيقة ما إذا كانت الحكومة الصينية تخفي أي معلومات عن انتشار الفيروس ومدى خطورته، بعد موت الطبيب الذي اكتشف الفيروس متأثراً به، وهذا الطبيب هو الذي منعته الحكومة من إعلان اكتشافه واعتبرت أنه يسبب بلبلة في البلاد، والأسبوع المقبل أيضاً، سنرى هل ستفعل الحكومة الصينية ذلك بالفعل أم لا؟ وهل سيتم تكثيف الجهود لإيجاد حلول لهذه المعضلة التي ربما ستضرب الاقتصاد الصيني ضربة قد تكون أسوأ من الأزمة المالية العالمية 2008.

وفي الفترة الماضية، قامت الحكومة الصينية إلى جانب بنك الشعب الصيني بتقديم خطط تحفيز اقتصادية، وتم ضخ سيولة تبلغ 500 مليار دولار للاقتصاد لمحاولة الحد من تأثير الفيروس على الاقتصاد، ووعدت حكومة الصين بأن تستمر بذلك لضمان السيطرة على تأثير الفيروس على الاقتصاد إلى جانب احتوائه.

والأنظار ستتجه الأسبوع الجاري أيضاً إلى شهادة رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي، فستكون محور الاهتمام، إضافة إلى أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي البريطاني قد تكون ذات أهمية لتقدير مدى الضرر الذي شهده الاقتصاد البريطاني خلال الفترة التي سبقت الانفصال في الربع الأخير من العام الماضي 2019.

وبالنسبة لبيانات التضخم، بحسب مؤشر سعر المستهلك، سننتظر بيانات الصين، الاثنين المقبل، والولايات المتحدة الخميس المقبل، كما سنستقبل بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية يوم الجمعة القادم، لنرى مقدار التباطؤ الذي حصل خلال شهر يناير، بعد الانتعاش الكبير خلال موسم العطلات العام الماضي.

وحول العالم، ينتظر المستثمرون قرار البنك الاحتياطي النيوزلندي يوم الأربعاء، وتصريحات محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي يوم الخميس، ستكون دلالاتها مهمة لتوقع توجهات المركزي في كل من البلدين مع تزايد القلق من فيروس كورونا الذي لا شك في أنه سيضرب نمو الاقتصاد العالمي، والذي قد يؤثر عليه بحسب المعطيات الحالية بمقدار يراوح بين 0.1% و0.3%.

وأكد رائد الخضر أنه إذا استمر التأثير على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فربما نرى ضربة أكبر للاقتصاد العالمي كله، ترتكز على قطاعات النقل والسياحة والتوظيف، لتنتقل بعدها للصناعة والخدمات وغيرها من القطاعات.

يقول مدير التطوير لدى ثنك ماركتس لـ«الرؤية»، جون لوكا إن «استمرار فيروس كورونا بعد تأكيد رسمي من قبل منظمة الصحة العالمية أنه لم يتم إلى الآن اكتشاف عقار لعلاجه، سيستمر تأثيره على أسواق الأسهم سلباً مطلع الأسبوع المقبل».

وأضاف أن المستثمرين في رأيه ستجهون لتعظيم مراكزهم بالذهب هذا الأسبوع، وذلك للعودة الحمراء للأسهم عالمياً الجمعة الماضية مع الوضع الملبد بعدم الوضوح إلى الآن حيال هذا الفيروس القاتل.

ومن منظور فني، أكد جون لوكا أن أسعار الذهب لا تزال تتحرك في اتجاه صراع قوي بدعم من الاستقرار أعلى مستوى المقاومة المهم عند 1500 دولار للأونصة الواحدة، وذلك وسط زخم أقوى قد يدفعها للمقاومة النفسية الواقعة عند مستوى 1611 دولاراً للأونصة الواحدة وهي الأعلى له منذ 7 سنوات.

كما أكد لوكا أن تلك النظرة متعلقة بشكل وثيق باستمرار الخسائر العالمية من تفشي فيروس كورونا القاتل لفترة أطول، ناصحاً المستثمرين بشراء الذهب من كل مستوى هبوطي، حيث إنه الملاذ الآمن وسط تذبذب أسواق الأسهم.

وأما عن النفط، المصدر الأكثر تأثيراً بميزانيات بعض دول المنطقة، أشار جون لوكا إلى أن الأسعار تنتظر المزيد من الهبوط في ظل تأجيل روسيا قرار تخفيض الإنتاج بعد قرار اللجنة الاستشارية «أوبك+» بخفض الإمدادات النفطية إلى 2.7 مليون برميل يومياً بسبب انتشار فيروس كورونا، وتأثيره المحتمل على النمو الاقتصادي واستهلاك النفط الخام.

وهبطت أسعار الخام بقوة، الجمعة الماضية، حيث نزل الخام الأمريكي إلى 50.36 دولار للبرميل، فيما هبط سعر خام برنت لـ54.45 دولار.

وعلى مستوى أسواق الأسهم العربية، ينتظرها التباين المائل للهبوط المرجح في مطلع الأسبوع وسط تلك التوقعات التي تسيطر عليها السلبية حيال النفط المؤثر الأكبر على الأسهم بالمنطقة، لا سيما الخليجية واتجاه المستثمرين الأفراد للبيع وتفضيل الاحتفاظ بالسيولة.

وقال محللون لـ«الرؤية» إن الأنظار ستتجه بقوة إلى أسعار النفط الذي تعتمد عليه اقتصادات دول الخليج بشكل رئيس، والذي تأثر بشكل حاد في الفترة الأخيرة نتيجة الفيروس الصيني الجديد.

وأكد نائب الرئيس بقسم بحوث الاستثمار لدى شركة «كامكو»، رائد دياب، أن هناك مخاوف على النمو الاقتصادي العالمي إذا ما استمرت تلك المخاطر المتعلقة بالفيروس، حيث أثر بشكل رئيس في الفترة الأخيرة على قطاعي النقل والسياحة في الصين بانتظار معرفة مدى تأثيره على القطاعات الأخرى.

وأوضح أن هناك انتظاراً لمدى قدرة اقتصاد الصين على امتصاص أزمة «كورونا» مع محاولات الحكومة مساعدة الاقتصاد، حيث تم ضخ سيولة في النظام المصرفي من قبل البنك المركزي الصيني.

وأشار إلى حذر في الأسواق الإماراتية بعد تداعيات فيروس كورونا في الصين ومدى انتشاره في دول العالم وعدم تحوله إلى وباء عالمي وسط أنباء مؤخراً عن التوصل إلى لقاحين فعالين ضده.

ولفت رائد دياب إلى أن هناك تجاهلاً من بعض المستثمرين لتداعيات الفيروس والبدء باقتناص الفرص الكبيرة المتاحة في السوق من بعض المحافظ الاستثمارية بعد بلوغ بعض الأسهم مستويات مغرية.

وأكد أن الانتظار لنتائج الشركات والبنوك المدرجة في أسواق الإمارات عن السنة المالية 2019 سيكون له تأثير على محركات السيولة حيال الأسهم.

من جانبه، أشار المدير التنفيذي لشركة في أي ماركتس - مصر، أحمد معطي، إلى أن هناك اتجاهاً من بعض المؤسسات والمحافظ الأجنبية نحو اقتناص الفرص المتاحة على الأسهم الكبرى التي يتوقع أن تعلن عن نتائج سنوية جيدة، وتوزيعات نقدية سخية.

وتوقع تعافي بعض المؤشرات مع ظهور محفزات جديدة، مع التوقعات لمستهدفات الأرباح والتوزيعات، مؤكداً أن بعض الأسهم ما زالت تمتلك مقومات جيدة تجعلها جاذبة للسيولة الأجنبية، لا سيما بعد وصولها إلى مستويات مغرية.