السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

خبراء: الأسواق العالمية في قبضة «كورونا» وأسعار النفط

خبراء: الأسواق العالمية في قبضة «كورونا» وأسعار النفط

قال خبراء إن الأسواق العالمية من المتوقع ألا تشهد اختلافاً كثيراً عن ما شهدته الأسبوع الماضي، حيث من المحتمل أن يستمر التذبذب في الأسواق المالية، وقد نشهد تحرّكات سعرية واسعة بعض الأحيان، وذلك لأننا ضمن فترة غير اعتيادية تكثر متغيراتها من حيث النتائج المالية للشركات الكبرى وانتظار المستثمرين معرفة تأثيرات انتشار فيروس كورونا عليها والتطورات الحاصلة في أسواق النفط.

وأوضح الخبراء لـ«الرؤية» أن من تلك المتغيرات استمرار انتشار فيروس كورونا وفي المقابل أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية منحت ترخيصاً للاستخدام الطارئ لعقار تنتجه «جيلعاد ساينس» لعلاج الوباء، وبسبب «كورونا» أيضاً هدد «ترامب» بفرض تعريفات جديدة على الصين وهو ما ينبئ باشتعال الحرب التجارية التي تجمدت قليلاً الفترة الماضية بسبب الأزمة الراهنة.

وبحسب بيانات رسمية، شهدنا عودة للارتفاع في أعداد الإصابات اليومية بالفيروس خلال هذا الأسبوع، من مستوى 66.6 ألف إصابة تقريباً يوم الاثنين، إلى 86 آلاف إصابة يوم الخميس، وهذا الأمر ما زال يثقل على توقعات نمو الاقتصاد العالمي كلّه.

والأسبوع الماضي، انخفض الدولار والذهب، وتأثّرت أسواق الأسهم هذا الأسبوع بموجة جني أرباح، لكن اختلف الحال بالأسواق الأمريكية فقد حقق مؤشر داوجونز الأمريكي ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي أداءً هو الأفضل منذ عشرات السنين على مدى شهر أبريل الماضي، قبل أن تنخفض المؤشرات في جلسة الجمعة الماضية مقلّصة مكاسبها. وأما على مستوى أسعار النفط فقد ارتفعت بقوّة بنسبة تقترب من 17% تزامناً مع بدء سريان اتفاق «أوبك+» لخفض الإنتاج.

وقال رئيس قسم الأبحاث لدى «Equiti Group»، رائد خضر: إن الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي مرت بمجموعة من المتناقضات حيث انخفض الدولار الأمريكي مقابل أغلب العملات الرئيسية هذا الأسبوع، متأثّراً في توجّه الفيدرالي لتوفير تحفيزات اقتصادية هائلة. وكان آخرها مفاجأة الفيدرالي في تعديلات على خطط تحفيزه للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث كان الفيدرالي قد منح إمكانية لتلك الشركات أن تتقدّم لطلب قروض بسقف إجمالي 600 مليار دولار. لكن، فاجأ الفيدرالي الأمريكي الأسواق يوم الخميس بأنّه وسّع قائمة الشركات التي ستستفيد من هذه القروض، لتشمل الشركات التي يصل عدد موظفيها إلى 15 ألف موظّف، بدل أن يكون سقف عدد الموظفين 10 آلاف.

إلى جانب ذلك، قرر البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء أن يثبّت أسعار الفائدة عند مستويات ما دون 0.25%، مشيراً إلى أنه ملتزم في خطط التحفيز الاقتصادي دون سقف، مشيراً إلى أن جائحة كورونا ربما تسبب ركوداً عميقاً في الولايات المتحدّة، كما أن التوقعات متوسطة الأمد باتت غير مؤكّدة ومرتبطة بانتشار فيروس كورونا والخطط الحكومية لاحتواء الجائحة.

ومع انخفاض الدولار، ارتفع زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي ليلامس الأعلى قريباً من مستوى 1.10 دولار لليورو الواحد، ليحقق الزوج مكاسباً خلال الأسبوع فاقت 1.4%، في وقت انخفض فيه مؤشر الدولار الأمريكي مقابل سلّة العملات بنسبة أكبر من 1.3% على مدى الأسبوع.

وقرر البنك المركزي الأوروبي هو الآخر الحفاظ على سياساته المالية والنقدية على ما هي عليه، ليترك سعر الفائدة الرئيسي عند 0.0%، وفائدة الإيداع عند -0.5% والإقراض عند 0.25%. لكن، أكّد بأنه ملتزم باتخاذ إجراءات بما يتطلّبه الاقتصاد للتحفيز، كإشارة إلى أنه سيستمر باستخدام التيسير النقدي والكمي وشراء الأصول بحسب حاجة الاقتصاد. وأكّد المركزي الأوروبي بأن أسعار الفائدة الحالية ستستمر حتى نهاية هذه السنة على الأقل.

وبالنسبة للجنيه الاسترليني، فقد ارتفع أيضاً مقابل الدولار، ليحقق مكاسب وصلت إلى أكثر من 1.35% محققاً الأعلى عند سعر 1.2643 على مدى الأسبوع. ورغم أن أنباءً أشارت إلى أن الشركات البريطانية عانت من أسوأ أداء لها في أكثر من 10 سنوات خلال الربع الرابع الماضي، وأن احتمال انزلاق الاقتصاد في ركود قد يكون الأسوأ منذ الكساد العظيم، إلا أن انخفاض الدولار أفاد الزوج وارتفع.

كما انخفض الدولار الأمريكي مقابل كل من الفرنك السويسري والدولار الكندي والدولار الأسترالي الدولار النيوزلندي، بل وشهد أيضاً انخفاضاً مقابل الين الياباني، في ظل توجّه الفيدرالي الأمريكي والحكومة الأمريكية لضخ سيولة هائلة للأسواق.

لكن أسعار الذهب لم تستفد كثيراً من انخفاض الدولار، بل على العكس انخفضت هذا الأسبوع، حيث قام المتداولون بتقليص حيازة الذهب بعدما حقق السعر الأعلى عند 1728، إذ إن انخفاض أسواق الأسهم ساهم في دفع المتداولين للتخلّي عن الذهب الذي تم استخدامه سابقاً كأصل تقليص مخاطرة في المحافظ الاستثمارية التابعة لأسواق الأسهم.

وأفادت آخر الأنباء التي صدرت من مجلس الذهب العالمي، بأن الطلب الاستهلاكي على الذهب انخفض خلال الربع الأوّل من هذه السنة بمقدار 39% مقارنة بالربع الأوّل من عام 2019، وهذا مرتبط بالانخفاض في طلب الذهب للحلي والمجوهرات في ظل إجراءات الحكومات لاحتواء فيروس كورونا، والتي منع خلالها إجراء احتفالات في أكبر مستهلكي الذهب في العالم كحلي ومجوهرات، وهما الصين والهند.

كما أظهرت تقارير مجلس الذهب العالمي بأن هنالك انخفاضاً في مشتريات البنوك المركزية من الذهب خلال الربع الأوّل بمقدار 8%، وتراجعاً في استخدام الذهب صناعياً بمقدار 8% كذلك. لكن، نفس التقرير أظهر بأن هنالك ارتفاعاً كبيراً في طلب صناديق المؤشرات التي تخزّن الذهب، حيث ارتفع الطلب بمقدار 298 طناً من الولايات المتحدّة وأوروبا، وهذا يمثّل ما مقداره قرابة 16 مليار دولار.

وبشكل عام، الضغط القائم على أسعار الذهب من المرجّح أن يكون مؤقتاً، إذ إن سياسات البنوك المركزية التسهيلية داعمة للأسعار على المدى الطويل.

وأشار رائد خضر إلى أن الثقة في الأسواق المالية تأثّرت أيضاً باستمرار إظهار بيانات طلبات الإعانة الأسبوعية في الولايات المتحدّة قيماً مليونية، ورغم أنها أفادت بانخفاض عدد طلبات الإعانة إلى 3.839 مليون خلال الأسبوع الماضي من 4.442 مليون للأسبوع الذي سبقه، إلا أن هذه القيم ما تزال مرتفعة جداً. خلال الستة أسابيع الماضية، تقدّم أكثر من 30 مليون مواطن أمريكي لطلب الإعانة، مما يظهر بأننا أمام ارتفاع يفوق الـ9% من عدد السكان بدون أعمال حالياً، وأن معدّل البطالة الذي يشمل الأشخاص القادرين على العمل، قد يرتفع فوق الـ16% بكثير.

أما أسعار النفط، فلقد شهدت ضغطاً ملموساً بداية الأسبوع، لتلامس الأدنى عند مستويات العشرة دولارات للبرميل الواحد من النفط الأمريكي الخفيف عقود تسليم شهر يونيو. ولفت رائد الخضر إلا أنها عادت للارتفاع بقوّة بعد ظهور بيانات أثبتت ارتفاع المخزون الأمريكي بأقل مما كان متوقعاً، حيث أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع المخزون بمقدار 9 مليون ريال، مقارنة في توقعات فوق 10 مليون برميل زيادة في المخزونات التجارية.

من جهة أخرى، حصل انخفاض بلغ مقداره حوالي 3.7 مليون برميل في البنزين، مما أعطى آمالاً بأن الطلب على الوقود ربما سيتعافى خلال الفترة المقبلة، مما دعم موجة الارتفاع في أسعار النفط ليرتفع على مدى الأسبوع بأكثر من 16% لعقود النفط الأمريكي الخفيف، وأكثر من 23% بالنسبة لعقود القياس العالمي برنت.

لكن صدر تقرير من بنك مورجان ستانلي، أفاد بأن الطلب العالمي على النفط ربما لن يعود ويستقر عند المستويات الطبيعية قبل نهاية عام 2021، مرجعاً سبب ذلك إلى أن هنالك مخاوف من صدمة للطلب بفعل ركود الاقتصاد العالمي.

ومع بداية شهر مايو، بدأت الدول المنتجة على رأسها السعودية وروسيا والولايات المتحدّة بخفض الإنتاج، لمحاولة إعادة التوازن لأسواق الطاقة. لكن، تعتقد شركة ريستاد إنرجي أن كل خفض الإنتاج لن يعادل الانخفاض في الطلب عالمياً، لكنه سيقلّصه للنصف نحو 13.6 مليون برميل كفرق بين المعروض والمطلوب.

الأسبوع المقبل

وننتظر الأسبوع المقبل بيانات الوظائف الأمريكية، وتشير التوقعات لاحتمال ارتفاع كبير في نسبة البطالة.

وتصدر بيانات الوظائف الأمريكية يوم الجمعة المقبل، لكن يسبق هذه البيانات قرار البنك الاحتياطي الأسترالي لأسعار الفائدة يوم الثلاثاء، وقرار بنك بريطانيا المركزي يوم الخميس.

ويبدو بأن البنوك المركزية في عموم العالم تتوجّه لتقديم تحفيزات اقتصادية كبيرة، فجائحة كورونا تثقل كاهل الاقتصاد العالمي وتدفعه لأقسى ركود اقتصادي منذ الكساد العظيم ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا ما تم إثباته بالفعل من بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي التي أفادت بانكماش الاقتصاد خلال الربع الأوّل بنسبة 4.8%، كما أظهرت انكماش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 3.8%، ليشهد اقتصاد المنطقة أسوأ ركود قياسي منذ تأسيسه، فيما الولايات المتحدّة توقّفت فيها سلسلة النمو التي دامت لـ11 عاماً متواصلاً.