الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

كيف تستعد دول مجلس التعاون الخليجي لما بعد كورونا؟

كيف تستعد دول مجلس التعاون الخليجي لما بعد كورونا؟

تضمنت حزم التحفيز بدول مجلس التعاون الخليجي والتي أطلقتها منذ أشهر لمواجهة تداعيات كورونا عدداً من الإجراءات أبرزها تخفيضات الأسعار، وإجراءات تعزيز السيولة، وتأجيل القروض ومدفوعات بطاقات الائتمان، وأيضاً الدعم المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة وللقطاعات المتضررة التي تأثرت بعمليات الإغلاق وتشمل السياحة والضيافة والطيران.

وفي ظل تنفيذ خطط لإنعاش اقتصاديات تلك الدول للخروج حالياً وبشكل تدريجي من آثار الأزمة الراهنة تزامناً مع تخفيف قيود الإغلاق، يحتاج صانعو السياسة بالمنطقة إلى التخطيط إلى مرحلة ما بعد الوباء، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى إنشاء نموذج تنموي جديد.

وبالنسبة لدول مجلس التعاون، فمن الضروري في ظل تلك المرحلة مراجعة تدابير تتعلق بالسياسات النقدية والمالية وكذلك الإصلاحات الهيكلية، استناداً لعدة تقارير صادرة من مؤسسات دولية.

وترتبط معظم عملات دول الخليج بالدولار باستثناء الكويت التي تربط دينارها بسلة بما في ذلك العملة الأمريكية، ومن ثم، فإن معظم دول المنطقة تتبع تحركات أسعار الفائدة الفيدرالية، وهو الأمر الذي قد يحد من استخدام أدوات أخرى للسياسة النقدية وقد تقيد تحركات السياسات الأخرى من البنوك المركزية بخلاف حزم التحفيز لزيادة السيولة.

ماذا يمكن أن تفعل البنوك المركزية حالياً؟

هناك طريقتان مبتكرتان لتقديم الدعم، هما إنشاء خطوط تبادل البنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي، وتسييل الديون الحكومية الجديدة الصادرة لتمويل العجز.

ويجب أن يكون هناك إنشاء خطوط تبادل للبنوك المركزية بالخليج مع وجود خيار للبنوك الأكبر (مؤسسة النقد العربي السعودي، الإمارات العربية المتحدة) للاستفادة من بنك الاحتياطي الفيدرالي أو بنك الصين الشعبي الأمر الذي سيمكن البنوك المركزية الإقليمية من الحصول على سيولة إضافية خلال أوقات ضغوط السوق، ومن ثم الدعم والاستقرار المالي وتوفير للسيولة.

ويمكن أن يساعد تحقيق الدخل من الدين الحكومي الجديد الذي تم إصداره لتمويل العجز في تجنب التزاحم من القطاع الخاص وضخ السيولة، نظراً لغياب أسواق الدين بالعملة المحلية المتقدمة وقدرة البنوك المركزية المحدودة على إجراء عمليات السوق المفتوحة.

وأما على صعيد السياسة المالية كجزء من محاور تلك الدول نحو تنويع اقتصادها ولتقليل الاعتماد على عائدات النفط، فيمكن أن يساعد التحرك نحو تمويل العجز جنباً إلى جنب لوضع القواعد لاستدامة المالية على المدى الطويل وتسريع وتطوير أسواق الرهن العقاري لتمويل مشاريع الإسكان والبنية التحتية طويلة الأجل.

ومن تلك الطرق ترشيد الإنفاق الحكومي وذلك يتم إما عن طريق تقليل حجم الأعمال الحكومية، أو تحويل الأنشطة إلى القطاع الخاص، وبالتزامن مع ذلك فإنه يمكن للحكومات إصدار ديون طويلة الأجل التي يمكن شراؤها من قبل البنوك المركزية خلال فترة الأزمة وهو الأمر الذي يحدث حالياً في الولايات المتحدة وأوروبا اليوم.

ويعد تنويع الإيرادات الحكومية من خلال تحسين إدارة الأصول التجارية العامة وزيادة كفاءة تحصيل الضرائب عنصراً مهماً في الإصلاح المالي الذي تحتادجه دول المنطقة في تلك المرحلة، كما يمكن أن يساعد دمج العدد الكبير من الرسوم على المستهلكين والشركات في تقليل الضرائب ذات القاعدة العريضة، ومن ثم خفض تكاليف الأعمال والمعيشة. وسيؤدي تسريع محرك الرقمنة أيضاً إلى خفض تكلفة الإنترنت واسع النطاق وإمكانية الوصول مع تسريع استخدام تقنيات الجيل الخامس.

كما سيساعد إنشاء شبكات الأمان الاجتماعي وبرامج الحماية وبرامج المعاشات التقاعدية على تقليل الأعباء المالية التي يمكن أن تحدث في فترات الأزمات. وأما بالنسبة للموظفين، فإن المساهمة في صندوق المعاشات التقاعدية ستضمن وفورات كافية في حالة فقدان الوظائف أو التقاعد وبالنسبة لأرباب العمل، وهذا يوفر لهم صندوق استثمار ودعم مدفوعات نهاية الخدمة أو المكافآت.

ومن المهم أن يكون هناك إصلاحات هيكلية تقوم بتنفيذها تلك الدول في تلك الفترة تتضمن عملية تسريع الخصخصة، والعمل بشكل وثيق على مشاركة القطاع الخاص في ذلك. كما يعد تطوير أطر علاج حالات الإعسار ودعم التسوية للمتعثرين خارج المحكمة، وإعادة هيكلة الشركات وحماية حقوق الدائنين بشكل ملائم عنصراً مهماً آخر في تلك الاستراتيجية لدول الخليج لمرحلة ما بعد الوباء.

والسعي أيضاً في تعزيز البيئة التي تستمر في جذب رأس المال البشري والاحتفاظ به من خلال برنامج إقامة دائمة يمكن أن يساعد في تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لتلك الدول خلال هذه المرحلة.

وكما أن لجائحة كورونا تداعيات سلبية فإن لها بعض الحوافز والإيجابيات حيث إنها كانت حافزاً لتنفيذ «الصفقات الخضراء الجديدة» وذلك من خلال الاستثمار في الصحة العامة، الأمن الغذائي، الطاقة المتجددة، المدن والتقنيات النظيفة، والتي ستدعم خلق فرص العمل والتنويع الاقتصادي.

ومن الآثار الإيجابية لـ«كوفيد-19» هو إدراك أن العمل من المنزل هو خيار ممكن. ويمكن للشركات تقديم خيارات عمل مرنة، وتقليل المساحات المكتبية والإيجارات، وأثبت ذلك أن بقاء الموظفين في المنزل هو الأرخص لمجتمع الأعمال، وتوفير الإيجارات، ولتحقيق هذه الفوائد في مرحلة ما بعد الوباء، يتطلب إزالة الحواجز بتعديل قوانين العمل القائمة حالياً بدول المنطقة.