الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كيف فشلت فيسبوك في إطلاق عُملة رقمية؟

كيف فشلت فيسبوك في إطلاق عُملة رقمية؟

(أ ف ب)

أصدرت شركة فيسبوك عام 2019 تصريحاً جريئاً مفاده بأنه في غضون عام واحد، ستطلق عُملة عالمية جديدة تحت مسمى «ليبرا».

وكانت الفكرة تتلخص في تقديم بديل للعملات الوطنية في المعاملات عبر الحدود، وتوفير شبكة دفع لملايين الأشخاص الذين لا يتعاملون مع البنوك، وكان من المقرر إصدار هذه العُملة الرمزية الرقمية بشكل كامل «الليبرا» بواسطة اتحاد في سويسرا ودعمها بسلة من العملات الوطنية، وهذا يعني أن منشئيها سعوا إلى الاستقلال عن السلطات السيادية.

ولكن سرعان ما خفضت شركة فيسبوك طموحها وتوقعاتها، فأعادت تسمية الليبرا لتصبح «ديم»، وانتقل الكيان المصدر لها من سويسرا إلى الولايات المتحدة، حيث أقام شراكة مع بنك «سيلفر جات» لإصدار عملة رمزية تتوافق مع اللوائح التنظيمية المصرفية في الولايات المتحدة.

وحسب تحليل لموقع «بروجيكت سينديكت» فإن صعود الليبرا ثم هبوطها السريع ينبئنا بالكثير ويعطينا مثالاً ساطعاً لمحاولة مبتسرة ورديئة التصميم لتحدي القوى القائمة، ويسلط مصير ليبرا الضوء على الأهمية الحاسمة لبناء تحالفات لديها المقدرة على الصمود بوجه المنافسين.

ولفت التحليل إلى أن شركة فيسبوك واتحاد الليبرا لم يخترعا فكرة العملات الرقمية، التي كانت حاضرة طوال 10 سنوات، ولم يفتحا آفاقاً جديدة لأنظمة الدفع، حيث كانت شركات مثل «باي بال» تعمل على بناء أنظمة بديلة في ظل البنية المصرفية القائمة لأكثر من 20 عاماً. وكان هذا الظهور الهادئ موطن قوة ونقطة ضعف في آن، فقد سمح لمنصات جديدة بالتوسع دون إثارة غضب القائمين على تنظيم مثل هذه العملات.

ولأنها جديدة على اللعبة، كانت شركة فيسبوك تأمل في استغلال ميزتها النسبية كمنصة رقمية يستخدمها أكثر من 2.3 مليار مستخدم لدخول التيار الرئيسي للعملات الرقمية.

وبناءً على بدعة «العملة المستقرة»، كان من المفترض أن تربط عملة ليبرا بسلة من العملات التي تصدرها بلدان تتمتع بسمعة طيبة فيما يتصل بالاستقرار، وبدعم جدير بالثقة من البنوك المركزية.

وكان من المقرر أيضاً أن تتبع قيمتها متوسطاً مرجحاً للجنيه البريطاني، والدولار الأمريكي، واليورو، والدولار السنغافوري، والين الياباني، حتى رغم أنها ستصدر من قبل كيان خارج الاختصاص القانوني لأي من هذه البلدان.

ولكن في غضون أسابيع، جاءت ردة الفعل التنظيمية قوية وسريعة وشرسة، حيث أعرب الساسة في مختلف أنحاء العالم عن رفضهم لفكرة الليبرا. وأطلق مجلس الاستقرار المالي، الذي تشمل عضويته بلدان مجموعة العشرين، مراجعة للأطر التنظيمية القائمة، وبدأ في تنسيق الاستجابة للتهديد الذي تفرضه عملة الليبرا وغيرها من العملات المشفرة العالمية الطموحة.

ولم تنجح كل مناشدات مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، في زحزحة القوى القائمة عن موقفها، لتضطر فيسبوك الانسحاب من المشروع، وتلا ذلك انسحاب أعضاء اتحاد الليبرا الرئيسيين. وعندما أعلن اتحاد ديم أخيراً نقل مقره من سويسرا إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، ولكن لم يتطلب نقل المعسكر إلى جنوب كاليفورنيا سوى إعادة خلط الأوراق والتفاوض مع مجموعة مختلفة من الهيئات التنظيمية. ويستطيع القائمون على السلطة النقدية أيضاً أن يتعلموا من مصير الليبرا، ففي الأمور الدنيوية، تكون السلطة دائماً موضع نزاع، وهي بالتالي مؤقتة، وفي وجود منافسين يتحينون الفرصة دوماً، سيضطر شاغلو مناصب السلطة الذين لا يتعلمون كيف يسيطرون على هؤلاء المنافسين إلى الاستسلام في النهاية.