الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي والعربي؟

كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي والعربي؟

تتسم الثورة الصناعية الرابعة ببزوغ عدد من التقنيات والمحركات العلمية التي سوف تغير وجه العالم ومن بينها لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبحسب دراسة حديثة لصندوق النقد العربي، فإن تلك الثورة سوف يكون لها تداعيات ملموسة تصاعدية على الأنظمة الاقتصادية حيث ستؤدي إلى إعادة هيكلة شاملة للبنيات الاقتصادية باتجاه التحول لقطاعات إنتاج المعرفة والتقنيات عالية القيمة المضافة وإنهاء موجات ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي استندت عليها نماذج التنمية في العديد من الدول النامية والأسواق الناشئة، وهو ما يتوقع أن يؤدي إلى تباطؤ معدلات نمو السلع الأساسية.

لكن في المقابل، يرافق هذه الثورة فرص اقتصادية نتيجة الزيادات غير المسبوقة في مستويات الإنتاجية والتنافسية في ظل تطور مهارات القوى العاملة، وزيادة التراكم الرأسمالي والمعرفي.

وتابعت الدراسة: «سيصاحب هذه الثورة صدمات كبيرة في أسواق العمل، في التطورات التقنية المتسارعة وانتشار الروبوتات، وتقنيات الإنتاج الذكية ستتسبب في انخفاض كبير في مستويات الطلب على العمالة غير الماهرة. كذلك من المتوقع أن ينتج عن هذه الثورة تعميق فجوة النوع الاجتماعي في ظل التوقعات بأن تؤدي تلك الثورة إلى فقدان أكبر في الوظائف بالنسبة للإناث».

وذكرت دراسة النقد العربي: «رغم أن البدايات الأولى للذكاء الاصطناعي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، إلا أن هذه البدايات لم تكن موفقة، ولم تسفر عن تطبيقات ناجحة».

وأضافت أنه في المقابل شهد العالم خلال حقبة التسعينيات قفزةً كبيرةً في استخدام تلك التقنيات نتيجة الانخفاض الكبير في تكاليف تصنيع الحواسب الآلية والهواتف المحمولة، والانتشار الكبير والاستخدام المتسارع لشبكة الإنترنت والهواتف المحمولة، وتوفر قدر هائل من المعلومات.

وفي ضوء المخاوف من الانعكاسات المحتملة لتطور الذكاء الاصطناعي إلى القدر الذي يمكن أن يشكل مخاطر على البشرية، ظهر الجدل حول أهمية حوكمة الذكاء الاصطناعي والتزام دول العالم بعدد من المبادئ التي تضمن استخدام هذه التقنية بما فيه صالح البشرية، وتقييد أية ابتكارات تنافي أو تخالف ذلك وعلى رأسها المبادئ الصادرة عن منظمة التعاون االقتصادي والتنمية ودول مجموعة العشرين.

وتطرقت الدراسة إلى الانعكاسات الاقتصادية للذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي والعربي، وأشارت إلى أن استخدام هذه التقنيات يرتبط بالعديد من المكاسب الاقتصادية التي تقدر على المستوى العالمي بما يراوح بين 13 و7.15 تريليون دولار.

ومن المتوقع ألا يكون للذكاء الصناعي تأثير خطي على الناتج العالمي بل من المتوقع أن يشهد الناتج العالمي زيادة بوتيرة متسارعة مع مرور الوقت في ظل التطور المتنامي في استخدام هذه التقنيات لا سيما بعد مرور فترة تراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات.

ومن المتوقع أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى إحداث تحول ملموس في مستويات الإنتاجية والناتج العالمي من خلال مساهمتها في تعزيز قدرات العاملين ومن خلال أتمتة بعض المهام والأدوار. توضح بعض التقديرات أن 45% من المكاسب الاقتصادية المحتملة بحلول عام 2030 سوف تأتي من تطوير المنتجات وحفز مستويات الطلب وشخصنة المنتجات والقدرة على الحصول على المنتجات بأسعار في متناول المستهلكين.

وأوضحت الدراسة أن التطور التقني في إطار الثورة الصناعية عملية ديناميكية ستنطوي على خلق الوظائف وإلغائها في ذات الوقت وتؤدي إلى زيادة صافية في خلق الوظائف فيما يتعلق بالعمالة الماهرة وخسارة صافية في العمالة غير الماهرة نتيجة أتمتة عدد من الوظائف حيث يتوقع أن ينتج عنها فقدان لنحو 85 مليون وظيفة تتعلق بالأساس بالوظائف منخفضة المهارات والنمطية.

ومن المتوقع أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الفجوة الرقمية والتفاوت في توزيع الدخل ما بين الدول المتقدمة التي من المتوقع أن تجني المكاسب الأكبر من هذه التقنيات بزيادة متوقعة في مستويات الناتج المحلي تراوح ما بين 20 و25% في ظل تزايد وتيرة تبني هذه التقنيات بما يعكس العديد من العوامل على رأسها ظاهرة شيخوخة السكان، وارتفاع مستويات الأجور، مقابل مكاسب معتدلة للبلدان النامية بحدود ما يراوح بين 5 و15% مقارنة بمستويات الناتج المسجلة الحالية نظراً للتحديات التي تواجه الدول العربية فيما يتعلق باللحاق بركب هذه التقنيات نتيجة انخفاض مستوى كفاءة رأس المال البشري والمادي وارتفاع معدلات البطالة وهو ما يخفض الحافز لديها نحو تبني مثل هذه التقنيات.