الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

كيف أثبتت العقوبات الغربية فشل الاقتصاد الروسي في تحقيق الاكتفاء الذاتي؟

أمضت روسيا سنوات في محاولة الوصول للاكتفاء الذاتي والاستغناء عن السلع المستوردة، لتقوية اقتصادها ضد أي عقوبات غربية.

وذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، أظهرت أن جهود موسكو في الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي لم تنجح، ويعتبر استمرار اعتماد روسيا على الواردات أنها ستواجه مرحلة مؤلمة من إعادة التكيف الاقتصادي.

وتم إغلاق العديد من موردي صناعة السيارات في روسيا بسبب نقص القطع الأجنبية، ويتم تصنيع طائرة الركاب في روسيا من خلال الحصول على المحرك وأجزاء رئيسية أخرى من موردين آخرين، بينما اختفت أغذية الحيوانات الأليفة الأجنبية والأدوية من أرفف المتاجر.

وقالت جانيس كلوج المتخصصة في الاقتصاد الروسي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن فشل استبدال الواردات في تحقيق الهدف المتمثل في حماية الاقتصاد الروسي من تبعات العقوبات، يدل على أن الطموحات الروسية كانت غير واقعية في البداية، وذلك لأن اقتصاداً صغيراً مثل الاقتصاد الروسي غير قادر على إنتاج سلع معقدة وذات تقنية عالية بمفرده، مشيرة إلى أنه وصول روسيا إلى الاكتفاء الذاتي في الوقت الحالي ببساطة غير ممكنة، مضيفة أن استبدال المنتجات الأجنبية قد يستغرق سنوات.

وعلى الرغم من أن جميع الاقتصاديين يعتقدون تصنيع كل شيء محلياً أمراً مكلفاً وغير فعَّال، فإن الكرملين تبنى استراتيجية مكافحة العقوبات بعد استيلائه على شبه جزيرة القرم في عام 2014، والتي كانت بالفعل خطة متعددة السنوات لحماية الاقتصاد.

اعتماد روسيا على الواردات

قال التقرير إن 81% من الشركات المصنعة لم تتمكن من العثور على أي نسخ روسية من المنتجات التي يحتاجونها في عام 2021، وأكثر من نصف الشركات غير راضية عن جودة المنتج المحلي، وكانت هذه النتيجة هي الأعلى منذ بدء المسح الذي أجراه معهد غيدار الروسي للسياسة الاقتصادي في عام 2015.

وفي عام 2020، شكلت الواردات 75% من مبيعات السلع الاستهلاكية في سوق التجزئة الروسي، ووفقاً لدراسة أجرتها المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، فإن الحصة كانت أعلى في بعض القطاعات، حيث ارتفعت إلى 86% في معدات الاتصالات، وشكلت الواردات نحو خُمس الناتج المحلي الإجمالي في 2020، مقارنة بنسبة 16% في الصين، وتجاوزت النسبة في روسيا الاقتصادات الكبيرة الأخرى مثل الهند والبرازيل.

صناعة السيارات

وتضررت شركات صناعة السيارات في روسيا بشدة من نقص المكونات المستوردة مثل رقائق الكمبيوتر، ويوم الأربعاء، أعلنت حكومة تتارستان أن شركة كاماز لصناعة الشاحنات تواجه انخفاضاً في الإنتاج بنسبة تصل إلى 405، وإن نحو 15 ألفاً من موظفيها قد يتوقفون عن العمل حتى يتم حل مشكلات سلسلة التوريد الخاصة بالشركة.

وتعد المنتجات التكنولوجية من بين السلع الأكثر أهمية التي تأثرت بالعقوبات، بما في ذلك أشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر والليزر وأجهزة الاستشعار، وفي غضون ذلك تراجعت قيمة الروبل مما رفع سعر السلع التي لا يزال بإمكان روسيا استيرادها.

الطاقة

ويعد قطاع صناعة الطاقة، قطاعاً آخر عالي الخطورة بالنسبة لروسيا التي تعتمد على التكنولوجيا الغربية في حقول النفط والغاز، ويرى المحللون أن العقوبات السابقة أجبرت شركات الطاقة الروسية على تأخير أو إلغاء مشروعات، بينما أثبتت التكنولوجيا المحلية في كثير من الأحيان أنها غير كافية.

تداعيات على المستهلكين

كما أثرت العقوبات الغربية على المستهلكين بشكل كبير الذين اعتادوا على المنتجات المستوردة، وقال سفيتلانا ريابوفا التي تساعد في إدارة برنامج إنقاذ القطط الضالة، أن العثور على أغذية الحيوانات الأليفة الأجنبية والأدوية أصبح صعباً جداً، وقالت إن هناك العديد من العلامات التجارية التي اختفت من المتاجر، بالإضافة إلى نقص كبير في المنتجات الدوائية الأجنبية.

وأطلقت روسيا حملة إحلال الواردات من خلال حظر العديد من واردات الأغذية الغربية، حيث اختفت الأجبان الفرنسية والعديد من الأطعمة الشهية التي تحظى بتقدير الطبقة الأكثر ثراءً في البلاد من أرفف المتاجر، وتوسعت حملة إحلال الواردات لاحقاً لتشمل قطاعات أخرى كالطب والتكنولوجيا.

وخصصت السلطات الروسية أكثر من 2.9 تريليون روبل (27 مليار دولار) لبرنامج إحلال الواردات بين عامي 2015 و2020، أي ما يعادل 1.4% من نفقات الميزانية خلال نفس الفترة.

وأوضحت وول ستريت جورنال، أنه على الرغم من ذلك فإن هذه السياسة لم تعزز الاقتصاد الروسي الذي كان يعاني من ضربة مزدوجة من العقوبات وانخفاض أسعار النفط.

وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي أبطأ من المتوسط العالمي منذ عام 2014. وبحلول نهاية 2020، انخفض الدخل الحقيقي للأفراد بنسبة 9.3% عن مستواه في 2013.

وعلى الرغم من تحقيق روسيا بعض النجاحات بما في ذلك تطوير صناعة الألبان واللحوم، أدى حظر الواردات الأجنبية على رفع أسعار المنتجات المحلية نتيجة ازدياد الطلب، حيث كلف المستهلكين 445 مليار روبل ما يعادل 4.1 مليار دولار، ووفقاً لدراسة نشرت في عام 2019، في المجلة الروسية للرابطة الاقتصادية الجديدة.

الصين الورقة الرابحة

أوضح التقرير أن الصين هي الورقة الرابحة بالنسبة للاقتصاد الروسي، بصفتها شريكاً تجارياً كبيراً لروسيا، حيث يمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة وأوروبا كمورد للعديد من السلع، ولكنها قد تعرض علاقاتها التجارية المشحونة بالفعل مع الغرب للخطر.