السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

لماذا تجذب المعادن النفيسة المستثمرين؟

لماذا تجذب المعادن النفيسة المستثمرين؟

أرشيفية

دفعت المخاوف جراء تصاعد النزاع الأمريكي الصيني وبعض النزاعات الأخرى بالشرق الأوسط مجدداً أنظار المستثمرين للمعادن النفيسة «الملاذات الآمنة» والتي شهدت ارتفاعات تاريخية الأسبوع الماضي. ومع نهاية الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوياتها في 9 سنوات تقريباً لتصل إلى 1901.5 دولار للأوقية وذلك للمرة الأولى منذ عام 2011، فيما شهدت أسعار الفضة مكاسب أسبوعية لم تشهدها في نحو 33 عاماً أي منذ عام 1987 لتصل إلى مستوى 22.99 دولار للأوقية.

ولم يكن الارتفاع المدوي للمعدن الأصفر والذي يعتبر أول وأبرز تلك المعادن النفيسة المرتفعة في الفترة الماضية مفاجئاً للمتابعين للشأن الاقتصادي حيث إنه كان هناك مؤشرات توحي بارتفاعه الحالي وهو ما تناغم مع توقعات لبعض رجال الأعمال المشهورين بالمنطقة العربية ووحدات الأبحاث ببنوك ومؤسسات عالمية.

وفي مطلع الشهر الجاري، نقلت وسائل إعلام توقعات رجل الأعمال المصري والرئيس التنفيذي لشركة لامانشا المصرية، نجيب ساويرس الذي يتوقع وصول الذهب في ظل الظروف الراهنة في مقدمتها استمرار ضخ الحكومات والبنوك المركزية العالمية المزيد من النقد بالأسواق والاقتصاد، بهدف دفع النمو الاقتصادي نحو الأعلى وضمان عدم انهياره لتظل معدلات الفائدة على مقربة من الصفر أو أدناه، إضافة لضعف الدولار الأمريكي، وارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، وظهور شكوك من قادة الفيدرالي في قوة التعافي باقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية وتجدد نزاعها مع الصين بشأن الحريات والتجارة. وفي ظل ذلك من الواضح أن ذلك الصعود الجنوني للمعدن الأصفر حال استمرار العوامل المذكورة سالفاً سيتناغم مع ما توقعه دييغو بارليا مدير صندوق التحوط «كواردريغا إيجنيو» أن ترتفع أسعار الذهب عالمياً لتتراوح ما بين 3000 و5000 دولار للأوقية وذلك خلال فترة من 3 إلى 5 سنوات.

شراء مستمر

وقال محلل السلع وعضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين «esta»، ريمون نبيل لـ«الرؤية»، إن تصاعد الأزمة الليبية وتسارع الأنباء عنها مؤخراً عن احتمال نشوب حرب بالمنطقة بسبب ذلك الصراع، إضافة إلى تجدد النزاع الأمريكي الصيني وغلق بعض السفارات للبلدين دفع المستثمرين إلى مواصلة الشراء للذهب رغم تزايد أسعاره عالمياً ما يقرب من 25 % منذ بداية العام الجاري وحتى الآن لذلك.

وأكد أن الذهب ما زال الملاذ الآمن حتى الآن حيث إنه يتحرك قرب أعلى مستويات سعرية له عالمياً تاريخياً أي منذ إدراجه في البورصات العالمية فهو الآن في القمة التاريخية له بعد أن اقترب خلال آخر جلسات الأسبوع الثالث من شهر يوليو من مستوى 1904 دولار وهو لم يحقق ذلك المستوى السعري عالمياً منذ أكثر من 9 سنوات حيث حقق ذلك عام 2011.

ولفت إلى أن التفاف الأنظار حول الذهب هو ظهور كابوس الأزمة المالية العالمية من جديد أو ما شابهها في بعض دول العالم بسبب الوباء مما أدى إلى فقدان شهية المخاطرة لدى بعض مستثمري الأسهم وهو ما زاد من الضغوط على أسواق الأسهم ومن ثم سحب السيولة من البورصات الناشئة وتتجه إلى الذهب.

وذكر أنه بعد الزيادة الكبيرة الحالية في أسعار الذهب والاقتراب من القمة التاريخية له بدأت تتجه الأنظار من بعض المستثمرين في العالم إلى الفضة وهو المرافق الثاني للذهب في أذهان المستثمرين على مر العصور وقد وضح ذلك على تحركات الفضة السعرية حيث بدأت الفضة 2020 بالقرب من مستويات 14 دولاراً كمتوسط سعري لشهر يناير وارتفع حتى وصل آخر جلسات الأسبوع الثالث من يوليو إلى 23.64 دولار وأغلق الجلسة على 23 دولاراً محققاً مكاسب منذ بداية 2020 ما يقرب من 60% تقريباً حتى الآن.

ومن الناحية الفنية، أشار ريمون نبيل إلى أن الفضة لديها الآن دعم جيد قد تظهر بالقرب منه القوة الشرائية عند 21.50 دولار ولها مستهدف على المدى القصير يقترب من 25 دولاراً ثم مستهدف ثانٍ يقترب من 26.20 دولار ومن المتوقع أن تسيطر القوة الشرائية على الفضة في الربع الأخير من 2020 لتؤكد انتهاء الاتجاه الهابط لها ويتحول إلى اتجاه صاعد قد نذكر مستهدفاته بعد أن تستطيع القوة الشرائية اختراق مستوى المقاومة الرئيسي للفضة خلال الفترة المقبلة عند 28 دولاراً حيث إن اختراق ذلك المستوى قد يحول اتجاه الفضة إلى صاعد على المدى المتوسط على الأقل.

التألق والتماسك

من جانبه، قال المدير التنفيذي لدى شركة الجذور لتداول الأوراق المالية سابقاً لـ«الرؤية»، محمد دشناوي: إن من الطبيعي أن تتألق المعادن النفيسة وأن تتجه إليها الأنظار وتتدفق إليها السيولة ويرتفع عليها الطلب ويزيد التمسك بها مما يقلل العرض وبالتالي مزيد من الصعود والأسباب لذلك كثيرة ومتنوعة فالمعادن النفيسة وخاصة الذهب والفضة كان واضحاً جداً أنهم في اتجاه صعودي منذ عامين تقريباً لأسباب. أوضح أن من تلك الأسباب ارتفاع الأخطار الجيوسياسية في العالم بالإضافة إلى المناوشات الاقتصادية بين أمريكا والصين في عهد ترامب وتحور ذلك في الحروب الحمائية بخلاف الاقتصاد العالمي الذي يمر أيضاً بحالة من التباطؤ في الطلب مما زاد وأشعل الحمائية لأن المنافسة على بيع المنتجات أصبحت كبيرة وصعبة على مستوى العالم ثم ظهور كورونا في الصين.

واشتعلت التوترات بين أمريكا والصين بصورة كبيرة وأصبح حدوث تقارب بينهما أمراً مستبعداً ووصلنا لمرحلة تكسير العظام فبالأمس الصين أمرت بإغلاق القنصلية الأمريكية في مدينة شينغدو الصينية رداً على قرار السلطات الأمريكية بإغلاق القنصلية الصينية في هيوستن بأمريكا وهو اتهام كل منهما بأن السفارات تحولت لمراكز جواسيس وطبعاً أمريكا والصين القوتان الأكبر تأثيراً في الاقتصاد العالمي ولا أحد يستطيع أن يتوقع إلى أين سنصل هل نصل للمواجهات المسلحة أم تنجح إحداهما في أن تسقط الأخرى في الركود والتباطؤ الاقتصادي ولذلك عواقب وخيمة لذا المعادن النفيسة هي الملاذ الآمن.

وأشار محمد دشناوي إلى أن النتائج والعوامل التالية التي يعلمها الجميع والتي زادت الحمائية وعمقت الأزمة الاقتصادية في العالم فزادت قوة الذهب والفضة بصورة أكبر وفي مقدمتها ضعف الدولار وإغراق الأسواق بالنقد بسبب كورونا وتوقف الدم في عروق الاقتصاد لجأت الحكومات إلى تحفيز الاقتصاد بضخ مزيد من السيولة سواء للمنتجين والمستهلكين ع حد سواء لرفع الطلب حتى لا ندخل في أزمة كبيرة.

وذكر أن من تلك الأسباب انخفاض الفوائد وزيادة المخاطر حيث إن التباطؤ الاقتصادي يزداد سوءاً والحكومات ليس لديها بديل إلا تخفيض الفوائد والفوائد أصبحت قريبة من الصفر لذلك يصبح المال بلا عائد ويحمل مخاطر تباطؤ نمو وتراجعاً في قيمة العملة لذلك يكون من المجدي البحث عن الملآذات الآمنة (الذهب – والفضة).

وتوقع دشناوي أن يصل سعر الذهب الصعود لمستوى 2200 دولار في الأجل القريب لكن أصبح يحمل كثيراً من المخاطر مع كل ارتفاع في السعر ومع الأخذ في الاعتبار المتغيرات من العوامل السابقة المذكورة ونفس الشيء مع الفضة.

تحركات عنيفة

من جهته، قال رئيس شركة تارجت للاستثمار، نور الدين محمد، لـ«الرؤية»: «في ظل ما يحدث من تذبذبات قوية في أسعار الأسهم والتحركات العنيفة وغير المتوقعة في المؤشرات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية وكذلك نمو عدد حالات الإصابة بكورونا في بعض الدول مما دعاها إلى الرجوع إلى الإغلاق مرة أخرى مثل سلطنة عمان كل هذا صب في مصلحة المعادن النفيسة وعلى رأسها الذهب والذي وصل إلى سعر قياسي جديد وهو ما فوق ١٩٠٠ دولار للأوقية مما فتح المجال لرؤية أسعار قياسية جديدة قد تصل إلى ٢٠٠٠ دولار وفي الوقت ذاته أتوقع ارتفاعات أكثر في الفترة القادمة للمعادن التي لها استخدامات صناعية أكثر مثل الفضة والتي أتوقع أن تسجل ارتفاعات كبيرة في الفترة القادمة مع تنامي الطلب عليها بعد رجوع فتح الاقتصادات ورجوع معدلات النمو إلى ما كانت عليه».

وأشار إلى أنه في الوقت الحالي لا ينصح ببناء مراكز جديدة في الذهب ولكن يمكن تحقيق أرباح من المراكز المفتوحة حالياً ببيع جزء منها وتحقيق الربح منها تحسباً لجني أرباح عند هذه المستويات المرتفعة من الأسعار.

وأوضح أنه بالنسبة للفضة فقد حققت أسعاراً قياسية أيضاً فقد حققت سعر ٢٣.١٨ دولار للأوقية وهو الأعلى منذ عام ٢٠١٣ وقد شهد هذا السعر ارتداداً مع بداية من يوم أمس مع زيادة لهجة الحوار بين الولايات المتحدة والصين أكبر دولتين صناعيتين في العالم وأكبر مستخدمين الفضة للأغراض الصناعية أيضاً ولكن مع تحسن المؤشرات الاقتصادية والصناعية والتوسع في فتح الاقتصادات.

ويرى نور الدين محمد أن الطلب سيزداد على الفضة للأغراض الصناعية مما قد يحسن من السعر أكثر ولكن نطالب بالحذر أيضاً في فتح مراكز جديدة عند هذه المستويات القياسية الأسعار.

وأضاف أنه سيكون هناك ارتداد إلى مستوى ٢٠ دولاراً وهو مستوى الدعم الفني وعنده يتم التفكير في فتح مراكز جديدة لانتظار فرص صعود قد تصل إلى ٢٥ دولاراً.