الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

النفط والتضخم يؤرقان حكومات العالم

أدى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية غير متوقعة بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية، إلى إرباك الحكومات حول العالم.

وفي الوقت الذي اختارت حكومات تقديم تنازلات، لجأت أخرى إلى دفع الأموال كدعم لتهدئة الشعوب، وحددت أخرى سقوفاً لأسعار الكهرباء والطاقة، فيما قدمت إحدى الحكومات استقالتها لتهدئة الغضب الشعبي، بينما أعلنت دول عن خطتها للإفراج عن مخزونها الاستراتيجي من النفط لتخفيض أسعار الخام عالمياً.

وتزامن ارتفاع أسعار النفط مع تفاقم التضخم، ما أنهك دولاً كثيرة تعتمد في اقتصادها على واردات الغاز والنفط الروسي.

تغييرات دراماتيكية



وخلال العامين الماضيين مرت أسعار النفط بتغيرات دراماتيكية، إذ انخفض الطلب على النفط بشدة في عام 2020 خلال ذروة الوباء التي أدت إلى عمليات الإغلاق، ما أدى إلى انخفاض السعر إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ بسبب التراجع الكبير في النشاط الاقتصادي.

ثم عادت أسعار النفط لتصعد مع عودة عجلة الاقتصاد للدوران مجدداً، واستمر الصعود حتى لامست مستويات لم تعرفها في 8 سنوات، وقفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوى سنوي جديد (130.5 دولاراً) في مارس، وسط الاضطرابات التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية، ويبدو أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط توقف قبل الارتفاع القياسي (147.27 دولار).

ويمثل النفط ما يقارب 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد أهم السلع في العالم، واليوم يعيش العالم معضلة كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الوقود، إذ يسهم ارتفاع أسعار النفط في التضخم حتى قبل الوباء، لكن الوضع مع الحرب الروسية الأوكرانية زاد سوءاً، فتراجعت أسواق الأسهم والسندات وصعدت سوق النفط وانتعشت سوق المعادن الثمينة.

فرنسا



وقفز التضخم في فرنسا إلى ما يفوق المتوقع ليسجل رقماً قياسياً جديداً، إذ ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 5.1% عن العام الماضي في مارس، كما ارتفع معدل التضخم في جميع أنحاء أوروبا، بسبب الحرب في أوكرانيا إلى أعلى نسبة منذ بدء سلسلة البيانات في عام 1997.

وعلى الرغم من أن التضخم الفرنسي ارتفع بأكثر مما كان متوقعاً في مارس، فإنه لا يزال أقل مما كان عليه في الاقتصادات الأوروبية الرئيسية الأخرى.

ويجب أن يعني فرض الحكومة سقفاً على أسعار الغاز والكهرباء أنها ستبقى على هذا النحو في عام 2022، ما يحمي المستهلكين الفرنسيين من أسوأ أزمة في كلفة المعيشة ويحد من مخاطر الانحدار على النمو.

المملكة المتحدة



وفي المملكة المتحدة ارتفعت فواتير الطاقة مع انخفاض الفوائد، وكَبَحَ التضخم إنفاق المستهلكين، إذ تواجه أكثر من 20 مليون أسرة زيادة بنسبة 54% في فواتير الطاقة، وتظهر البيانات الاقتصادية أن ارتفاع التضخم أثر في إنفاق المستهلكين حتى قبل أن تظهر آثار الغزو الروسي لأوكرانيا.

وترتفع فواتير الطاقة للأسر، البالغ عددها 22 مليون أسرة، التي تم تقييد مدفوعاتها بمتوسط 693 جنيه استرليني إلى 1.971 جنيه استرليني سنوياً اعتباراً من 1 أبريل، لتعكس ارتفاع أسعار الغاز والنفط.

وحذر خبراء من أن ارتفاع التكاليف سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود والفقر المدقع. وكشفت مؤسسة Resolution Foundation، أن عدد الأسر الإنجليزية التي تعاني ضغوط الوقود سوف يتضاعف من 2.5 مليون إلى 5 ملايين نتيجة زيادة ارتفاع سقف الأسعار.

ألمانيا



أما ألمانيا، فقد قفز التضخم فيها إلى أسرع وتيرة على الإطلاق في مارس، حيث تفاقمت اختناقات سلسلة التوريد بسبب الارتفاع الصارخ في أسعار الطاقة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. واتخذت الحكومة الخطوة الأولى في خطة طوارئ للتعامل مع إمدادات الطاقة المحدودة، مع تزايد المخاوف من أن روسيا قد توقف شحنات الغاز الطبيعي.

ولمساعدة المستهلكين والشركات على تحمل التكاليف المرتفعة، أعلنت الحكومة أواخر الشهر الماضي عن حزمة دعم تبلغ قيمتها 18.8 مليار دولار، تشمل خفضاً مؤقتاً في أسعار الوقود، ومدفوعات لمرة واحدة للأسر، ودعم وسائل النقل العام.

وتخطط ألمانيا لتعديل قانون الضرائب بحيث لا تؤدي الزيادات في الأجور المصممة لتعويض التضخم المرتفع إلى فرض شريحة ضريبية أعلى، وتعارض ألمانيا وقف استيراد الغاز والنفط من روسيا لأن ذلك ستكون له عواقب اقتصادية «صعبة» على ألمانيا. ورأت أنه يتعين على الحكومة مناقشة «جميع الخيارات» لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، عبر جعل محطات الطاقة النووية تعمل لفترة أطول والاستفادة من رواسب النفط والغاز في بحر الشمال.

مصر



وفي مصر، وتحديداً في فبراير الماضي، ومع ارتفاع التضخم نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، ذكرت القاهرة أنها ستتقدم بطلب للحصول على قرض آخر من صندوق النقد الدولي.

وتعتمد مصر بشدة على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا، وبلغ معدل التضخم فيها 10% في فبراير وسط ارتفاع واسع في أسعار السلع الأساسية العالمية بسبب الحرب.

ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة في فقر، والعدد ذاته تقريباً عرضة للوقوع في براثن الفقر وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وفقاً للبنك الدولي.

في الأسبوع الماضي، تعهدت قطر والمملكة العربية السعودية باستثمارات مجمعة بقيمة 15 مليار دولار، مع إيداع الرياض مباشرة 5 مليارات دولار أخرى في البنك المركزي.

سيرلانكا



استقال معظم وزراء الحكومة في سريلانكا وسط احتجاجات على ارتفاع الأسعار بعد اجتماع أزمة استمر طوال الليل، وعلى الرغم من حظر التجول، احتج أكثر من 20 ألف شخص في أنحاء البلاد ضد ارتفاع الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي. وشهدت الأسابيع الماضية احتجاجات محدودة في أنحاء البلاد بسبب النقص الحاد في الوقود، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي لساعات يومياً، كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية بشكل حاد.

اليابان



تسعى اليابان إلى توسيع دعم الوقود لكبح تكاليف الطاقة، وسيكون هذا الإجراء جزءاً من حزمة إغاثة جديدة أمر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا حكومته بتجميعها بحلول نهاية أبريل لتخفيف الضربة الاقتصادية من ارتفاع أسعار الوقود والمواد الخام.

وقد توسع الوزارة خطة الدعم من خلال خفض السعر الأساسي ورفع سقف السداد، أو الجمع بين مخطط الدعم ورفع تجميد البنود الخاصة بتطبيق الضرائب.

ونفذت اليابان برنامج دعم مؤقتاً في يناير للتخفيف من الارتفاع الحاد في أسعار البنزين والوقود الأخرى بعد أن أدى نقص الإمدادات العالمية إلى صعودها، كما تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في تفاقم المشكلة، ليتم ورفع سقف الدعم 5 أضعاف إلى (20 سنتاً) للتر في مارس، وتم تمديد البرنامج أخيراً حتى نهاية أبريل من خطة سابقة في نهاية مارس.

إسبانيا



سجل التضخم في إسبانيا أعلى مستوى له في 37 عاماً، مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة عقب الحرب الروسية الأوكرانية، ما من شأنه أن يزيد الضغط على الحكومة، وبلغت نسبة التضخم 9.8% في مارس مقارنة بـ7.6% في فبراير، مسجلاً أعلى مستوى منذ مايو 1985، وفق تقديرات أولية لمعهد الإحصاء الوطني.

ومنذ الصراع الروسي الأوكراني في 24 فبراير، ارتفعت أسعار النفط ونظمت قطاعات النقل والمزارع في إسبانيا احتجاجات وإضرابات للمطالبة بالمساعدة في تحمل أسعار الطاقة الباهظة.

ويعود ارتفاع التضخم في مارس إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود والسلع الغذائية بسبب الحرب، وفق مكتب الإحصاء.

وتتضمن التدابير التي ستطبق حتى 30 يونيو، حسماً بمقدار 20 سنتاً على كل لتر من الوقود، تدفع الحكومة 15 سنتاً منه، والبقية شركات تزويد الوقود، وتتضمن أيضاً صفقة مساعدة بقيمة 362 مليون يورو لقطاع الزراعة والمزارع، و68 مليون يورو لقطاعَي الصيد وتربية الأحياء المائية، وتحديد سقف لزيادة الإيجار بنسبة 2%، وبالنسبة إلى العائلات، ستحدد زيادة الإيجار للأشهر الثلاثة المقبلة بنسبة أقصاها 2%.

تركيا



وصل معدل التضخم السنوي في تركيا إلى 61.14% أمس، ليسجل رقماً قياسياً جديداً غير مسبوق منذ 20 عاماً، لتتفاقم أزمة كلفة المعيشة التي يعاني منها الكثير من الأتراك.

وكشف معهد الإحصاء التركي عن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 5.4% في مارس مقارنة بالشهر الماضي، ليرتفع معدل التضخم السنوي من 45.44% في شهر فبراير إلى أكثر من 61%.

وسجلت أعلى الارتفاعات السنوية في الأسعار في قطاع المواصلات عند 99.12%، بينما ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 70.33%، وفق البيانات، في أكبر زيادة تسجل بين عامين متتاليين منذ مارس 2002.

التضخم في البيرو



تسارع التضخم في البيرو في مارس بأسرع وتيرة له منذ 24 عاماً.

ووافق رئيس بيرو، بيدرو كاستيلو، على زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 10% بعد أيام من الاحتجاجات التي يؤججها التضخم الآخذ في الارتفاع.

وسيرفع الحد الأدنى للأجور إلى 280 دولاراً، وهي الزيادة الأولى التي يوافق عليها منذ 4 سنوات، وتأتي بعد سلسلة من الإجراءات المالية التي اتخذتها إدارة كاستيلو لإنهاء 6 أيام من الاحتجاجات التي قادها المزارعون وسائقو الشاحنات، بحسب وكالة بلومبيرغ للأنباء.

ويستفيد من قرار زيادة الأجور أكثر من 10.4 مليون شخص وسيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من أول مايو.

وأعلنت وزارة الاقتصاد والمالية أنها ستعلق الضرائب على الوقود الأكثر استهلاكاً في البلاد لمكافحة ارتفاع الأسعار الناجم عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا.