الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

خبراء يتوقعون استمرار انهيار الليرة التركية

خبراء يتوقعون استمرار انهيار الليرة التركية

أرشيفية

توقع خبراء، لـ«الرؤية»، استمرار انهيار عملة الليرة التركية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، مع تزايد التفاعل مع حملة المقاطعة الشعبية للمنتجات التركية، ومعاناة اقتصادها من الآثار السلبية لفيروس كورونا، والقيود المفروضة على السفر والسياحة، وارتفاع المخاوف بشأن التضخم والسياسة النقدية والاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي، والعقوبات المحتملة من الاتحاد الأوروبي بسبب التوترات بين أنقرة واليونان في شرق البحر المتوسط.

وتشير البيانات المتاحة إلى أن الليرة التركية فقدت نحو 33% من قيمتها هذا العام، وذلك بعد أن سجلت مستوى منخفضاً جديداً عند 7.9 مقابل الدولار الأمريكي، ليضعف سعرها عن الإغلاق السابق البالغ 7.87 ليرة، وتتجه الورقة الأمريكية الخضراء نحو تسجيل مستوى 8 ليرات.

وقال إياد عارف مؤسس مركز نما زون للأبحاث الاقتصادية، إن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، ويبدو أن الاقتصاد التركي والليرة يدفعان ثمن سياسات أنقرة في التدهور المستمر الذي أوصل سعر الصرف مقابل الدولار بالقرب من 8 ليرات، وبذلك تكون الليرة فقدت أكثر من 45% من قيمتها خلال العامين الماضيين.

وأشار إلى أنه على الرغم من كل محاولات البنك المركزي التركي في كبح التضخم الجامع التي باتت بالفشل، ما اضطره إلى رفع معدلات الفائدة إلى 10.25%، ليؤكد وجود مشكلة عميقة سوف تؤثر على عجلة التنمية، وسترفع من معدلات البطالة عاجلاً أم أجلاً.

وأوضح أن تراجع سعر عملة الليرة عادة يمثل ميزة تنافسية في التصدير، لكن في الحقيقة الصادرات التركية ارتفعت بأقل من التوقعات، وهو الأمر الذي كشفت عنه وزارة التجارة بنسبة 4.8%.

وبيّن أنه هنا نجد فجوة متسعة بين التضخم وانكماش الصادرات، وهو الأمر الذي يدل على وجود حالة عامة من التخوف وعدم اليقين تجاه السياسات الاقتصادية، علاوة على ترقب ما ستؤول إليه المحادثات حول العقوبات الأوروبية لإثناء أنقرة عن سياساتها الاستفزازية التي تمارسها حيال دول حوض البحر المتوسط.

من جهته، قال رئيس شركة تارجت للاستثمار، نور الدين محمد، لـ«الرؤية»، إن الليرة التركية أمامها العديد من التحديات، على رأسها عدم توفر السيولة من العملات الأجنبية نتيجة عزوف المستثمرين وخروج الأموال الساخنة من تلك البلاد.

وأوضح أن ذلك نتيجة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي بالبلاد لدخولها في أكثر من صراع إقليمي على مستوى الشرق الأوسط، وعالمياً أيضاً، وبالتالي حدث هذا الانخفاض القوي بقيمة العملة وكذلك المؤشرات الاقتصادية، وهذا ما توقعناه سابقاً. متوقعا عدم صعود الليرة وعدم تحسن المؤشرات الاقتصادية بتركيا قريباً إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

بدوره، قال محلل اقتصادي أول لدى شركة أوربكس، عاصم منصور: «مع استمرار تدهور الأداء الاقتصادي التركي خاصة بعد ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى 4.6 مليار دولار خلال أغسطس، تزايدت حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، وضغطت على قيمة الليرة التركية».

وتوقع أن تستمر تلك الضغوط عليها خاصة في ظل تزايد مخاطر السياسة الخارجية التركية العدائية، بعد تورطها المتزايد في النزاعات العسكرية والنزاعات الإقليمية في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط والصراع الأخير بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم كاراباخ، الأمر الذي سيبقيها في عزلة عن العالم، وبالتالي استمرار تدهور الأداء الاقتصادي.

وأضاف أنه مع غياب نية الحكومة التركية في تغيير سياستها، فمن المتوقع أن يستمر هروب رؤوس الأموال والضغط على الليرة التركية أمام الدولار، والتي تستقر حالياً قرابة المستوى 7.89، ما يزيد احتمالات استمرار تراجعها إلى 8 و9 ليرات أمام الدولار الأمريكي.

ولاحظ أن معدلات الفائدة الحقيقية السلبية في تركيا ستضر كلاً من المودعين والمستثمرين، حيث تستقر معدلات الفائدة عند 10.25%، بينما تستقر معدلات التضخم عند 11.8%.

ومع ترقب الأسواق لنتائج اجتماع البنك المركزي التركي، يوم الخميس المقبل، لفت عاصم منصور إلى أنه بالرغم من توقعات الإبقاء على الفائدة الحالية قوية، فإن استمراره في رفع الفائدة غير مستبعد بعد قيامه برفعها مؤخراً بمقدار 200 نقطة أساس للمرة الأولى في عامين.

وأوضحت محللة الأسواق لدى «بيت المال للاستشارات»، لـ«الرؤية»، أسماء أحمد علي، أن الهبوط المدوي لليرة التركية مقابل الدولار يعود لعدة أسباب، أبرزها التدخل في سياسات البنك المركزي، وعدم وجود عنصر الاستقلالية للمركزي في رسم سياسته النقدية.

وأكدت أن ذلك أثّر سلباً بدوره على ثقة المستثمر بطبيعة الحال، حيث نجد أن الليرة التركية حالياً في مسار صعب وسط تناقص في احتياطات العملات الأجنبية التي يتم الأخذ منها بوتيرة سريعة، ودعمها مرة أخرى، حيث أنفق البنك المركزي 10 مليارات دولار منذ شهر يوليو، ليظل الاحتياطي عند 41.12 مليار دولار فقط. بالإضافة إلى تضخم بأكثر من 11%، وهنا يأتي الخلاف، حيث يرى الاقتصاديون أن حل هذا التضخم هو رفع معدلات الفائدة، بينما يصف الرئيس التركي رفع معدلات الفائدة بـ«الشر».

وقالت إن من المؤثرات على سعر الليرة أسباب جيوسياسية منها انخراط تركيا في صراعات عدة بدولتي ليبيا وسوريا، ومعادتها مع قبرص بشأن غاز حوض البحر المتوسط، بالإضافة إلى تهديد الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات بسبب منظومة الدفاع الروسية، ودعوات مقاطعة المنتجات التركية من قبل دول الخليج.

وأكدت أن الليرة تواجه تحديات من تبعات فيروس كورونا مثل اقتصاديات الدول الأخرى المتسببة في تراجع نشاط السياحة، مع ارتفاع معدلات البطالة مع رفض تركيا أي مساعدة من صندوق النقد الدولي.

وأشارت إلى أن حالة عدم اليقين حتى وإن تم رفع معدل الفائدة خلال الاجتماع القادم، ستظل الليرة التركية تعاني إلى أن تزول حالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد في أنقرة حالياً، والتي بدورها تنعكس على الاقتصاد، لا سيما العملة، حيث تظل تلك الحالة تسيطر عليها وتظل أيضاً العدو الأول لاستقرار الأسواق المالية بتركيا بسبب الأمور الجيوسياسية التي ذكرنها وتمارسها البلاد.