الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

كيف أصبح الجنيه الاسترليني الأكثر تأثراً بالأزمات؟

كيف أصبح الجنيه الاسترليني الأكثر تأثراً بالأزمات؟

رويترز.

لطالما كان الجنيه الاسترليني في يوم من الأيام من العملات القوية والمهيمنة في العالم، حتى حل الدولار الأمريكي محله، وأخذ منه التاج ليصبح في المرتبة الثانية. ولعقود من الزمن ظل محافظاً على مكانته، ولكن مع ذلك يبدو أن بريق الجنيه الاسترليني قد تضاءل مرة أخرى، لدرجة أن حركته كانت أشبه بعملات الأسواق الناشئة.

وذكر تقرير لمجلة إيكونومست البريطانية، أن ذلك لا يعني تحول الجنيه الاسترليني إلى الليرة التركية أو البيزو الأرجنتيني، بل لا يزال جزءاً من مجموعة G5 للعملات المتداولة بكثافة إلى جانب الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والفرنك السويسري، ولكن مع ذلك فقد ثبت أنه أكثر عرضة للأزمات مقارنة بغيره من العملات.

الجنيه في الأزمات

في أكتوبر 2016، شهد الجنيه الاسترليني انهياراً لحظياً مفاجئاً مدفوعاً بالبلبلة السياسية مع اقتراب موعد بريكست واحتمال تنظيم انتخابات مبكرة.

وتراجع سعر الجنيه الاسترليني من 1.26 دولار إلى 1.14 دولار في أقل من دقيقة.

وفي عام 2020، بعد اندلاع فيروس وباء كورونا، أدى الذعر الناجم عن الفيروس الذي اجتاح الأسواق العالمية في مارس إلى انهيار الجنيه الاسترليني مقابل الدولار بنسبة 12% في غضون أسبوعين فقط، بينما انخفض اليورو حينها بمعدل 66 فقط.

وخلال أزمة الوقود التي اندلعت في بريطانيا سبتمبر الماضي، تراجع الجنيه مرة أخرى وسط توقعات التجار بالمزيد من التقلبات مستقبلاً.

وتسبب قرار بنك إنجلترا المركزي برفع أسعار الفائدة في وقت أبكر من معظم البنوك، بجعل الجنيه الاسترليني أكثر ثباتاً، ولكن بعض المحللين لا يزالون مُصرّين على أن الجنيه لم ينفصل فقط عن عملات الاقتصادات المتقدمة الأخرى، بل انضم أيضاً إلى صفوف الأسواق الناشئة.

ومن سمات العملات في الأسواق الناشئة هي ضوابط رأس المال المصاحب لليوان الصيني، والتضخم المفرط للبيزو الأرجنتيني، والسياسات النقدية غير التقليدية لليرة التركية.

ومن الممكن أن تتسبب أزمات السيولة أثناء تقلبات السوق بانخفاض قاسٍ في قيمة عملة الجنيه الاسترليني، ما يفسر سبب عدم كونه ملاذاً مثل الدولار أو الفرنك السويسري.

مميزات الجنيه الاسترليني

ومن ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن الجنيه الاسترليني يحمل العديد من المميزات، حيث إنه يلعب دوراً كبيراً في أسواق العملات الأجنبية، وعلى الرغم من أن بريطانيا تمثل 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإنه على مدى الـ20 عاماً الماضية بقية عملتها منخرطة باستمرار في غالبية تداولات العملات الأجنبية.

لماذا يفضّل المستثمرون الجنيه الاسترليني

على الرغم من أنه من أكثر العملات تأثراً بالأزمات، فإن الجنيه الاسترليني يحظى بشعبية كبيرة بين التجار والمستثمرين، ولكن ما السبب؟

في عام 2019 شكلت بريطانيا 3.8% من واردات السلع العالمية، و2.6% من الصادرات، كما أنها ليست بارزة في حيازات البنوك المركزية، فهي تشكل أقل من 55 من الاحتياطات العالمية، وفي المقابل يهيمن الدولار الأمريكي على المدفوعات العالمية، حيث تقترض العديد من الحكومات بقيمة الدولار، ويتم تسعير الأسواق والسلع بالدولار، بينما لا يقوم الجنيه بأي من هذه الوظائف.

ولكن في الواقع يعد الجنيه الاسترليني وسيلة لعدد من الأهداف الأقل أهمية، كالمضاربة والاستثمار عبر الحدود، حيث يستثمر الأشخاص أصولهم بالجنيه الاسترليني للحصول على رهان قيمته، أو لأنهم يشترون أو يبيعون الأصول البريطانية.

ويمتلك الجنيه الاسترليني العديد من القواسم المشتركة مع عملات دول العالم الغني. فعلى سبيل المثال يتم إصدار الدولار الأسترالي من خلال اقتصاد مفتوح ومتطور ويعتمد بشكل كبير على التجارة، بينما يستخدم المستثمرون الذين يراهنون على الاتجاهات الأكبر الدولار الأسترالي لأسعار السلع، والجنيه الاسترليني هو وكيل الراغبين بالمخاطرة، والعملتان تلوحان بالأفق في أسواق العملات الأجنبية بشكل أكبر مما يضمنه ثقل اقتصاداتها أو أحجام التجارة، حيث تشكل أستراليا أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أن الدولار الأسترالي حاضر في 6.8% من تداولات العملات الأجنبية.