الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

أسواق الأسهم العالمية تشهد أسبوعاً لم تشهده منذ الأزمة المالية العالمية بـ2008

أسواق الأسهم العالمية تشهد أسبوعاً لم تشهده منذ الأزمة المالية العالمية بـ2008

صناديق الأسهم في أمريكا.

طيف من الأزمة العالمية يظهر بأسواق الأسهم.. فإلى أين تتجه؟ من المرجح أن تشهد الأسواق العالمية أسبوعاً حافلاً بالأحداث وأداء مائلاً للهبوط ومن ثم تحقيق خسائر جديدة وسط تفشي حالات الإصابة والوفاة بفيروس «كورونا» وعدم السيطرة على انتشاره، وظهور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصرحاً بأن ما يحدث باقتصاد الولايات المتحدة والأمر الذي حدث سيكون أثره بالغاً، حيث إنه من أكبر الاقتصادات على الإطلاق.

وقال خبراء لـ«الرؤية» إن الأسواق العالمية شهدت الأسبوع الماضي أسبوعاً ليس له مثيل منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، حيث فاجأنا الفيدرالي الأمريكي بخفض كبير في أسعار الفائدة وأوضحوا أن تخفيض الفيدرالي للفائدة بشكل مفاجئ خلال الأسبوع ذاته أظهر للمتداولين بالأسواق المالية والاقتصاديين حول العالم، أن هنالك أمراً مرعباً يحصل بالفعل في الاقتصاد العالمي بعدما انتشر فيروس كورونا المستجد في الصين وخارجها.

ويوم الجمعة الماضية، تراجعت الأسهم الأمريكية والأوروبية واليابانية والصينية ولكن بنسب متباينة وكان أبرزها الخسائر التي سجلتها الأسهم الأوروبية بفعل أسهم النفط والغاز والبنوك وذلك بأكثر من 3.5%، فيما انخفضت الأسهم اليابانية بنسبة 3%.


مدى الضرر وإجبار الحكومات.


وقال رئيس قسم الأبحاث لدى «Equiti Group»، رائد خضر: إن آخر البيانات الاقتصادية الصادرة من دول عدة بينت مدى الضرر الذي لحق في اقتصادها بفعل انتشار الفيروس، والذي أجبر الحكومات حول العالم على اتخاذ إجراءات احتواء تسببت في تدهور قطاعات السياحة والسفر والنقل.

وأوضح أن قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات حول العالم تضررت، لافتاً إلى أنه في الولايات المتحدة، أظهرت بيانات من قطاع الخدمات تسارعاً كبيراً غير متوقَّع في النمو، إلا أنه قد لا يكون مستداماً في حال استمر انتشار الفيروس شديد العدوى.

وارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم منذ أن بدأ إلى أكثر من 100 ألف مصاب، ولا يبدو أننا أمام موعد قريب لتوقُّف الانتشار، مع تفشي الفيروس في إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية إلى جانب الصين، لتكون بؤراً للانتشار.

ووصل الفيروس لأكثر من 90 دولة حول العالم، مع إشارات من الخبراء إلى أن الوضع الحالي يبشر بأن يصاب به شخصان من كل 3 أشخاص في العالم، في حال لم تتم السيطرة عليه.

وعلى مستوى تخفيض الفائدة الذي كان أمراً مفاجئاً الأسبوع الماضي، لفت إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليس هو فقط من خفض الفائدة، بل سبقه في ذلك البنك الاحتياطي الأسترالي بـ25 نقطة أساس، وبنك كندا المركزي الذي خفض الفائدة بـ50 نقطة أساس.

وأشار إلى أن الأسواق المالية تتوقع أن تستمر سلسلة خفض الفائدة في عديد من البنوك المركزية حول العالم، إلى جانب أن بنوكاً قد تستخدم سياسات مالية ونقدية أخرى، مثل سياسات التيسير النقدي لتحفيز الاقتصاد.

وبحسب مجموعة CME، أصبحت التوقعات بأن نرى خفضاً آخر في أسعار الفائدة الفيدرالية، والأغلبية يتوقعون خفضاً مقداره 50 نقطة أساس، فيما يتوقع البعض خفضاً بنسبة 25 نقطة أساس، حيث إن انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة أمر قد يغير العادات الاستهلاكية، ما سيجبر الفيدرالي على اتخاذ إجراءات أخرى لمنع انزلاق الاقتصاد بالركود.

أما بالنسبة للصين، أكد رائد خضر أن الوضع يبدو سيئاً جداً، فقد انكمشت قطاعات التصنيع والخدمات في أسوأ انكماش معروف عبر التاريخ، كما يبدو أن الاقتصاد في أسوأ أداء له منذ عام 1960، لنرى هنا مقدار الضرر الذي ألحقه الفيروس بثاني أكبر اقتصاد في العالم والذي يشكل أكثر من 16% من حجم الاقتصاد الدولي، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد الصيني تدهوراً أكثر، مع عدم ظهور بوادر تشير إلى احتواء تام بالفيروس في وقت قريب، وبذلك سيتضرر الاقتصاد العالمي كله.

وقال «دويتشه بنك» في مذكرة بحثية إن من المبكر التأكيد على انتهاء عمليات البيع بأسواق الأسهم الأمريكية في الفترة المقبلة وسط توقعات بتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» بنسبة قد تصل إلى 20%، ومما يؤكد النظرة السلبية أيضاً خلال الأسبوع المقبل ما يفعله المستثمرون حيث أوضحت مذكرة بحثية أخرى من «بنك أوف أمريكا» أن الأسهم والسندات العالمية شهدت عمليات تسييل وخروج بقيمة تقدر بـ36 مليار دولار وهي أكبر وتيرة تخارج منذ ديسمبر 2018، بحسب وكالة «رويترز».

وبالنسبة لأسعار النفط، فقد انزلقت مع نهاية تداولات الأسبوع، وأشار رائد الخضر إلى أن ذلك عائد بشكل كبير لرفض روسيا اتفاق منظمة أوبك بأن يتم خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، ووافقت فقط على تمديد فترة الخفض الحالية والتي تبلغ 2.1 مليون برميل.

وأوضح أنه عندما رفضت روسيا تعميق خفض الإنتاج، انزلقت أسعار النفط الأمريكي الخفيف لأدنى مستوياتها منذ ديسمبر عام 2018، حيث إن الطلب العالمي على النفط في تناقص بسبب إجراءات الحكومات حول العالم في محاولة احتواء فيروس كورونا، والتي أضرّت بقطاع النقل وأضرّت بطلب النفط عالمياً.

ومع فشل المحادثات بين أوبك وحلفائها لخفض إضافي للإنتاج، هوت أسعار النفط بنهاية جلسة بنسب تقارب الـ10% حيث تراجع سعر العقود الآجلة لخام نايمكس الأمريكي تسليم شهر أبريل بنحو 9.35% مسجلاً 41.61 دولار، فيما هبط سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر مايو بنحو 8.9% إلى 45.54 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر لعام 2016.

وعلى مستوى البيانات الاقتصادية، فبالرغم من البيانات التي تصدر من الولايات المتحدة، فما زالت تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي مستمر في نموه القياسي لعامه الـ11 على التوالي.

وأكد رائد الخضر أن متابعة المستثمرين للبيانات الاقتصادية يجب أن تزداد خلال الفترة المقبلة، إذ إن تأثيرات التباطؤ الاقتصادي في الصين والعالم سيبدأ تأثيرها بالظهور على الاقتصاد الأمريكي في بيانات الشهر الجاري مارس القادمة، وكذلك بيانات شهر أبريل، والتي ستظهر بشكل شبه مؤكد بأننا أمام انحدار اقتصادي عالمي، يشمل الاقتصادات العظمى والكبرى والناشئة حول العالم.

وفي وسط تلك الأجواء، استطاعت أسعار الذهب تحقيق أفضل أسبوع لها منذ 8 أعوام، لتصعد لأعلى مستويات لها منذ أكثر من 7 سنوات. أما الدولار الأمريكي، فقد انخفض بشكل ملموس وسريع بعد خفض الفيدرالي للفوائد، واستمر بالانخفاض مع تزايد توقُّعات بمزيد من الخفض خلال الفترة المقبلة. ووسط مخاوف متزايدة حول انتشار فيروس كورونا، قال جون لوكا مدير التطوير في ثانك ماركتس إنه مع حصد الفيروس الصيني إصابة أكثر من 100 ألف شخص أو أكثر، وتزايد عدد الوفيات حول العالم منه، فمن المتوقع أن يتجاوز الذهب خلال الأسبوع المقبل مستويات 1700 دولار للأونصة الواحدة لذا ننصح بالشراء على المدى القريب مع متابعة أخبار الفيروس وانتشاره وعدم التوصل لعقار يعالجه وهذا هو ما يرفع الذهب حالياً على الأرجح.

وفي نهاية الأسبوع الماضي ارتفعت أسعار المعدن الأصفر بنسبة 0.4% رابحاً 6.35 دولار بالغاً 1674.35 دولار للأونصة الواحدة.

الأسواق الخليجية

ومن جانبه، قال نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية بشركة «كامكو إنفست»، رائد دياب، إن من الملاحظ استمرار الحذر في الأسواق الخليجية والإماراتية نتيجة المخاوف من تداعيات انتشار فيروس الكورونا المستجد في العالم.

هناك حالة ترقب من المستثمرين في الوقت الراهن للبدء ببناء مراكز جديدة بانتظار ظهور بيانات جديدة حول الفيروس وتداعياته على نمو الاقتصاد العالمي، حيث سارعت البنوك المركزية في المنطقة إلى خفض معدلات الفائدة تماشياً مع الفيدرالي الأمريكي في خطوة استباقية للحفاظ وتحفيز النمو.

إلى ذلك، يشكل تراجع أسعار النفط أيضاً عاملاً سلبياً على أسواق المنطقة لما لها من أهمية على اقتصاداتها. قد يستمر التذبذب والحذر في الفترة القادمة لحين ظهور حوافز ومستجدات جديدة.