الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

في تحدٍّ لتوقعات الركود.. الأسهم العالمية تقفز لمستويات قياسية

في تحدٍّ لتوقعات الركود.. الأسهم العالمية تقفز لمستويات قياسية

في تحدي لانتشار كورونا.. الأسهم العالمية تقفز لمستويات قياسية

ارتفعت مؤشرات الأسهم الرئيسية في أغلب الدول الكبرى والعظمى حول العالم، متحديّة توقعات ركود اقتصادي عميق ربما لم نشهد مثيلاً لعمقه منذ فترة الحرب العالمية الثانية.

وقال خبراء لـ«الرؤية» إن أسواق الأسهم العالمية تحدّت خلال الأسبوع الماضي أحداث انتشار فيروس كورونا ووصول عدد الإصابات لأكثر من 1.7 مليون إصابة حول العالم وارتفاع عدد الوفيات لأكثر من 95 ألفاً بدعم من قيام الحكومات حول العالم بخطط تحفيزية هائلة للاقتصاد العالمي، وتوجه البنوك المركزية لدعم الاقتصاد إضافة إلى قرارات أوبك بشأن إيقاف حرب الأسعار وعودة النفط للاستقرار، وهي الأسباب التي جعلت المستثمرين يعتقدون بأن الركود الاقتصادي الذي دخله العالم سيكون ركوداً ذا فترة زمنية قصيرة رغم أنه عميق جداً.

وبنهاية الأسبوع الماضي، قفزت أغلب بورصات الأسهم العالمية إلى مستويات تاريخية حيث سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب تتراوح من 10% لأكثر من 12% وحقق «ستاندرد آند بورز» أكبر مكاسب أسبوعية منذ 1974، وعاد مستثمرو بورصات القارة الأوروبية لشهية المخاطرة ولكن بحذر وهو ما دفع الأسهم لمكاسب تتجاوز 7%، ولم يختلف الحال بالبورصات اليابانية حيث سجل المؤشر الرئيسي للأسهم «نيكي» ثاني أكبر مكاسب أسبوعية منذ أواخر عام 2009.

وتأتي تلك المكاسب بعد أن فاجأ الفيدرالي الأمريكي الأسواق المالية من جديد، ليقدم تحفيزاً اقتصادياً ضخماً للولايات المتحدة، شمل توفير قروض تبلغ قيمتها 2.3 ترليون دولار، إلى جانب شراء قروض بمبلغ يصل إلى 600 مليار وتوفير تعزيز للتسهيلات الائتمانية بمبلغ 850 مليار دولار.

ارتفاعات مفأجئة

وقال رئيس قسم الأبحاث لدى «Equiti Group»، رائد خضر: إن الفيدرالي يبدو أنه استجاب للارتفاع المفاجئ في نسبة البطالة إلى 4.4% في أمريكا، إلى جانب بيانات صدرت من أسواق العمل تثبت بأن نسب البطالة ستستمر بالارتفاع. وبحسب البيانات التي صدرت هذا الأسبوع، شهد الأسبوع الماضي 6.6 مليون شخص لطلبات الإعانة في الولايات المتحدة، ما دفع رئيس الاحتياطي الفيدرالي لأن يشير لتوقّعه بأن نسبة البطالة سترتفع لفترة وجيزة، لكن بشكل ملموس.

وأوضح أنه بسبب التحفيز الذي قدمه الفيدرالي، انخفض الدولار الأمريكي مقابل سلّة العملات الأجنبية، واستطاع اليورو الارتفاع مقابل الدولار رغم أن الظروف الاقتصادية في منطقة اليورو لا تبدو على ما يرام، مع توقّعات انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 9.8% خلال الربع الثاني، وتصريحات صدرت من فرنسا أظهرت احتمال أسوأ انكماش منذ الحرب العالمية الثانية.

ولفت إلى أن المتداولين تجاهلوا تفشّي فيروس كوفيدـ19 في إسبانيا وإيطاليا بشكل كبير، ونظروا إلى التحفيزات الحكومية على أنها دافع لأن تقلل من التأثيرات طويلة الأمد لانتشار الفيروس، وبذلك استطاع اليورو الارتفاع مقابل الدولار.

العملات تتفاعل

وعن بريطانيا، أشار رائد خضر إلى أن الجنيه الاسترليني ارتفع مقابل الدولار، خصوصاً بعد تصريحات أفادت بأن رئيس الوزراء البريطاني رغم إصابته بفيروس كورونا وأنه في العناية المركّزة، إلا أن حالته الصحية ليست خطيرة. لكن ما دفع عملة المملكة المتحدة للارتفاع بشكل أفضل هو الانخفاض الذي حصل في الدولار الأمريكي.

وبالنسبة للين الياباني، بين الخضر أن العملة اليابانية قد تحركت ضمن نطاقات محدودة، وهذا لأن الين الياباني يتم استخدامه من أجل تزويد المتاجرة في الأصول مرتفعة العائد، فيتم بيعه، في وقت يشهد فيه الدولار أيضاً انخفاضاً بفعل عمليات البيع، ما تسبب في تداولات ضيقة لكن متذبذبة جداً على الزوج. وعلى مدى الأسبوع، ارتفعت العملات المرتبطة في النمو الاقتصادي العالمي مثل الدولار الأسترالي والدولار النيوزلندي، حيث استفادت من توقعات أن يكون الركود الاقتصادي العالمي ذا فترة زمنية قليلة رغم أنه عميق، كما استفادت من ارتفاع أسواق العائد المرتفع مثل أسواق الأسهم.

وبسبب القلق من انخفاض القدرة الشرائية للنقد عالمياً لأن البنوك المركزية تقوم بضخ سيولة نقدية كبيرة للاقتصاد، ارتفع سعر الذهب هذا الأسبوع، ليلامس الأعلى له عند سعر 1690 دولاراً للأونصة، وتحفيزات الفيدرالي الأمريكي كانت محفّزاً كبيراً لأسعار المعدن الأصفر ليرتفع.

حركة النفط.. لماذا؟

وبالنظر إلى حركة أسعار النفط، أوضح رائد الخضر أننا سنلاحظ أنها كانت متذبذبة جداً هذا الأسبوع، وهو ما يؤيد المخاوف من انهيار الاتفاق الذي تم الإعلان عنه بعد اجتماع منظّمة أوبك + الذي تم الاتفاق فيه على خفض بالإنتاج مقداره 10 مليون برميل يومياً.

وأشار إلى أن كندا والولايات المتحدّة ستعملان مع مجموعة العشرين للقوى الصناعية لتحقيق استقرار في سعر النفط، إلا أن هنالك تصريحات صدرت من السعودية والكويت، أظهرت بأنه ربما يكون هنالك خلاف مع المكسيك، بل وتم الإشارة إلى أن تخفيضات الإنتاج التي تم إقرارها ستعتمد على مشاركة المكسيك، ما يبقي على القلق من أن ينهار الاتفاق من جديد.

وتداولت أسعار النفط الأمريكي الخفيف في تذبذب حاد، فقد ارتفعت لمستويات 28.33 دولار قبل أن تعود للانخفاض وتغلق الأسبوع على خسائر عند سعر 23.20 دولار للبرميل، لافتاً إلى أن المتداولين بالفعل يبدون قلقين من فشل الاتفاق من جديد في حال تعنّتت المكسيك. لكن بشكل عام، هنالك شكوك من أن تكون تخفيضات الإنتاج بواقع 10 مليون برميل، وحتى لو ارتفعت إلى 15 مليون برميل بمشاركة الدول المنتجة في مجموعة العشرين، كافية لأن تعادل الانخفاض في الطلب العالمي.

فرغم التصريحات الروسية التي أشارت إلى أن انخفاض الطلب العالمي قد يكون بواقع 10 إلى 15 مليون برميل، إلا أن توقعات أخرى تظهر أن الانخفاض قد يصل إلى 30% من الطلب العالمي، وهذا يعني حوالي 30 مليون برميل يومياً، وهو الأمر الذي أبقى على الضغط على أسعار النفط على مدى الأسبوع.

الأسبوع المقبل، سننتظر العديد من البيانات الاقتصادية التي قد تظهر لنا مقدار الضرر الذي يتسبب فيه فيروس كورونا في الاقتصاد العالمي، ونبدأ ببيانات التجارة الصينية وبيانات الاستثمار في الصين يوم الثلاثاء، ثم مبيعات التجزئة الأمريكية يوم الأربعاء، كما سننتظر بيانات الوظائف الأسترالية يوم الخميس، ومرة أخرى مع طلبات الإعانة الأسبوعية الأمريكية بنفس اليوم، إلى جانب بيانات التصنيع وأسواق المنازل الأمريكية.

وأخيراً سنقف يوم الجمعة المقبل مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصيني التي قد تظهر لنا كيف تأثّر الاقتصاد بانتشار الفيروس، حتى نستطيع تقدير مقدار الضرر الذي قد يتسبب فيه في الدول الأخرى حول العالم.

وخلال الأسبوع، وتحديداً يوم الأربعاء، من الجيد أن نتابع قرار بنك كندا المركزي تجاه سياساته المالية والنقدية، والذي قد يشير في قراره لاتخاذ إجراءات تحفيزية جديدة لدعم الاقتصاد الكندي الذي يتأثّر بشكل عام من التباطؤ الاقتصادي العالمي القوي.

البورصات العربية.. إلى أين؟

وقالت الخبيرة الاقتصادية والمحللة لأسواق الأسهم، أسماء علي، إن في وقت جائحة كورونا، وجدنا تفاعلاً على معظم البورصات العربية الأسبوع الماضي ببعض الارتفاعات والتي ربما يمكن القول على الأسواق بأنها سعدت أن يقوم منتجو أوبك بتخفيضات تاريخية لم تشهدها أوبك منذ 60 عاماً على إنشاء المنظمة والذي يفسر مدى إدراك منتجي النفط حول العالم الأزمة الراهنة وواجب الجلوس حول مائدة واحدة من أجل تخفيف حدة هذه التداعيات، وخصوصاً بعد تعرض الطلب العالمي على النفط لصفعة قوية.

وأشارت إلى أن الاجتماع خرج على حسب بعض المصادر بالاتفاق على تخفيض 10 مليون برميل يومياً تفاعل معه النفط بتقليص مكاسبه إلى 2% بعد أن كان مرتفعاً بـ12% نتيجة أن سوق النفط ربما كان متوقعاً تخفيضاً أكبر من ذلك نتيجة انخفاض حجم الطلب إلى ما يقارب الـ30 مليون برميل نتيجة تعطل القطاعات الخدمية في مختلف أرجاء العالم نتيجة جائحة كورونا.

وأوضحت أنه وفقاً لمقولة إن البورصة هي مرآة الاقتصاد، فمن الممكن من خلال محاولة قراءة الموازنات الخليجية ومدي ارتباطها بالنفط في التنبؤ بما ستكون عليه الأسواق الخليجية الأسابيع المقبلة. حيث إن تأثير اجتماع أوبك لن يقتصر تأثيره على أسواق النفط ولكن أيضاً له تأثير على مسارات وتوقعات الموازنات الخليجية حيث تختلف الموازنات الخليجية باختلاف كثير من المعطيات على حسب كل دولة وتسعيرها لسعر البرميل المطلوب لتوازن موازنات الدولة الخليجية.

وبينت أنه على سبيل المثال في السعودية، سعر البرميل المطلوب لتوازن الموازنة هو قرابة 80 دولاراً للبرميل، وبالتالي أسعار النفط الحالية تمثل نصف السعر المطلوب من قبل الموازنات لتحقيق التعادل ما يرجح حدوث عجز حاد في موازنات دول الخليج نتيجة هذا السقوط الحر الذي شهدته أسعار النفط.

ولفتت إلى أن التأثير متفاوت بسبب اختلاف مستويات المديونية المتفاوت من بعض الدول، حيث إن هناك دولاً مثل السعودية والإمارات لديهم مجال أكبر للاستدانة ولكن ربما يكون بعض التأثيرات فيما بعد على التصنيف الائتماني الذي سينعكس على عوائد وتسعير السندات.

وفي النهاية تستمر تقلبات أسعار النفط في تأثيرها على البورصات الخليجية الأسبوع المقبل بشأن حالة عدم اليقين التي تسود سوق البترول من ربما عدم اليقين في التزام بعض الدول بالتخفيضات المتفق عليها والتي حتى وإن تم الالتزام بالتخفيضات التي تم الاتفاق عليها.

وأكدت أن من الجهة الأخرى يظل شبح أزمة كورونا مسيطراً على الأسواق بحكم تداعياته من إغلاق لكافة القطاعات الخدمية وبالتالي انخفاض الطلب العالمي. هذه المعضلة المركبة التي وإن تم حل مشكلة العرض فسوف يقابلها من الجهة الأخرى مشكلة الطلب بسبب جائحة الفيروس.