الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

بيكر مكنزي: تسارع في تحول سلاسل التوريد العالمية للرقمنة

بيكر مكنزي: تسارع في تحول سلاسل التوريد العالمية للرقمنة

«الرؤية»

كشف تقرير جديد عن المشهد الكامل لعملية نقل سلاسل التوريد العالمية الجارية الآن، وإعادة تنظيمها، وكيف ساهمت جائحة كورونا في تسريع وتيرتها.

وتناول البحث، الذي أجرته بيكر مكنزي وسيلك رود أسوسيتس (إس آر إيه) Silk Road Associates (SRA)، الحصة السوقية في مجال التصدير عبر 350 فئة منتج و150 دولة، واتضح أنه بينما كان الجزء الأول من العِقد ثابتاً نسبياً من حيث الإنتاج وحصة الصادرات، كانت هناك بعض التقلبات المهمة بين عامي 2018 و2019 من الصين نحو الأسواق الناشئة الأخرى في العديد من القطاعات، وليس القطاعات كلها.

وكان من بين أبرز هذه القطاعات، قطاع السلع الاستهلاكية، حيث انخفضت حصة الصين من الصادرات العالمية بنسبة 4% (من 46% إلى 42%) في عام واحد.

وتحدد الفارق عبر جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، وفازت منطقة جنوب شرق آسيا على وجه الخصوص بحصة إضافية نسبتها 2% من السلع الاستهلاكية العالمية عبر فئات التصدير الرئيسية، بما في ذلك الهواتف الذكية والأثاث.

إعادة تصور سلاسل التوريد

التعافي والتجديد في آسيا والمحيط الهادئ وما وراءها، تركز على منطقة آسيا والمحيط الهادئ باعتبارها تقاطعاً حيوياً لسلاسل التوريد العالمية، وكيف ترسم أمور مثل الحروب التجارية والرقمنة ومتطلبات البيئة والحوكمة والمتطلبات الاجتماعية والجائحة الآن خريطة سلسلة التوريد في هذه المنطقة الشاسعة من جديد.

كانت هناك أيضاً تقلبات ملحوظة بعيداً عن الصين في مجالات تشمل أجهزة الكمبيوتر، وصادرات تكنولوجيا الاتصالات السمعية والبصرية. وضمت قائمة الدول المحددة الأكثر استفادة من هذا الاتجاه فيتنام والمكسيك.

ومع ذلك، سيشجع الصين أنه رغم استمرار تحويل بعض أنشطة التصنيع منخفضة الكلفة إلى مناطق جغرافية أخرى، حيث تكتسب الصين بالفعل حصة سوقية للتصدير في مجالات معينة تركز الصين عليها استراتيجياً، مثل مجال معدات الطاقة والتعدين والبنية التحتية، مدعومة في ذلك جزئياً بمبادرة الحزام والطريق.

ومن ثمّ، فإن وجهة النظر السطحية القائلة إن الإنتاج ينتقل خارج الصين غير مدعومة ببيانات. وهي تقدم بدلاً من ذلك، صورة معقدة لمشهد جديد أكثر مرونة أخذ ينشأ متأثراً تأثراً كبيراً بقضايا قطاعية محددة، والجغرافيا السياسية، وشواغل الاستدامة، والرغبة في استحضار الإنتاج الأساسي إلى الداخل كما هو من خلال تكاليف العمالة والحوافز الضريبية.

الرقمنة والاستدامة

يتسارع في الوقت نفسه التحول الرقمي لسلاسل التوريد. فوفقاً للتقرير، وعلى غرار الخطوات الهائلة التي قطعتها تكنولوجيا مكان العمل بسبب الجائحة، ستعمل إدارة سلاسل التوريد العالمية بدورها على قطع خطوات مماثلة، حيث تعمل الشركات على دمج التقنيات الجغرافية المكانية مع الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، لتحديد المخاطر المحتملة، والاختناقات المرورية، وضعف الأداء في سلسلة التوريد الخاصة بها.

وصرحت آن بيترد، رئيس قسم التجارة الدولية والتداول في آسيا والمحيط الهادئ، قائلة: «من المرجح أن تتطلع الشركات الرائدة متعددة الجنسيات إلى دمج إدارة المخاطر الوقائية وتحليلات البيانات الأكثر عمقاً في سلاسل التوريد الخاصة بتلك الشركات، فقدرتها على رسم خريطة كاملة لسلسلة التوريد الخاصة بها لفهم الموقع الجغرافي للموردين وتزويد الخرائط ببيانات بديلة، مثل الكوارث الطبيعية أو عمليات الإغلاق، من شأنه أن يساعد الشركات على امتلاك دفاعات داخلية ضد الصدمات الكبيرة التي تتعرض لها النظم البيئية للموردين».

ومن ثمّ، فمن المرجح أن تبتعد الشركات بشكل متزايد عن الاعتماد على مورد واحد في موقع شديد الخطورة (مثل منطقة صناعية معرضة للفيضانات) أو على مجموعة من الموردين تقع جميعها في نفس المنطقة المركزة.

وتساهم الاستدامة أيضاً في تشكيل مستقبل سلاسل التوريد. فقد ذكر نيكولاس رينهوبر، رئيس مجموعة جلوبال آي إم تي Global IMT Group، قائلاً: «إن كلفة العمالة كانت محركاً رئيسياً للتصنيع في الدول منخفضة الكلفة»، مشيراً إلى أن «هناك عوامل دافعة إضافية تراوح من الجودة إلى الموثوقية، بما في ذلك الآثار المترتبة على تغيير الأطر التنظيمية أو تطويرها، إضافة إلى معايير البيئة والحوكمة والمعايير الاجتماعية الأعلى المطلوبة من قبل العملاء والمستثمرين.»

تسارع الجائحة

لقد أبرزت جائحة كورونا بقوة الحاجة إلى رقمنة سلسلة التوريد وتنويعها، فوفقاً لبيكر مكنزي، ومن خلال محادثات العملاء مع الشركات متعددة الجنسيات في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ في مختلف القطاعات، من الواضح أن هناك أهمية متزايدة تُولى لإدارة سلسلة التوريد من الفرق التشغيلية إلى مجلس الإدارة.

وتتطلع العديد من الشركات على المدى القصير إلى تأمين موردين أقل كلفة، وتركز جهودها على الحفاظ على موقفها المالي سليماً، وحتى على مجرد البقاء والاستمرار في مجالات مثل معدات الوقاية الشخصية، غير أن الشركات تحظى بالتشجيع والتحفيز إلى حد كبير للإنتاج داخلياً.

أما على المدى الطويل، فترى الشركات باضطراد الحاجة إلى وضع إعادة تصور جوهرية لسلاسل التوريد، وشهدت الصدمات التي تلقاها قطاع التوريد والتي اتسمت بها الفترة الأولية من انتشار الجائحة استعداد العديد من الشركات لإجراء إعادة هيكلة جوهرية لسلسلة التوريد، على الرغم من انتظار العديد من تلك الشركات حتى استقرار الاقتصادات.

وسيؤدي الجمع بين كل هذه العوامل إلى مشهد مختلف تماماً لسلسلة التوريد بحلول منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

وأوضح بن سيمبفيندورفر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سيلك رود أسوسيتس، قائلاً: «تواجه سلسلة التوريد العالمية اضطراباً تاريخياً، وسنرى تغييرات في السنوات الخمس المقبلة تفوق ما جرى من تغييرات في السنوات العشرين الماضية، فنحن ننتقل إلى نموذج جديد تشكل بالكامل على يد القوى المتنافسة، من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلى انتشار جائحة كورونا إلى زيادة التشغيل الآلي والرقمنة».