السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

هل تصدر البنوك المركزية العربية عملات رقمية قريباً؟

هل تصدر البنوك المركزية العربية عملات رقمية قريباً؟

أرشيفية

يبدو أن عام 2021 سيشهد تسارع البنوك المركزية حول العالم وفي المنطقة العربية نحو انتهاج سياسات مالية أكثر انفتاحاً على التحول الرقمي وإصدار العملات المشفرة بدعم التحديات التي خلفتها جائحة «كوفيد-19».

وقال محللون مختصون في تصريحات لـ«الرؤية»، إن الجائحة سرعت تبني الدول العربية لإصدار العملات الرقمية المشفرة بعد أن كان الأمر بعيداً تماماً عن تبني مثل هذه الابتكارات المالية حالياً.

وتأتي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بصدارة الدول العربية التي اتخذت خطوات فعالة تجسدت في مشروع «عابر» المشترك بين البلدين.

ومشروع «عابر» هو مبادرة مبتكرة بين البنكين المركزيين بالإمارات والسعودية؛ يهدف إلى إثبات جدوى وفهم ودراسة أبعاد استخدام تقنية السجلات الموزعة في التسويات المالية عن كثب من خلال التطبيق الفعلي، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية مشتركة بين المملكة والإمارات من أجل تطوير أنظمة الدفع عبر الحدود بين البلدين عن طريق استخدامها كوحدة تسوية لعمليات البنوك التجارية في كلا البلدين.

كذلك تعمل البحرين أيضاً على ترسيخ مكانتها كرائد في مجال العملات الرقمية في الشرق الأوسط، فقد وافق مصرف البحرين المركزي على إنشاء شركة الأصول المشفرة (Rain Crypto Exchange) وقد اشتروا حصة من أسهم هذه الشركة وعرضوها في بورصة Bittrex العالمية، وقد فكَّت هذه الشركة عقدتها بعد أن انتظرت عامين إلى أن وافق مصرف البحرين المركزي على تقنينها.

وذكر محللون أن البنوك المركزية بالمنطقة العربية بدأت تستوعب تدريجياً أهمية تبني التقنيات الجديدة وأصبح عندها استعداد لتحمل المخاطر المرتبطة بهذه التقنيات بحذر عبر توفير الحماية الإلكترونية المطلوبة.

واقع جديد

الدكتور محمد إبراهيم راشد، بكلية السياسة والاقتصاد بجامعة بني سويف في مصر، قال إن أزمة كورونا فرضت واقعاً جديداً فيما يخص إصدار العملات الرقمية حول العالم، بعد أن كان مجرد التفكير فيها أمراً مستبعداً.

وأضاف إبراهيم، في تصريحات لـ«الرؤية»، إن البنوك المركزية العالمية تتوجه نحو التفكير بقوة نحو إصدار عملات رقمية، عبر تطوير وسائل ونظم الدفع وتسوية المعاملات الدولية.

وتابع: «العملات المشفرة أصبحت أمراً واقعاً فرض نفسه ومن هنا بدأت البنوك المركزية التفكير ملياً في إصدار عملات رقمية وفق أسس سليمة ويكون لها إطار تشريعي وتنظيمي يحكمها بدلاً من نمو هذه العملات الرقمية بعيداً عن سيطرتها».

وأفاد بأن العملات المشفرة المصدرة من قبل القطاع الخاص بدأت تأخذ اتجاهاً متزايداً مؤخراً وتجذب متعاملين أكثر يوماً تلو الآخر مثل البيتكوين وغيرها.

وأضاف أن هناك منافسة محمومة بين البنوك المركزية الأوروبية والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إصدار عملة رقمية، حتى لا تنفرد الصين بالريادة في هذا المجال بعد إعلانها قرب إصدار عملتها الرقمية.

وأكد أن الكثير من الدول العربية سواء في مصر أو دول الخليج على وجه الخصوص لديهم مقومات البنية التحتية المعلوماتية والتكنولوجيا المالية وبالتالي فكرة إصدار عملة رقمية وتأمينها لن يكون أمراً صعباً على الإطلاق.

ويرى أن مشروع «عابر» لإطلاق عملة رقمية بين السعودية والإمارات قد يكون نواة لإصدار عملة عربية موحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وستقتصر العملة الرقمية الناشئة في البداية على تسوية المعاملات بين البنوك التجارية وبعضها البعض في البلدين بما يسهم في تطوير نظم الدفع محلياً ودولياً.

طرق متطورة

من جانبه، قال محلل اقتصادي أول لدى شركة أوربكس لـ«الرؤية»، عاصم منصور، إن الحكومات والبنوك المركزية العالمية تتجه إلى تطبيق تكنولوجيا «البلوكتشين» نظراً لما توفره من طرق جديدة ومتطورة لتحويل رؤوس الأموال بسهولة.

وأضاف منصور أن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تبنت تقنية التعاملات الرقمية في تنفيذ المعاملات الحكومية، ولتحقيق النتائج المرجوة، أطلقت الدولة استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021 واستراتيجية دبي للتعاملات الرقمية.

وتهدف استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021 إلى تطوير التقنيات المتقدمة وتوظيفها لتحويل 50% من التعاملات الحكومية.

وذكر منصور أن هذا سيسمح بتطوير تلك الآليات على المدى القريب ومن المتوقع أن تتبع بقية الدول العربية حذو الإمارات في هذا الأمر.

وتابع منصور: «في السعودية قدمت شركة الاتصالات السعودية (STC) تكنولوجيا الدفع الإلكتروني في خطوة تثبت أهمية التعاملات الرقمية، بينما تعمل مصر جاهدة على التحول الرقمي وبناء قاعدة بيانات ضخمة خلال السنوات الأخيرة وهو ما يمهد الطريق إلى بدء النظر في تكنولوجيا البلوكتشين حتى وإن لم يعنِ ذلك إطلاق عملات رقمية خاصة بكل دولة ولكنها بكل تأكيد ستحصل على حصة كبيرة خلال السنوات المقبلة من وسائل الدفع».

وفي تقرير سابق، كشف بنك التسويات الدولية عن مشاركة نحو 80% من البنوك المركزية حول العالم في البحث والتطوير لإطلاق عملات رقمية.

ومنذ أواخر 2019، أفادت بنوك مركزية تمثل نحو خُمس سكان العالم، بأنها سوف تصدر عملات رقمية قريباً جداً.

وأضاف بنك التسويات، أن وباء كورونا وتدابير التباعد الاجتماعي، والمخاوف العامة من انتقال الفيروس عبر النقد المتداول، أدى إلى تسريع مخططات التحول نحو المدفوعات الرقمية، وهو ما يعطي دفعة للبنوك المركزية لإطلاق عملاتها.

نجاح الإصدار

وذكر صندوق النقد العربي في دراسة حديثة له، أن نجاح عمليات إصدار العملة الرقمية يحتاج إلى توفر عدد من المتطلبات الداعمة التي تتعلق بوجود بيئة قانونية قوية تحكم تعاملات العملات الرقمية، وما يستتبع ذلك من ضرورة توافق تعاملاتها مع الأطر القانونية الموضوعة لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وحماية البيانات واعتبارات الخصوصية، ذلك إضافة إلى عدد من المتطلبات الأخرى المعززة من بينها على سبيل المثال، التحول إلى نظم الهوية الرقمية بما يسمح بتتبع التعاملات ويزيد مستويات الاستفادة من الخدمات المالية الرقمية.

وأضاف الصندوق أن كل دولة تحتاج للمفاضلة ما بين المزايا المترتبة على إطلاق عملة رقمية صادرة عن البنك المركزي، مع التحديات الناتجة عن ذلك، وبحيث تختار ما يناسبها بما يتلاءم مع طبيعة تطور القطاع المالي لديها ونظم المدفوعات القائمة، فالمزايا المترتبة على إصدار عملة رقمية تتعدد وتتنوع ما بين زيادة مستويات سرعة وكفاءة نظم المدفوعات، وخفض كلفة إصدار النقد، علاوة على زيادة مستويات تنافسية نظم المدفوعات، وتسهيل عمليات التحول الرقمي، وخفض التعاملات النقدية.