الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

خبراء: ارتفاعات الأسهم بتحفيزات ترامب لن تمحو القلق

قال خبراء لـ"الرؤية" إن ارتفاعات الأسهم في ختام تعاملات الجمعة جاءت بدعم من قرارات تحفيزية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على هبوط أسواق الأسهم الأمريكية، إلا أنها ارتفاعات وقتية لن تمحو قلق المستثمرين مع انتشار فيروس كورونا والذي سيكون صاحب التأثير الأبرز على سلوك المستثمرين.

ويوم الجمعة الماضية أنهت الأسواق الأمريكية التعاملات بأفضل أداء يومي منذ 2008، كما ارتفعت الأسهم الأوروبية فيما تراجعت مؤشرات الأسهم اليابانية بأكثر من 6 % لإغلاقها قبل خطاب الرئيس الأمريكي، وسجلت كل تلك الأسواق خسائر أسبوعية قوية على وقع انتشار الفيروس وسيطرة حالة القلق والهلع البيعي.

وتدعمت الأسواق الأمريكية والأوروبية في تعاملات "الجمعة"، الجلسة الأخيرة من الأسبوع الماضي، باتخاذ إجراءات تحفيزية لدعم الاقتصاد في مواجهة الفيروس. حيث ارتفعت "وول ستريت" مع تصريحات ترامب بأنه سيكون هناك المزيد من اختبارات فيروس كورونا مع تعهد بتقديم مساعدات اقتصادية لمواجهة ذلك الوباء.


وارتفعت أسهم أوروبا على وقع الأمريكية وتزامناً مع تثبيت البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة في منطقة اليورو دون تغيير، وإطلاقه حزمة تحفيزية تتضمن زيادة برنامج شراء الأصول وبرامج تمويل إضافية.


وقال رائد الخضر رئيس قسم الأبحاث لدىEquiti Group لـ"الرؤية" إن مؤشرات الأسهم حول العالم شهدت انخفاضات أسبوعية هائلة رغم الارتفاع الذي شهدته الأسواق يوم الجمعة. حيث انخفض مؤشر داوجونز الأمريكي في أسوأ انخفاض له كعدد نقاط عبر التاريخ، أي منذ نشأة المؤشر عام 1896 بواسطة تشارلز داو.

وشهدت أسواق الأسهم الآسيوية أسوأ أداء لها منذ ثمانينات القرن الماضي، فيما شهدت الأسهم الأوروبية نزيفاً حاداً فقدت من خلاله مليارات الدولارات من القيمة السوقية للأسهم.

وأشار إلى أن الارتفاع الذي حصل يعتبر قليلاً نسبياً مقارنة في الانخفاضات التي حصلت. وتسبب فيروس كورونا المستجد بحالة من الهلع في العالم بعد تصنيفه من منظّمة الصحة العالمية بـ"وباء"، وهي أعلى رتب الخطر العالمي بالنسبة لانتشار الأمراض.

وارتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا لأكثر من 138 ألف إصابة، وشهدنا ارتفعاً قياسياً في أعداد الإصابات القائمة لتصل نحو أكثر من 62 ألف حالة قائمة رغم تباطؤ الإصابات بالصين. وقام صانعو السياسية النقدية في البنوك المركزية باتخاذ إجراءات لتحفيز الاقتصادات، وخفّض هذا الأسبوع بنك بريطانيا المركزي سعر الفائدة 0.25%، ليتبع عدّة بنوك مركزية أخرى حول العالم. كما قام الفيدرالي الأمريكي بضخ سيولة تقدر 1.5 تريليون دولار في أسواق الريبو وأشار إلى أنه سيوسّع برنامج شراء السندات.

كذلك المركزي الأوروبي، نلاحظ أنه لم يستطع خفض الفائدة هذه المرّة بسبب حقيقة أن أسعار الفائدة متدنية بالفعل عند النطاق الصفري، لكنه وسّع برامج شراء الأصول والسندات، وأشارت كريستين لاغارد إلى أن المركزي الأوروبي لن يتأخر عن خفض الفائدة في حال أصبحت الحاجة ملحّة لذلك.

وأضاف الخضر: إننا نلحظ أن حالة التوتّر والقلق مستمرّة وبشكل كبير في الأسواق المالية العالمية، ورغم الارتدادات الصاعدة والتي تبدو قوية بين الحين والآخر، مثل الارتداد يوم الجمعة، إلا أن هذه الارتدادات الصاعدة تبقى محدودة نوعاً ما لو قورنت بالانخفاضات التي سبقتها، بما يؤكد أنها وقتية ولن تمحو او تؤثر في مؤشر خوف المستثمرين، حيث سيكون العامل المؤثر هو انحصار انتشار المرض، أو الوصول لعلاج.

وعلى ما يبدو، كل ما تقوم به البنوك المركزية حالياً مجرّد تخدير لمشاعر القلق بين المتداولين، لا يدوم تأثيرها طويلاً مع استمرار انتشار الفيروس.

وانتشر فيروس كورونا في أوروبا، وأصبحت إيطاليا الدولة الأكثر عدد إصابات لكل مليون نسمة من السكّان، ويرتفع عدد الإصابات أيضاً في إيران وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدّة بشكل مطرد، ما أجبر الحكومات على اتخاذ إجراءات عزل واسعة لمدن فيها الملايين من الناس، وتوقّفت الأعمال، وتغيّرت العادات الاستهلاكية وتغيّرت إنتاجية الأعمال لتهدد بدخول الاقتصاد العالمي في ركود عميق.

أما أسواق الطاقة، فأشار رائد الخضر إلى أنها تعاني حالياً من حرب الحصص السوقية، مع توقعات ارتفاع كبير في الإنتاج وانخفاض الطلب عالمياً، وأصبحت التوقعات تشير لاحتمال أن نرى فائضاً الشهر المقبل في العالم مقداره 6 ملايين برميل يومياً، مع توجّه السعودية لرفع الإنتاج لـ 13 مليون، وتوقّع أن ترفع أيضاً روسيا وعدّة دول الإنتاج.

وعانت أسعار النفط أسوأ أداء لها منذ حرب الخليج في تسعينات القرن الماضي، ودخلت بعدها حالة من التذبذب في الأسعار تهدد استقرار شركات النفط في العالم.

ولفت الخضر إلى أن الأسبوع المقبل، سيشهد قرارات صانعي القرار السياسي في العالم، خصوصاً بعد أن بدأت بالفعل قيود كبيرة على التنقّل والسفر بين البلدان، والتي شهدنا منها منع الرئيس الأمريكي دخول رعايا الدول الأوروبية، وكذلك العزلة التي تدعو إليها بريطانيا وكذلك العديد من الدول تفعل نفس الشيء.

وأردف أن احتواء الفيروس مضر جداً في قطاعات اقتصادية متعددة، مما سيجعل البنوك المركزية حول العالم عاجزة أمام التباطؤ الاقتصادي الحاد.

ويشهد الأسبوع المقبل إعلان بضعة بيانات اقتصادية هامة، مثل بيانات الإنتاج الصناعي في الصين ومبيعات التجزئة الأمريكية، إلا أن التركيز سيبقى في الأسواق على مدى انتشار فيروس كورونا، وكيف تتصرّف البنوك المركزية للحد من تبعاته، والحكومات للحد من انتشاره، وتوابع خطط منع انتشار الفيروس على الاقتصاد العالمي، وهذا الأمر يبدو فعلاً صعباً في الوقت الراهن.

وتعليقاً على تأثير تفشي كورونا في أنحاد العالم قال ريمون نبيل ، خبير سوق المال المصري وعضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، إن هبوط داو جونز الأمريكي في جلسة واحدة متكبداً أسوأ خسارة منذ 33 عاماً ومع فقدانه أكثر من 8500 نقطة منذ بداية 2020. وكذلك الهبوط المدوي خلال معظم جلسات الأسبوع للأسواق الأوربية كان من الطبيعي أن تحدث الارتدادة التصحيحية خلال جلسة الجمعة، ولكن إعلان بنك أوف أمريكا أن المستثمرين تخارجوا من السندات والأسهم وجميع فئات الأصول الكبرى وضخوا أموالاً في أدوات النقد زاد الاضطراب ومحا تريليونات الدولارات في ظل تصاعد مخاوف الركود بسبب تفشي وباء فيروس كورونا.

وأكد أن تخفيضات الفائدة من جانب العديد من البنوك المركزية وإجراءات تحفيز اتخذتها حكومات لم تكن كافية لتهدئة مخاوف المستثمرين إذا إن الضرر الاقتصادي الناجم عن الفيروس ما زال يصعب تقييمه.

وذكر أن اتجاه الذهب للهبوط مع النفط يشير إلى أن العالم بالفعل في أزمة حقيقية لن تنتهي دون الوصول لمَصْل أو علاج لفيروس كورونا ينهي حالة فقدان الثقة والمخاوف العالمية من سيطرته على العالم كوباء قاتل كما ذكر رؤساء بعض الدول الأوروبية.

وفي نهاية تعاملات الجمعة عمقت أسعار الذهب خسائرها مع تراجع سعر العقود الآجلة للمعدن الأصفر لشهر أبريل بنسبة 4.6% خاسرة 73.60 دولار ليهبط إلى 1516.70 دولار للأوقية الواحدة.

وعلى صعيد أسواق النفط، فإن أسعار البترول ارتفعت عند تسوية تعاملات يوم الجمعة، ولكنها سجلت أسوأ أداء أسبوعي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 مع مخاطر كورونا وحرب الأسعار وذلك بعد فشلت أوبك وحلفاء من خارجها في التوصل لاتفاق حول تعميق خفض الإمدادات.

ولفت ريمون نبيل إلى أن ما يحدث يؤكد عملية فقدان ثقة كبيرة لدى المستثمرين حول العالم وأن عملية استرداد الثقة مرة أخرى قد تستغرق بعض الوقت.