الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

خبراء: خسائر اقتصاد السودان فادحة بسبب الفيضان

خبراء: خسائر اقتصاد السودان فادحة بسبب الفيضان

أرشيفية

يكابد الاقتصاد السوداني للنجاة من الغرق تحت وطأة الفيضان، ومشكلات تاريخية متراكمة خلفها النظام السابق، الأمر الذي دفع الحكومة السودانية إلى إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية وتكوين قوات مشتركة لحماية الاقتصاد السوداني.

وقالت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلف، هبة أحمد علي، بنهاية الأسبوع الماضي وفقاً لبث متلفز، إن حالة الطوارئ الاقتصادية تشمل قوانين رادعة لحماية الاقتصاد وإعلان محاكم ونيابات للطوارئ.

ووصفت الوزيرة ما يحدث من ارتفاع جنوني في سعر الدولار بالسوق الموازي بعملية تخريب ممنهج للاقتصاد السوداني لخنق الحكومة وليس بسبب تغييرات هيكلية في الاقتصاد مؤكدة أن الحكومة لن تتوانى في ردع المتلاعبين وتأمين نجاح الخطة وحماية الاقتصاد.

بينما يبلغ سعر الدولار الأمريكي 55 جنيهاً سودانياً، السعر الرسمي من بنك السودان المركزي، يتراوح سعره بين 245 جنيهاً و250 جنيهاً في السوق السوداء، وصعد مؤخراً لأكثر من 260 جنيهاً.

وتمثل الفجوة في سعر الصرف بين السوق الرسمي والموازي، مشكلة رئيسية للبلاد، وفاقم ذلك خروج تحويلات العاملين في الخارج من السوق الرسمي، لتسجل نحو 150 مليون دولار في 2019، مقابل 271 مليون دولار في العام السابق، مقارنة بنحو 3.1 مليار دولار في 2008، ويعكس ذلك تفضيل التحويلات عبر القنوات غير الرسمية للاستفادة من سعر الجنيه المرتفع، ويقدر عدد السودانيين المهاجرين بنحو 6 ملايين مواطن.

خسائر الفيضان

وكبدت الفيضانات غير المسبوقة الناتجة عن ارتفاع منسوب النيلين الأزرق والأبيض لأعلى مستوى في تاريخها اقتصاد السودان المريض خسائر فادحة، تصفها الخبيرة المصرية في الشأن السوداني، أسماء الحسيني، بخسائر ضخمة نتج عنها غرق وتدمير نحو 27 ألف منزل كلياً، وغرق وتدمير 42 ألف منزل جزئياً، مع وجود نصف مليون مواطن مشرد يحتاج إلى إغاثة عاجلة.

وتقول أسماء الحسيني، إن 80% من المزارع على النيل الأزرق تضررت وهي تمثل دخلاً أساسياً لآلاف المواطنين، وتلك الخسائر تمثل عبئاً إضافياً على دولة تمر بمرحلة انتقالية، بعد حكم نظام البشير السابق لمدة 30 عاماً، ترك فيها خزائن البلاد خاوية، بالإضافة إلى تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد.

ويعاني السودان من أزمات اقتصادية متراكمة، منذ عهد النظام السابق، تزايدت حدتها مع انفصال جنوب السودان عام 2011، وفقدانه نحو ثلثي الإيرادات النفطية، وحدوث خلل هيكلي بعدم وجود احتياطي من النقد الأجنبي، وفقاً لتصريحات سابقة لرئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك.

وتضيف أسماء الحسيني: «لذلك السودان في مأزق كبير ويحتاج إلى دعم الأشقاء العرب لإعادة الإعمار، وهو دعم هام جداً حالياً لأن السودان يواجه الغرق في المياه وأوضاع أخرى معقدة».

وتشير إلى أن اتفاق السلام الموقع مؤخراً يحتاج نحو 5 مليارات دولار لنجاحه لأنه يتضمن إعادة نحو 4.5 مليون نازح، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، وتلك مشكلة أخرى تقابل السودان بالإضافة إلى استمرار العقوبات الأمريكية.

ووقع في جوبا عاصمة جنوب السودان نهاية الشهر الماضي، اتفاق سلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية وحركة تحرير السودان جناح مني مناوي.

دعم الأشقاء العرب

وقال الخبير الاقتصادي السودان، ناصر السيد، إن فيضان العام الجاري استثنائي وتسبب في خسائر كبيرة في كل مدن السودان على امتداد النيل من الجنوب للشمال، تتلخص الخسائر في فقدان الأرواح والمساكن والممتلكات والزراعة على أطراف النيل، وتقدر الخسائر بمليارات الجنيهات حتى الآن، ويتوقع المزيد من الكوارث، لا سيما الجانب الصحي بعد تكاثر الذباب والبعوضة المسببة للملاريا والأمراض الأخرى المرتبطة بعدم وجود الماء النظيف ما سيضغط كثيراً على الخدمات الصحية بالبلاد.

وأضاف ناصر السيد أن هذه الظروف والوضع الاستثنائي الحالي لن تقدر على مواجهته الحكومة الوليدة، لا سيما بعد الصرف الكبير لمواجهة جائحة كورونا وتعطيل أغلب مصادر الإنتاج لفترة ليس بالقصيرة مما أفقد خزينة الدولة أموالاً كثيرة، ولا بد من إيجاد الدعم العيني والمالي الكبير من الأشقاء والأصدقاء لمعالجة أوضاع المواطنين الذين فقدوا ممتلكاتهم وزراعتهم ويعيشون بالعراء حالياً، ودعم القمح والدقيق وتوفير الوقود لتحريك النقل والمواصلات والكهرباء.

وأوضح أن خزينة الدولة تعاني من شح الموارد ولن تتمكن من طلب المزيد من المواطن الآن لذا من الضروري دعم الأشقاء على الأقل لتدارك الوضع الإنساني الصعب ومساعدة المواطنين على إعادة البناء والإنتاج مرة أخرى في الموسم القادم، مشيراً إلى أن أغلب المساكن بسيطة جداً وغير مكلفة.

ويعاني السودان من ارتفاع معدل التضخم ليصبح في المركز الثاني عالمياً بعد فنزويلا، وسجل نسبة 143.78% خلال شهر يوليو الماضي، مقابل 136.36% في شهر يونيو السابق، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء في السودان.

وفشل النظام السوداني السابق في النهوض بقطاع الزراعة رغم وجود مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة تقدر بنحو 200 مليون فدان المستغل منها 25% فقط، مع غياب سياسات اقتصادية رشيدة تنهض بالقطاع الذي يمثل 44% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

وتقدر واردات السودان بنحو 7 مليارات دولار، بينما تبلغ الصادرات نحو 3 مليارات دولار سنوياً.

ورغم تصنيف السودان كأكبر منتج للذهب في العالم، إلا أن الحكومات المتعاقبة فشلت في الحصول على إيرادات متناسبة مع الإنتاج مع استمرار مسلسل التهريب والفساد، وقدر وزير الطاقة والتعدين السوداني عادل علي إبراهيم، الإنتاج السنوي من الذهب بنحو 120 إلى 200 طن سنوياً، بعائدات نحو 5 مليارات دولار، مع عدد عاملين بالقطاع نحو 5 ملايين عامل.

وقدرت الحكومة الإيرادات في موازنة 2020 بنحو 567.3 مليار جنيه، بعجز متوقع 16.1 مليار جنيه، في وقت توقعت لجنة حكومية تراجع الإيرادات بنسبة 60% بسبب تداعيات جائحة كورونا.