الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كيف أثر فيروس كورونا على القطاع المصرفي عالمياً؟

كيف أثر فيروس كورونا على القطاع المصرفي عالمياً؟

أثار تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) انكماشاً اقتصادياً على مستوى العالم، يضع العديد من الضغوط على القطاع المصرفي، وسط توقعات بتواجه العديد من الأسر والشركات صعوبات في الوفاء بالتزاماتها المالية في الأشهر المقبلة، خاصة مع زيادة معدلات البطالة.

وتوقع البنك الدولي أن تحدث الصدمة السريعة والقوية للفيروس انكماشاً بـ5.2% في الاقتصادي العالمي، خاصة مع اتباع إجراءات الإغلاق على مستوى دول العالم، ليمثل ذلك أشد كساد منذ الحرب العالمية الثانية، مرجحاً انكماش النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة بنسبة 7% في عام 2020 من جراء الاضطرابات الشديدة التي أصابت جانبي الطلب والعرض المحليين، والتجارة، والتمويل.

ونتيجة لذلك، من المرجح أن تواجه محافظ الأوراق المالية والقروض والمشتقات ضغوطاً عدة تفرض على البنوك أيضاً. فقد أعلنت البنوك الستة الرئيسية في وول ستريت انخفاضات حادة في الأرباح خلال الربع الأول من العام الجاري، مدفوعة بمخصصات كبيرة لخسائر القروض.

ومن أبرز العقبات التي ستواجه البنوك أيضاً، مخاوف سداد الحكومات لمدفوعات ديونها، في ظل التداعيات التي تلقيها أزمة الفيروس على عاتق السلطات، فضلاً عن الانكماش الاقتصادي وتدهور العديد من الموارد الحكومية كالضرائب، وقطاع السياحة، مع تراجع معدلات الاستهلاك. ففي أعقاب الأزمة المالية 2007-2008، قام صانعو السياسات بتحسين الضمانات التي تخفف من فرص عدم الاستقرار في النظام المصرفي، بما ساهم في مرونة النظام المصرفي تجاه الأزمة، إلا أن التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا دفعت المنظمين لتآكل متطلبات رأس المال المصرفي خلال أزمة فيروس كورونا، كما سمحت التغييرات الطارئة للهيئات التنظيمية للبنوك بدفع المزيد من رأس المال للمساهمين، والمضي قدماً بمستويات منخفضة للغاية من رأس المال.

وتوقعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، أن تتأثر أرباح البنوك العالمية للربع الثاني بسبب فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط، مرجحة أن يؤدي تدهور الربحية وجودة الأصول إلى ضغوط قصيرة الأجل على رأس مال البنوك. فمع قيام البنوك حول العالم بالإبلاغ عن نتائج الربع الثاني في الأسابيع المقبلة، تتوقع الوكالة أن ينعكس تأثر صدمة كورونا إلى جانب انهيار أسعار النفط على تلك النتائج، مرجحة أن زيادة تكاليف الائتمان، وضعف فرص الإقراض الجديدة، مع انكماش هوامش الأرباح.

وقال جيفري بيرج، المدير الإداري المساعد في وكالة موديز: «مع بدء معظم البنوك الكبرى في العالم في الإبلاغ عن أرباحها، نتوقع بعض الاختلافات الواسعة من بنك إلى آخر، خاصة بالنظر إلى تأثير فيروس التاجي العالمي».

وتابع أن العديد من البنوك عززت بشكل كبير مخصصاتها الخاصة بخسائر القروض في الربع الأول، حيث استعدت للتداعيات من تفشي العدوى، لكن من المرجح أن تزيد تكاليف الائتمان في الربع الثاني بشكل أكبر على انخفاض النشاط الاقتصادي.

وأوضح جيفري بيرج، أن الوكالة لا تزال تراقب مدى قدرة القطاع المصرفي عالمياً في إعادة بناء رأس المال على المدى المتوسط، منوهاً بأن القوة الائتمانية للعديد من البنوك ستصبح عرضة بشكل متزايد لدرجة أن الصدمة الاقتصادية تتسع وتطول.

ومن المرجح أن تسجل بعض البنوك زيادة أكبر في نسب القروض المتعثرة في الربع الثاني مقابل الربع الأول من 2020، حيث تصبح قدرة المقترضين على السداد أكثر وضوحاً.

وتتوقع وكالة موديز وضع المزيد من البنوك على التوقعات السلبية، فمن المحتمل أن تغير تصنيفات البنوك فقط إذا قررت أن رأس مال البنوك سيتدهور بشكل جوهري، ومن غير المحتمل أن يعود القطاع إلى مستويات ما قبل الأزمة في غضون عامين إلى 3 أعوام.

وقالت جيتا جوبيناث، كبير الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي: «إن دولاً كثيرة قد تحتاج إلى إعادة هيكلة للديون في أعقاب جائحة فيروس كورونا العالمية وتداعياتها الاقتصادية. وأبلغت جوبيناث ندوة عبر الإنترنت استضافتها جامعة أوكسفورد، أنه لا توجد أزمة ديون في الوقت الحالي، لكن ستكون هناك حاجة ملحة بشكل أكبر إلى تخفيف أعباء ديون الدول الأكثر فقراً في هذا العالم بالنظر إلى الجائحة»، وفقاً لرويترز.

وترى وكالة ستاندرد أند بورز، أن النظرة السلبية للبنوك حول العالم ما زالت سلبية، ليس بسبب فيروس كورونا المستجد فقط، ولكن بسبب صدمة أسعار النفط أيضاً، موضحة أن التأثير الكامل على البنوك سيظهر بنهاية العام، لكنها تتوقع حدوث نمو مستدام على المدى الطويل قريباً.

وقالت الوكالة في تقرير حديث«»إن تحيزها خلال الفترة الحالية إلى النظرة السلبية للبنوك في العالم، بسبب التأثير السلبي المتوقع لفيروس كورونا، والتأثير المحتمل طويل المدى على ربحية البنوك، مشيره إلى أن 30% من الرؤية المستقبلية للبنوك تحمل نظرة سلبية".

وتوقعت الوكالة، أن تظهر نتائج أعمال الربع الثاني من 2020، على نحو كبير تأثير فيروس كورونا على البنوك في كافة أنحاء العالم، ولكنها ترى أن التأثير الكامل للفيروس على جودة الأصول من المرجح أن يكون واضحاً في نهاية العام. وأثر فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» بشدة على الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية لكثير من الدول، لتفقد البنوك المركزية حول العالم أكثر من 175 مليار دولار من حجم احتياطيها من النقد الأجنبي في أٌقل من شهرين.

ورصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط في تقرير لها، حركة مؤشرات الاحتياطي من النقد الأجنبي في أكثر من 50 دولة من الدول الكبرى، وأيضاً الاقتصادات الناشئة والنامية، لتظهر هذه المؤشرات أن 30 دولة منها سجلت احتياطاتها النقدية نزيفاً حاداً، منذ تفشي جائحة كورونا في العالم، أبرزها الصين من حيث القيمة، والتي فقد احتياطيها النقدي أكثر من 46 مليار دولار دفعة واحدة في مارس، فيما تصدرتها من حيث النسبة تركيا، التي فقد بنكها المركزي قرابة 15% من الاحتياطي النقدي بقيمة 15.5 مليار دولار في شهر واحد.

وحذرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها من أن الأسواق الناشئة على وجه التحديد هي الآن أكثر عرضة لمزيد من الصدمات الاقتصادية بعد أن أجبرها زلزال كورونا على استنفاذ جزء كبير من احتياطاتها من النقد الأجنبي وبأسرع وتيرة منذ حقبة الأزمة المالية العالمية عام 2008.