الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كورونا يغرق العالم في مستنقع الديون

كورونا يغرق العالم في مستنقع الديون

استثمارات عالمية

أطلقت مؤسسات عالمية صفارات إنذار من تفاقم ديون الدول العالمية، في ظل الدعم القوي الذي سعت إليه الحكومات لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا.

فقد أطلق معهد التمويل الدولي تحذيراً بأن الديون العالمية ستتفاقم إلى مستويات تصل إلى 325 تريليون دولار بحلول 2025، مشيراً إلى أن تفشي الوباء وظهور تداعياته الاقتصادية دفع إصدارات الديون عالمياً إلى تجاوز 14 تريليون دولار منذ نهاية العام الماضي، الذي بلغت فيه الديون نحو 255 تريليون دولار وحتى شهر مايو 2020.

وتوقع المعهد أن تشهد الديون الأمريكية (الأكبر في العالم) زيادة أكثر من 120%، نسبة للناتج الإجمالي بنهاية العام الجاري، وستتجاوز تلك النسبة 140% بحلول 2025.

كما أشار إلى أن الصين تُعد حالياً أكبر الدائنين في العالم للدول منخفضة الدخل، حيث صعدت مطالبات الصين للديون مستحقة السداد على بقية دول العالم من نحو 875 مليار دولار في عام 2004 إلى ما يزيد على 5.5 تريليون دولار في عام 2019.

وبالتدقيق في بيانات العام الماضي، نجد أن الدول الصناعية الكبرى هي من تتصدر قائمة الدول الأكثر ديوناً، حيث إن ديون الولايات المتحدة الخارجية بلغت 20.41 تريليون دولار، تلاها بريطانيا في المرتبة الثانية بديون 8.77 تريليون دولار، وفرنسا بديون 6.25 تريليون دولار، ثم ألمانيا بنحو 5.59 تريليون دولار، واليابان احتلت المرتبة الخامسة بقيمة ديون بلغت 4.22 تريليون دولار.

وأكد خبراء لـ«الرؤية»، أنه مع استمرار ظهور الآثار الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا على الدول الكبرى، سيشهد الدين العالمي ارتفاعات قياسية.

تفاقم أزمة الديون

وقال نائب رئيس الاستثمار لدى شركة «إن أي كابيتال»، محمد الشربيني، إنه من المؤكد تفاقم أزمة الديون لدى معظم دول العالم نتيجة لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها انخفاض الإيرادات الضريبية للدول نتيجة انخفاض أرباح الشركات، ومن ناحية أخرى زيادة إنفاق الحكومات، وسوف يؤدي ذلك لزيادة العجز في الموازنة، على أن يتم تمويله بمزيد من الديون.

وأشار إلى أن ثاني تلك الأسباب ازدياد البطالة، حيث وصلت إلى 40 مليوناً في أمريكا وحدها، وما يستتبعه من زيادة إعانات البطالة، لافتاً إلى أن ثالث تلك الأسباب العمل على تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، وكذلك الإنفاق على المجال الصحي، ما يزيد من العجز في موازنات الدول.

وقال إن أهم مؤشر اقتصادي لدى تلك الدول في ظل الأزمة الراهنة والذي من المنتظر أن يحدث، هو انخفاض الناتج القومي وزيادة العجز، وسيؤديان إلى زيادة كبيرة في نسب الدين للناتج القومي.

التأثير الأكبر

وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف في مصر، الدكتور محمد راشد، إن انتشار كورونا سيكون له التأثير الأكبر على اتساع نطاق الديون العالمية، فحتى الآن يصل حجم الديون العالمية نحو 260 تريليون دولار.

وأضاف أن ذلك ينذر بكارثة محققة بعد تسارع معدلات الاقتراض بدرجة كبيرة، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه أغلب الاقتصادات العالمية ركوداً عميقاً، ما يزيد من حجم الأزمة، حيث سيرفع ذلك حجم الديون العالمية إلى الناتج المحلى الإجمالي العالمي من 322% عام 2019 إلى 342% في نهاية العام الجاري وذلك في الوقت الذي تحتاج فيه الدول النامية تمويلاً يقدر بنحو 730 مليار دولار، جراء تراجع مصادر العملة الصعبة نتيجة أزمة الفيروس.

وقبل تفشي وباء كورونا، نشر صندوق النقد الدولي تقريراً بأن 40% من الشركات في 8 دول مؤثرة في الاقتصاد العالمي من بينها الولايات المتحدة واليابان والصين وعديد من الدول الأوروبية، غير قادرة على سداد مستحقات الديون عليها من خلال أرباحها في الظروف العادية، ومن ثم فإنه من المتوقع ارتفاع تلك النسبة في ظل التدهور الراهن في بيئة الاقتصاد الدولي.

وبحسب النقد الدولي، فإن قضية الديون الدولية المتراكمة سواء على الحكومات أو الأفراد أو الشركات قضية مؤرقة للجميع، فإجمالي الدين العالمي بلغ بنهاية الربع الثالث من العام الماضي 253 تريليون دولار، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ، وكفيل بأن يمثل سبباً من الأسباب التي تعوق ارتفاع معدلات النمو العالمي.

ومع تفشي فيروس كورونا في عديد من الدول، زادت أزمة الديون العالمية حدة وإرباكاً، وربما لا تتجه الأنظار بقوة إليها الآن، نتيجة انشغال الرأي العام الدولي بالفيروس وسبل مواجهة الخراب الاقتصادي الذي أصاب المنظومة الاقتصادية العالمية.

الصدمة قادمة

وقال مستشار اقتصادي وعضو مجلس الادارة المنتدب للشركة الدولية لتداول الأوراق المالية، هشام قنديل، إن الصدمة الاقتصادية قادمة لا محالة بعد السيطرة على كورونا، فالديون ليست المشكلة في حد ذاتها، لكن تباطؤ القدرة على السداد سواء للشركات أو للحكومات سيفاقم الوضع، فانخفاض أسعار الفائدة لا يهم، إذا كانت الشركات والأفراد ليس لديهم السيولة المالية الكافية لسداد مدفوعات الديون.

وأضاف قنديل، أنه على الرغم من الثقل الذي تمثله أزمة الديون العالمية، من الضروري الحفاظ على ثقة المستثمرين في الأسواق، والحيلولة دون تعرض البورصات لهزات ضخمة، خاصة في الولايات المتحدة.