الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

الصناعات التحويلية في الإمارات تترقب «فرصاً ذهبية» بعد كورونا

الصناعات التحويلية في الإمارات تترقب «فرصاً ذهبية» بعد كورونا

(أرشيفية)

أبرزت أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أهمية قطاع الصناعات التحويلية في دولة الإمارات لدوره في حماية الاقتصاد الوطني، وتوفير الاحتياجات المحلية الغذائية والصحية، بالإضافة إلى توفير المواد الخام الأولية وسط تعطل بعض سلاسل الإمداد العالمية بسبب تفشي الجائحة.

وفي هذا الصدد، قال خبراء مختصون، إن الزمن سيتوقف كثيراً أمام جائحة كورونا وتداعياتها التي تؤسس لمرحلة اقتصادية مختلفة تماماً تبرز معها فرصاً ذهبية تستفيد منها البيئات الأكثر جذباً للاستثمارات في تبني استراتيجيات صناعية جديدة، منها دولة الإمارات التي تعد أفضل وجهة استثمار عربياً.

وقال الخبير الاقتصادي، عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد «تشارترد للأوراق المالية والاستثمار» في الإمارات، وضاح الطه: «إن أزمة تفشي فيروس كورونا أكدت أهمية قطاع الصناعات التحويلية لدولة الإمارات، لا سيما بمجالات الصناعات الغذائية، والتي أصبحت في ظل الأزمة الأخيرة «مسألة أمن قومي» وليس نشاطاً تجارياً فقط، فيما يحمل القطاع فرصاً جيدة بعد انقضاء أزمة كورونا».

وأوضح الطه في تصريحات لـ«الرؤية»، «أن الشركات الإماراتية لديها القدرة على الدخول بقوة في مجالات الصناعات الغذائية، وإن كان عبر الاستثمار بالأراضي الزراعية بالخارج سواء في أوروبا الشرقية ووسط آسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، ويمكن التوجه أيضاً إلى أفريقيا».

القيمة المضافة

وأشار وضاح الطه، إلى الفرص المتاحة أيضاً بالاستثمار في تعزيز القيمة المضافة لمعالجة النفط الخام في مجالات الصناعات البتروكيماوية والأسمدة، فضلاً عن الاستثمار بقطاع المستلزمات الطبية.

وتابع الطه: «يمكن للإمارات تقييم ما حصل، وتستطيع توطين بعض الصناعات المحلية الجديدة، وأصبحت هناك خبرات جيدة يمكن الاعتماد عليها».

وأشار إلى أن توطين بعض الصناعات التحويلية سيقدم دعماً للناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لا سيما وأن البيئة الاستثمارية في الإمارات بيئة جيدة لاحتضان الاستثمارات الأجنبية، وهي الأعلى عربياً.

وذكر الطه أن الإمارات نجحت على صعيد تنمية الصناعات التحويلية في الفترة من بعد 2010، وكان هناك معدل نمو سنوي جيد بنسبة تصل لنحو 5.5% سنوياً، وهناك حظوظ كبيرة لزيادة هذه النسبة بزيادة الأنشطة المستهدفة.

حلول مطروحة

ومن جانبه، قال رئيس الباحثين لدى «سنشري فاينانشال»، أرون ليزلي جون، إن أهم الحلول المطروحة لمعالجة الانهيار الحالي يتمثل في المبادرات المتنوعة التي اتخذها مصرف الإمارات المركزي، والمحفزات الحكومية، ما ساعد في توليد مشاعر إيجابية للاقتصاد الوطني.

ويرى ليزي أن قطاع التصنيع في الإمارات يتميز بأنه أحد أهم المساهمين في النمو الاقتصادي غير النفطي، رغم التباطؤ المستمر المتعلق بـ(كوفيد-19)، والانخفاض في أسعار النفط، والذي أثر على النمو الإجمالي في منطقة الخليج بأكملها.

وأطلق مصرف الإمارات المركزي حزمة شاملة بقيمة 100 مليار درهم إماراتي، لمساعدة الأفراد المحليين والشركات.

فيما أطلقت حكومة دبي حزمة تحفيز بقيمة 1.5 مليار درهم، لدعم النشاط الاقتصادي العام.

كما أنشأت حكومة أبوظبي برامج حماية ضمان ائتمانية أخرى، بالإضافة إلى تخفيف المعايير عبر مختلف القطاعات، بينما أطلقت حكومة الإمارات حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 16 مليار درهم للدولة بأكملها، وبذلك يصل إجمالي التحفيز إلى 126 مليار درهم.

ومن المتوقع أن تطبق معايير جديدة مختلفة من قبل سلطات المنطقة الحرة مع برامج التحفيز الوطنية.

وحسب تقرير وزارة الاقتصاد السنوي لعام 2019، ساهم قطاع التصنيع الذي يضم نحو 8.5% من النشاط الاقتصادي العام بنسبة 0.2% تقريباً، في نمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2018 (بالأسعار الثابتة).

وتابع ليزلي: «لا يزال استخراج النفط والغاز يليه تجارة الجملة والتجزئة باعتباره المساهم الأول في النمو الاقتصادي للبلاد، وبالنظر إلى إحصاءات القيمة الإجمالية لرأس المال الثابت، فقد ساهم قطاع الصناعات التحويلية الذي حصل على استثمارات بقيمة 30 مليار درهم بنسبة 10.4% في إجمالي تكوين رأس المال»، كما يعتبر القطاع أحد ركائز الاقتصاد المهمة من منظور التوظيف وكذلك تسجيل الترخيص.

وقال: «إنه بالنظر إلى ملف الأنشطة التجارية، فإن غالبية الشركات في هذا القطاع تتكون من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك التصنيع القائم على التصدير، وهذه الشركات بدورها تدعم أنشطة البيع بالتجزئة الأخرى، والتي تعتمد على البيع في الدولة وكذلك في المنطقة».

وتوقع ليزلي أن ينخفض ​​الناتج الإجمالي للقطاع مع إمكانية الانكماش الاقتصادي هذا العام بعد انتهاء أزمة (كوفيد-19)، وهذا يتماشى مع الانخفاض عبر القطاعات الرئيسية الأخرى مثل النفط والغاز وكذلك التجارة والسياحة.

568 مصنعاً

ومؤخراً، كشف مجلس الإمارات للأمن الغذائي ووزارة الطاقة والصناعة، في بيان مشترك لهما، عن كفاءة وفعالية تشغيل 568 مصنعاً مسجلاً في نظام التراخيص لوزارة الطاقة والصناعة في جميع مناطق الدولة تبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية 5.96 مليون طن من المواد الغذائية والمشروبات، والتي تتضمن 2.3 مليون طن من أصناف الأغذية الرئيسية.

وكشف المجلس عن قدرة المصانع الوطنية العاملة في الدولة على مضاعفة إجمالي إنتاجها السنوي من مختلف المنتجات الغذائية والمشروبات، خصوصاً في أوقات الأزمات والطوارئ، وذلك ضمن خططها لزيادة الإنتاج المحلي والارتقاء بهدف الاستجابة لمتطلبات السوق المحلي.

ويعد قطاع الصناعات الغذائية من أهم القطاعات الداعمة لمنظومة الأمن الغذائي في الدولة، حيث تقدم قيمة مضافة في توفير السلع الغذائية لفترات طويلة، وتساهم في زيادة الإنتاج المحلي أيضاً على المدى الطويل.

وتشير إحصاءات وزارة الاقتصاد إلى أن استثمارات المصانع في الدولة تتجاوز 103 مليارات درهم (28 مليار دولار).

واتجهت الإمارات خلال السنوات الماضية إلى وضع استراتيجيات طويلة المدى، لتعزيز دور الصناعة والمنتج المحلي، بهدف المنافسة مع المنتج المستورد من ناحية والتصدير إلى دول المنطقة من ناحية أخرى، الأمر الذي يرفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي بالاقتصاد الوطني.

وقال وزير الطاقة والصناعة الإماراتي، سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، في تصريحات سابقة: «القدرات الإنتاجية والمرونة العالية التي شهدناها من مصانع الأغذية بالدولة سواء في قدرتها على رفع طاقاتها الإنتاجية أو تغيير خطوط إنتاجها، لمواكبة ارتفاع الطلب على سلع بعينها، كل ذلك كان له دور إيجابي ومحوري في تعزيز استدامة منظومة الأمن الغذائي في الدولة».

وأضاف المزروعي: «نعمل على تعزيز استدامة وتنافسية هذه القدرات التصنيعية على المدى الطويل، وذلك من خلال محاور سياسة الإمارات للصناعات المتقدمة، والتي أكدت أهمية تطبيق أدوات الثورة الصناعية الرابعة والتقنيات المتقدمة في رفع إنتاجية وكفاءة خطوط إنتاج مصانعنا الوطنية».

كما أوضح الوزير أن قطاع صناعة الأغذية والمشروبات يعتبر أحد أهم قطاعات الصناعات التحويلية في الدولة، حيث يعتبر ثالث أكبر قطاع من حيث عدد شركات التصنيع الوطنية بعدد 568 مصنعاً وطنياً مسجلاً لدى وزارة الطاقة والصناعة، وبحجم استثمار يبلغ 30% من إجمالي حجم الاستثمار في القطاع الصناعي، وبنسبة مساهمة 10% من إجمالي عدد العاملين في القطاع الصناعي بالدولة.

وهناك 568 مصنعاً للأغذية والمشروبات مسجلاً لدى الوزارة، وتعمل في كل مناطق الدولة بواقع 40 في أبوظبي، و315 في دبي و77 بالشارقة و72 في عجمان و34 في أم القيوين و23 في رأس الخيمة و7 في الفجيرة، حيث تعمل تلك المصانع على إنتاج 5.96 مليون طن من منتجات الأغذية والمشروبات سنوياً، فيما قد تبلغ طاقة إنتاجها القصوى إلى أكثر من 16.3 مليون طن سنوياً.