الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تراجع استثمارات النفط يمهد لقفزة قوية في أسعار الخام بعد انتهاء الجائحة

رجّح اقتصاديون أن يزيد تأثر استثمارات القطاع النفطي بعد أزمة كورونا في ظل التوقعات السلبية حيال الطلب والمعروض حتى نهاية العام، تزامناً مع تراجع استثمارات الشركات الأمريكية في القطاع والانخفاض الحاد في عددها، وأكدوا أن هذا التراجع لكن يكون في صالح المستهلك مستقبلاً، إذ إن تراجع الاستثمارات بصورة حادة سيؤدي لانخفاض المعروض، والذي لا توجد به مشكلة حالياً، ولكن مع عودة الطلب لصورته الطبيعية بعد انتهاء جائحة كورونا لن يكون المعروض كافياً بصورة تقابل الطلب، وهو ما يمهد لقفزة قوية في الأسعار حتى تعود استثمارات القطاع من جديد.

ومرت صناعة النفط بالعالم بمنعطف تاريخي يوم 20 أبريل الماضي، والذي وصل فيه سعر برميل النفط الأمريكي إلى (-40 دولاراً للبرميل)، وهي المرة الأولى في التاريخ التي يكون فيها سعر برميل النفط بالسالب، في خطوة جاءت للتخلص من الإنتاج الذي لا يوجد مكان لتخزينه.

وتكدست مخزونات النفط نتيجة لتراجع الاستهلاك بشدة بسبب توقف النشاط الاقتصادي عالمياً نتيجة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها العديد من الدول لوقف تفشي فيروس كورونا، والذي تزامن حينها مع فشل اتفاق أوبك بلاس لخفض الإنتاج.


وقال الباحث الاقتصادي ومستشار إدارة الأعمال، ممدوح النقيب، إنه بعيداً عن هذا اليوم الاستثنائي الذي من الصعوبة بمكان أن يتكرر لظروفه الاستثنائية، ولكن صناعة النفط تمر بمرحلة صعبة وتعاني منذ فترة ليست بالقصيرة مع تباطؤ الاقتصاد العالمي تأثر الطلب على النفط وكان من المفترض أن يتم خفض الإنتاج ليتناسب مع الاستهلاك، ولكن ذلك لم يحدث واستمر كبار منتجي النفط في ضخ إنتاجهم ليحدث تخمة في المعروض.


وانخفضت الأسعار بشدة لنرى أسعاراً لم نرها من قبل، وإن انخفاض الأسعار له تداعيات سيئة جداً على الدول المنتجة وشركات القطاع تهدد بشدة قدرة الشركات على ضخ استثمارات في القطاع، خصوصاً أن القطاع يحتاج لاستثمارات ضخمة على مدى السنوات القادمة بل إنه يهدد بقدرة الشركات على البقاء، وأكثر المهددين بالخروج من السوق هي شركات النفط الصخري الأمريكي لارتفاع كلفة إنتاجه.

حقبة جديدة

من جهته، قال رئيس الباحثين في «سنشري فاينانشال»، أرون ليزلي جون، إن جائحة (كوفيد-19) حددت حقبة جديدة تماماً لقطاع الطاقة على مستوى العالم.

على الجانب الأمريكي، من المرجح أن ينخفض إنتاج النفط الخام في 7 أحواض للنفط الصخري الأمريكي بمقدار 197 ألف برميل في اليوم، وهو رقم قياسي في حد ذاته.

من ناحية أخرى، أعلنت شركات قطاع الطاقة المتكاملة عالمياً عن تخفيضات في النفقات الرأسمالية لعام 2020 بنحو 85 مليار دولار.

وأشار إلى أنه لوحظت تخفيضات كبيرة في رأس المال في عمليات معاكسة ليس فقط لأنشطة الاستكشاف والإنتاج الأساسية ولكن أيضاً للمشاريع غير المصرح بها.

بداية التعافي

ومن جانبه، أكد أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة vi markets أن الاستثمار في قطاع الطاقة سيعاني خلال الفترة القادمة في ظل انخفاض معدلات الطلب على النفط بسبب تفشي جائحة كورونا، وذلك برغم ما رأيناه من قفزة أسعار النفط، حيث ارتفع خام برنت إلى 35 دولاراً لبرميل و33 دولاراً لبرميل خام غرب تكساس، حيث ما زالت هذه الأسعار غير مناسبة للاستثمار بقطاع النفط الأمريكي تحديداً.

وبرأيه فإن التعافي يأتي لعدة أسباب أهمها هو اتجاه بعض الدول نحو تخفيف القيود بسبب جائحة كورونا على حركة الطيران، ويعتبر قطاع الطيران من أهم المستهلكين للنفط، لذلك فتخفيف قيود السفر من عدة دول أدى لارتفاع الطلب من قطاع الطيران، ورجوع أغلب المصانع وحركة العمل بسبب اتجاه الدول للتعايش مع جائحة كورونا أدى بالتأكيد لزيادة الطلب على النفط. وبدأ سريان اتفاق منظمة أوبك وحلفائها من أهم أسباب تعافى أسعار النفط، والذي بدأ أول مايو بخفض الإنتاج بحوالي 10 ملايين برميل يومياً.

ضربة للذهب الأسود

وعلى ذات الصعيد، قال محمد مهدى عبد النبي المستشار الدولي بالأسواق لـ«الرؤية» إن الذهب الأسود تلقى في النصف الأول من 2020 ضربة مزدوجة أولها انتشار وباء كورونا الذي تعطلت على إثره سلاسل التوريد العالمية مع الإغلاق شبه الكامل للاقتصاد العالمي، وثانيها حرب تسعير الطاقة التي نشبت بين كبار المنتجين (المملكة العربية السعودية وروسيا) ما أدى إلى مشاهد سعرية صادمة لم يتوقعها أحد تمثلت في كابوس أسعار النفط السالبة التي حققتها عقود تسليم مايو الجاري.

وأضاف «لعل المشهد السابق قد يصلح مبرراً لتراجع استثمارات الشركات العالمية في النفط، ولكن نزيف تراجع الاستثمارات كان مستمراً منذ 6 سنوات ماضية حسب تقارير كل من IFPEN وRestat Energy، حيث تسبب هبوط أسعار النفط منذ يونيو 2014 من مستوى 115 دولاراً للبرميل إلى انخفاض استثمارات الشركات العالمية في النفط والغاز من 827 مليار دولار في عام 2014 إلى أقل من 517 مليار دولار فقط كانت متوقعة في بداية عام 2020».

وأشار إلى أن الهبوط الكبير لأسعار النفط منذ بداية العام الجاري بسبب وباء كورونا وحرب تسعير الطاقة أجبرا الشركات على تقليص وظائف القطاع عالمياً بنحو 25% وكذلك خفض استثماراتها من 100 إلى 250 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021.

ولفت إلى أن بقاء أسعار النفط فوق 30 دولاراً للبرميل يعادل انخفاضاً بنحو 15% في حجم الاستثمارات، وهو ما يتحقق حالياً بعد أن استردت الأسعار عافيتها على إثر تراجع التوتر بين كبار المنتجين بالاتفاق على خفض الإنتاج النفطي والاتجاه لفتح الاقتصاد العالمي بالتعايش مع وباء كورونا الذي يفتح الباب لتحسن المشهد قليلاً بتوقعات انطلاق الأسعار فوق 40 دولاراً للبرميل، ما يعادل انخفاضاً بنحو 8% فقط في حجم استثمارات الشركات العالمية في القطاع النفطي.