الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

ماذا فعل فيروس كورونا في اقتصادات الاتحاد الأوروبي؟.. خبراء يوضحون

ماذا فعل فيروس كورونا في اقتصادات الاتحاد الأوروبي؟.. خبراء يوضحون

European flags are pictured as European Union leaders arrive for the third straight day of a summit in Brussels on July 2, 2019, for talks aimed at defusing fresh power struggles in a bid to fill the bloc's top jobs. (Photo by GEOFFROY VAN DER HASSELT / AFP), 264 مليار دولار ائتمان مفتوح لدول الاتحاد الأوروبي

قبل 6 شهور فقط من الآن، كان الاتحاد الأوروبي منشغلاً بين قوسي قضية الانفصال البريطاني والحروب التجارية الأمريكية، ثم جاء فيروس كورونا ليقول للقارة العجوز إن القادم أصعب، و«البريكست» وحروب التجارة لم تكن إلا كوابيس صغيرة قد يتم استئنافها بعد الخلاص من الكابوس الكبير الذى لم ينتهِ بعد.

وبعد تفشي الفيروس انطلقت توقعات بحدوث ركود تاريخي بها، خصوصاً خلال العام 2020، أيدت تلك التوقعات المفوض الأوروبي للاقتصاد، باولو جنتيلوني، والتي أكدت أن أوروبا تواجه صدمة اقتصادية غير مسبوقة منذ الكساد الكبير الذي حدث في 1929.

وأوضحت أن عمق الركود وقوة الانتعاش سيكونان متفاوتين بحسب البلدان، تبعاً لسرعة رفع تدابير العزل وأهمية الخدمات في كل اقتصاد، مثل السياحة والموارد المالية لكل دولة، والدول التي ستسجل أسوأ ركود لها هذا العام -بحسب المفوضية- هي اليونان بنسبة (-9.7%)، وإيطاليا (-9.5 %)، وإسبانيا (-9.4 %)، إلى جانب البلدان الأكثر اعتماداً على قطاع السياحة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتعتزم المفوضية الأوروبية أن تطرح الأسبوع الجاري خطة خاصة بالسياحة، مع خطوط عريضة تتناول الشروط الصحية في الأماكن التي يقصدها من يمضون عطلاتهم. وفرنسا الدولة السياحية والصناعية ليست أفضل حالاً؛ إذ يتوقع أن يسجل اقتصادها انكماشاً بنسبة 8.2 % في 2020، ثم انتعاشاً نسبته 7.4 % في النشاط في عام 2021.

أما اقتصاد ألمانيا التي تعتمد منطقة اليورو بشكل كبير على صادراتها، فستشهد انخفاضاً في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5 % في 2020، وفقاً لتوقعات المفوضية الأوروبية. ونتيجة هذا الركود التاريخي، يتوقع أن يرتفع العجز العام في كل الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وأن تزداد ديونها بشكل كبير في 2020 قبل تحسن الوضع في 2021.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والمستشار بأسواق المال العالمية محمد مهدي عبد النبي لـ«الرؤية» إنه بعيداً عن تكرار النظر فى عداد كورونا الذي لا يتوقف عن إضافة المزيد من الخسائر الفادحة في البشر و الاقتصاد، لنا أن نمر على بعض من المشاهد الأوروبية الكاشفة عن حال الاتحاد في بداية أزمة كورونا.

وأضاف: «المشهد الأول كان في فرنسا يوم 6 مارس 2020 والذي أجبرت الحكومة شركة Valmy SAS على إلغاء شحنة صادراتها من الكمامات لصالح المملكة المتحدة، وذلك بعد يومين من مصادرة ملايين الكمامات الواقية لتوزيعها على المواطنين فى البلاد، والثاني في ألمانيا يوم 7 مارس 2020 والذي حظرت السلطات تصدير أغلب معدات الوقاية الطبية مع منع عودة شاحنة سويسرية تحمل نحو ربع مليون كمامة إلى بلادها، مما أدى إلى احتجاج سويسري أجبر السلطات الألمانية على الإفراج عن الشاحنة ورفع حظر التصدير في 19 مارس، والثالث والأخير في إيطاليا يوم 13 مارس 2020، حيث رفضت السيدة الفرنسية كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي فيه منح إيطاليا مساعدات مالية لمواجهة تفشي وباء كورونا، ليأتي بعدها استطلاع رأي في 18 مارس من العام الجاري يظهر رفض 88 % من الإيطاليين وجود روما في عضوية الاتحاد».

وأشار إلى أنه بعد مرور ما يقرب من شهرين على تلك الأحداث وتنقل الوباء من بؤرة لأخرى يحاول الاتحاد لملمة جراحه ظاهرياً بقيادة ألمانيا وفرنسا بإطلاق مبادرة دولية لتمويل اكتشاف لقاح فعال مع بدء التطبيع الاقتصادي والاجتماعي مع كورونا، ليواجه الاتحاد امتحانه الأصعب في مواجهة الوباء و تداعياته بغية النجاة من الانكسار الحالي واحتمالات التفكك التي تلوح في الأفق بالإجابات الواضحات عن الأسئلة التالية، هل يستطيع الاتحاد الأوروبي لعب دور البطل المنقذ بتقديم اللقاح المنتظر للعالم بأقصى سرعة مما يساهم في إعادة ترميم صورته وتماسكه داخلياً في أعين شعوبه ولجني بعض الثمار المالية التي تعوض شيئاً من خسائر الجائحة الفادحة؟ وهل تنجح كبرى الاقتصادات الأوروبية في تقديم نموذج أمثل عالمياً في إعادة فتح الاقتصاد مع بدء انكسار تفشي الوباء في القارة العجوز والإفلات من موجة ثانية تهدد ما تم إنجازه على مدار الأسابيع الماضية؟ وهل ينجح الاتحاد الأوروبي في إعادة هيكلة نفسه فعلياً بعد زوال كابوس كورونا الثقيل، والاستفادة مما سبق؟

حالة حرجة

وعلى الصعيد ذاته، قال الخبير الاقتصادي لـ«الرؤية» محمد دشناوي إن الاتحاد الأوربي على جهاز التنفس الصناعي في حالة حرجة بعد الإصابة بكورونا واحتمال أن يظل على قيد الحياة ضعيفة جداً فالوباء كان القشة التي قصمت ظهر البعير.

وأضاف: رغم أن الاتحاد الأوربي يعاني منذ زمن بعيد منذ سقوط اليونان وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وهي كانت القوة الثانية في الاتحاد بعد ألمانيا مما جعل الاتحاد يترنح ثم جاءت أوجاع الوضع السيئ لكل من إيطاليا وإسبانيا من الناحية الاقتصادية مما زاد الطين بلة فظهر الفكر الاشتراكي في إيطاليا وبدأت مناوشات الديون والضغط لمساعدة الاتحاد لها، وخاصة أنها ليس لها سياسة نقدية مستقلة تسطيع أن تناور بها للتعويم بالعملة ليستقر الاقتصاد وتقاعس الاتحاد عن مساعداتها وإجبارها على التقشف.

وأوضح أن كورونا جاء وضرب بمبادئ الاتحاد عرض الحائط ورفع الجميع شعار «أنا أولاً» ثم شعار «النار التي خارج داري ليس لي حاجة في إطفائها» حرفياً، وبدأت كل دولة تواجه المشكلة منفردة دون مساعدة من الاتحاد وهنا أصبح الاتحاد ليس له معنى ولا له مزايا، فلمَ تتحمل الدول أعباءه؟

ولفت إلى أن كل دولة بدأت تحسب موقفها وتكلفة الاتحاد عليها وكم هو معرقل لطموحات الدول الكبرى، وكذلك قاتل طموح الدول الصغرى بالاتحاد، وقد جهرت دول كثيرة بذلك، وظهر الانقسام في الاتحاد عندما طلبت الدول المدينة في الاتحاد إيطاليا وإسبانيا ومعهم فرنسا إصدار سندات كورونا وقوبلت بالرفض من الدول الغنية ألمانيا والدنمارك والنمسا وعرضت حزمة مساعدات 500 مليار يورو وطبعاً هذا غير مناسب في أزمة سريعة وعواقبها وخيمة بالإضافة إلى أن الشعوب فقدت إيمانها بأن في الاتحاد الأوربي قوة وأنه أصبح هزيلاً وحان وقت الخروج.

وتوقع أن تتغير كثير من الأوضاع الاقتصادية بعد كورونا، مشيراً إلى أن الجميع يرى ذلك فالعولمة المفرطة أصبحت غير مناسبة ومنظمة التجارة العالمية أصبحت معوقة تفيد دولاً وتضر أخرى والضرر لم يعد على الدول الفقيرة فقط بل وصل الدولة القوية التي لن تقبل الضرر وتتعايش معه لذا العودة إلى بريتون وودز أمر إيجابي وتغير دور منظمة التجارة العالمية لخلق نظام اقتصادي أقل انفتاحاً يعطي الدول الحق في عقد علاقات اقتصادية متوازنة.

وأضاف أنه مع ذلك فعدم قصر العولمة على الاقتصاد لتشمل الصحة والمناخ وعالم متزن بعد أن أدمن النفط وتجارة السلاح على صحة البشر.