الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

استئناف النشاط الاقتصادي في دول الخليج عقب انتهاء أزمة كورونا

استئناف النشاط الاقتصادي في دول الخليج عقب انتهاء أزمة كورونا

أحدثت جائحة فيروس كورونا المستجد تغييراً ملحوظاً في القوى المحركة للاقتصاد العالمي. ودول مجلس التعاون الخليجي ليست بمنأى عن آثاره وتداعياته. فابتداءً من أوائل عام 2020، كان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة بنسبة 2.5%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، ولكن بحلول شهر أبريل تقلصت هذه النسبة إلى - 2.8%. وبغض النظر عن ذلك، فإن الحكومات تستطيع التأثير بشكل كبير على كيفية تعافي الاقتصاد، من خلال اتخاذ التدابير المناسبة أثناء الأزمة وفي أعقابها.

وقال باولو بيغوريني، شريك في شركة استراتيجي& الشرق الأوسط: «نجد حتى الآن أن الحكومات الخليجية قد اتخذت عدداً من الخطوات المهمة للتخفيف من وطأة الأزمة، إذ أعطت الأولوية القصوى لتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها، وفرضّت درجات متفاوتة من الإغلاق لاحتواء هذه الجائحة والحيلولة دون اختلال نظام الرعاية الصحية، بسبب الضغط الناجم عن تفشي العدوى، كما قامت بتوفير الدعم الاقتصادي اللازم من خلال صرف إعانات البطالة للأفراد والأسر وصرف المساعدات المالية للمؤسسات الصغيرة».

ويأتي التحدي التالي الماثل أمام الحكومات في استئناف نشاطها الاقتصادي في تخفيف تدابير الإغلاق تدريجياً، والسماح للمؤسسات باستئناف أعمالها التجارية، حيث سيظل خطر عودة تفشي الفيروس قائماً بشكل كبير كما كان الحال مع الأوبئة السابقة، لحين العثور على لقاح للفيروس وإنتاجه بكميات ضخمة.

وأضاف سامي زكي، مدير أول في استراتيجي&: «تحتاج الحكومات إلى وضع أُسس للصحة العامة، ويشمل ذلك إجراءات الفحص والتتبع لتحديد أي طفرات جديدة محتملة للعدوى واحتوائها بوتيرة سريعة. وبالتوازي مع ذلك، يتعين على الحكومات التأكد من أن نُظم الرعاية الصحية لديها قد أصبحت جاهزة ومتأهبة لاستيعاب الإصابات الجديدة في حالة حدوثها».

وتستطيع الحكومات بمجرد وضع هذه الأسس أن تبدأ في التركيز على 5 تدابير هامة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وإعادة الموظفين إلى عملهم مع الحد من مخاطر فيروس كورونا المستجد.

تقييم القطاعات وترتيبها حسب أولويتها: على أن تتضمن معايير التقييم هذه دراسة المساهمة الاقتصادية النسبية لهذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، ودراسة خطر انتقال الفيروس بناءً على مدى قرب الموظفين من بعضهم البعض داخل مكان العمل. ويجب أن يتبع ذلك التقييم تقييم آخر للقطاعات الفرعية لتحديد مستويات التعرض للإصابة وجاهزية نُظم الرعاية الصحية لمواجهة أي عودة محتملة للفيروس.

سنّ بروتوكولات صارمة للقوى العاملة: يتعين على الحكومات وعلى أرباب العمل وضع بروتوكولات صارمة للموظفين العائدين لعملهم وتنفيذها لضمان سلامتهم الشخصية وعدم تعرضهم للعدوى.

إجراء الفحوص والتتبع المكثف: للحد من خطر عودة تفشي الفيروس، تحتاج الحكومات إلى تطبيق آليات للفحص والتتبع الشامل على أن يشمل هذا الفحص كلاً من الفحوصات السريعة اللازمة لاكتشاف الأجسام المضادة. وتتوافر الآن نُظم التتبع الرقمية عبر الهواتف الذكية لتحديد الأفراد المصابين، وتنبيهم، وتحديد الأشخاص الذين خالطوهم أو تعاملوا معهم عن قُرب.

الشروع في عودة القوى العاملة بوتيرة تدريجية وحماية الأفراد المعرضين لخطر الإصابة: يجب أن تأخذ خطط استئناف النشاط الاقتصادي عاملين مهمين في الاعتبار عند الشروع في عودة القوى العاملة، هما: أعمار العمال وظروفهم الصحية لضمان سلامة العمال العائدين إلى أماكن عملهم وسلامة أسرهم.

التفاعل الصريح وبناء الثقة مع المواطنين: ينبغي للحكومات أن تقوم بإعلان التدابير المتعلقة بالصحة وأسبابها المنطقية بشكل استباقي لمساعدة المواطنين على التعامل مع حالة الترقب والقلق التي تنتابهم إزاء تفشي العدوى.

وختم كريم حجار، مدير في استراتيجي& قائلاً: «وهنا، نرى أنه يجدر بالحكومات الخليجية الانتقال من إدارة الأزمة إلى إدارة التعافي الاقتصادي بعد حماية مواطنيها من خطر العدوى الجماعية. ومما لا شك فيه أن المنهج الذي ستُطبقه سيكون له أثر عظيم الشأن على ما ستحققه من نتائج، حيث تستطيع الحكومات الخليجية استئناف نشاطها الاقتصادي بأقصى قدر من الأمان والسلامة من خلال إرساء أُسس الصحة العامة الضرورية أولاً ثم اعتماد هذه التدابير الخمس».