الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

جيش من رجال الأعمال المجهولين يسيطر على صناديق التحوط

جيش من رجال الأعمال المجهولين يسيطر على صناديق التحوط

ستذهب أغلب الأموال الجديدة في صناديق التحوط إلى استثماراتٍ عملاقة متعددة الاستراتيجيات، حيث تتمثل الفكرة الأنجح في صناديق التحوط الآن بقوة الأرقام، أي أنَّ المستثمرين يضخون الأموال في الصناديق التي لا تعتمد على الذكاء أو انتقاء الأسهم، بل يقدمون جيشاً من المتداولين الذين يستثمرون في مجموعة من الاستراتيجيات. أمَّنت الشركات العملاقة جميع الأموال الجديدة إلى حدٍّ كبير في صناديق التحوط العام الماضي، ما عزز التحول التكتوني المتسارع منذ الوباء.

تزداد قابلية المتعاملين لدفع رسوم عالية للوصول إلى عالمٍ كامل من الاستثمارات، انطلاقاً من الأسهم الأمريكية والمعادن الثمينة إلى العملات الآسيوية. يتناقض ذلك مع نموذج العمل القديم الذي يتمثل بإطلاق الصندوق وتسميته ثم جني الأرباح، علماً أنَّ الأسلوب الجديد أكثر جاذبية بالنسبة لجيلٍ من المديرين، فمع التغيير الجاري في قطَّاعٍ تبلغ قيمته نحو 4 تريليونات دولار، تعدُّ الطبقات المتعددة الطريقةَ الوحيدة للنمو.

تعدُّ كلٌّ من «ميلينيوم ماينيجمينت» (Millennium Management) و«سيتاديل» (Citadel) من أقدم وأكبر الشركات متعددة الطبقات للتحوط والخدمات المالية في العالم، حيث تجمعان أموال المستثمرين في صناديق ضخمة قبل توزيعها في استراتيجياتِ تداولٍ مختلفة تحت سقف واحدٍ، مع طبقاتٍ من إدارة المخاطر لتجنب حوادث التداول.

بلغت قيمة الاستثمار في مجمع «ميلينيوم» متعدد الاستراتيجيات مليون دولار عند إطلاقه في عام 1989 و67 مليون دولار الآن، فيما حوَّلت «سيتاديل» مليون دولار إلى نحو 236 مليون دولار منذ بدايتها في نوفمبر 1990. على النقيض من ذلك، فإن استثمار مليون دولار في المؤشر المركب المرجح لصندوق (HFRI) في بداية عام 1990 ستصبح بقيمة 18 مليون دولار عند بداية المؤشر القياسي.

ومع ذلك، تكبَّدت «ميلينيوم» خسارة سنوية واحدة على مدى ثلاثة عقود من التجارة، حيث انخفضت بنسبة 3% في عام 2008، فيما تعرضت «سيتاديل» لخسارتين فتراجعت بنحو 4% في عام 1994 وبنحو 55% في عام 2008، وفقاً لمقالة نشرها موقع «بلومبيرغ» حديثاً.

وفي الوقت نفسه، أُغلق ما يزيد على 3350 صندوق تحوط في السنوات الخمس الماضية، وفقاً لشركة «هيدج فَند ريسيرتش» (Hedge Fund Research)، حيث تعرَّض بعضُها لتقلبات السوق في أثناء الوباء، ما يسلِّط الضوءَ على مدى خطورة الاستراتيجيات الفردية.

ويشير بعض الخبراء إلى أنَّ المنصات متعددة المديرين أصبحت أكثرَ جهات تخصيص رأس المال كفاءةً، لذلك ينقل البعض أموالهم بعد محاولات فاشلة لجمع رأس المال لصناديقهم الخاصة إلى شركات الاستشارات الاستراتيجية، مثل شركة «شونفيلد» (Schonfeld)، حيث أكَّد ريان تولكين، كبير مسؤولي الاستثمار في «شونفيلد»، على أهمية جذب وتوظيف مواهبَ أفضل من خلال الشراكة مع «شونفيلد» بدلاً من المحاولات الفردية. كما تؤدي الاستراتيجية الجديدة إلى عمليات الاستحواذ، حيث استحوذت شركة «إيسلر كابيتال» (Eisler Capital) مؤخراً على شركة «غلين بوينت كابيتال» (Glen Point Capital).

لا يزال بإمكان المتداولين الأفراد الموهوبين القيامُ بعملٍ جيدٍ وتحقيقُ أرباحٍ كبيرة عندما يكون تكتيكهم للتداول المتخصص رائجاً، لكنَّ اختيار كبار المديرين هو مقامرةٌ في حد ذاته. فعلى سبيل المثال، بعدَ المكاسب القياسية التي حققها الملياردير كريس روكوس في عام 2020 تعرَّضَ صندوقه لأسوأ خسارةٍ على الإطلاق بلغت 26% العام الماضي، في حين انخفض صندوق التحوط «ألفادين» (Alphadyne) في نيويورك بنسبة 21% بعد انهيار رهاناته في سوق السندات.

ومن جهة أخرى، تتمتَّع الطبقاتُ المتعددة بقدرةٍ منخفضةٍ على تحمل الأداء الضعيف، فإنَّ المديرين الذين يبدؤون في الخسارة بأرقام فردية عالية أو يزيدون من مخاطرهم يمكن قطعُ أصولهم في أحسن الأحوال أو طردهم في أسوأ الأحوال.

وعادةً ما يشترك المتعاملون في الصناديق متعددة الطبقات في رسوم مرتفعة ومبهمة تسمى «المرور»، ويمكن أن تصل هذه الرسوم إلى 10% أو أكثر بالإضافة إلى رسوم الحوافز، ما يتناقض مع نموذج صندوق التحوط القياسي بدفع 2% رسوم إدارية و20% من الأرباح. تغطي رسوم المرور كل شيء بدءاً من زيادة رواتب الموظفين إلى تغطية إيجار المكتب وحتى الترفيه.

يتخلَّى بعض المتعاملين أيضاً عن أموالهم لسنوات، حيث أخبرت «ميلينيوم» المستثمرين في نوفمبر أنها جمعت مبلغاً قياسياً قدره 10 مليارات دولار لصندوقٍ يستغرق خمس سنوات للخروج بالكامل، في حين غيّرت أربعةُ صناديق أخرى كبيرة متعددة المديرين على الأقل شروطَها أو بدأت فئات أسهمٍ جديدة مؤخراً، حيث تعمل كلها على تمديد الوقت الذي يستغرقه المستثمرون للخروج.

ومع ذلك، فإنَّ الصناديق متعددة المديرين تعدُّ إلى حد كبير الجزء الوحيد من قطاع صناديق التحوط الذي لا يزال يجتذب أموالاً جديدة، علماً أن صناديق التحوط مجتمعة لم تسحب أي أموال جديدة منذ عام 2008، حيث إنَّ نموها مدفوعٌ بالأداء حصرياً، وفقاً لتحليل بلومبيرغ لبيانات «هيدج فَند ريسيرتش».

ومن جهة أخرى، عزَّزت عينةٌ من عشرين صندوقاً متعدد المديرين بشكل جماعي الأصولَ بنسبة 510% لتصل إلى 222 مليار دولار على مدى العقد الماضي، علماً أنَّ أغلبها مغلقٌ الآن أمام الأموال الجديدة.

لا تخلو هذه الصناديق من المخاطر، في حين أنَّ الفئات المتعددة أكثر حمايةً من المنافسين ضد التحركات في سوق معين، فإنَّ النقاد قلقون بشأن تركيز الأصول الذي يزداد سوءاً بسبب تقديم البنوك المتلهفة لهم نفوذاً هائلاً لتعزيز رهاناتهم. ويذكرُ أنَّ الاحتياطي الفيدرالي تعهَّد بمبلغٍ غير مسبوق قدره 5 تريليونات دولار للحفاظ على عمل الأسواق بسلاسة في مارس 2020.

كما أشار شون ماكغولد، الذي يدير شركة «لايتهاوس إنفيستمينت بارتنيرز» (Lighthouse Investment Partners)، إلى أنَّ حدثاً واحداً لن يؤدي إلى انهيار صندوق متعدد الاستراتيجيات، ولكنه قلقٌ بشأن مخاطر السيولة التي يمكن أن تمنع صناديق التحوط من تحويل الرهانات.

وذكر متحدثٌ باسم «سيتاديل» أنَّ أكثر ما يثير القلق في «سيتاديل» التأكدُ من أنَّ الشركةَ التي تبلغ قيمتها 43 مليار دولار لا تزال في وضعٍ يمكّنها من الاستجابة للتغييرات والاستمرار في جذب المواهب. فيما رفض متحدثٌ باسم «ميلينيوم» التعليق، في الوقت الذي تستمر فيه الصناديق متعددة الاستراتيجيات في جذب المواهب والمال بوتيرة متسارعة.