السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مطالبات بالمزيد من الدعم الحكومي لحماية القطاع الصناعي

تولي الدولة اهتماماً بالقطاع الصناعي من خلال خطط تحفيزية تدعم زيادة مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني من أجل تنويع المصادر الاقتصادية بعيداً عن النفط، إذ شملت خطط التحفيز العديد من المبادرات الاتحادية والمحلية لدعم البنية التحتية للقطاع الصناعي، وفتح نسب التملك لبعض القطاعات وتخفيض تكلفة الإنتاج من خلال خفض أسعار الطاقة للمصانع وإعفاء وتخفيض لبعض الرسوم.

وللوقوف على تأثير تلك المحفزات ومدى كفايتها لتحقيق مستهدفات الدولة في تنويع مصادر الاقتصاد، استطلعت «الرؤية» آراء مصنعين ومستثمرين من مختلف إمارات الدولة، حيث أظهرت النتائج استمرار وجود بعض التحديات التي تحول دون تحقيق القطاع لمستهدفاته، وكذلك محدودية المحفزات المطروحة وعدم كفايتها في ظل تحديات رئيسة.

وبرزت التحديات الرئيسة في تكلفة الأراضي الصناعية، وعقبات التمويل للقطاع وتكلفته، وارتفاع رسوم العمالة رغم تخفيضها أخيراً، إضافة إلى غياب السياسات الحمائية لدعم المنتجات الوطنية، وكذلك عدم وجود إعفاءات ضريبية على المنتجات المصنعة للتصدير، وقيود الغرامات المتراكمة على بعض المصانع، وقيمة رسوم الخدمات المحلية، والمدى الزمني لاستخراجها.


وكذلك يشهد القطاع تحديات عبر مؤثرات خارجية تتعلق بمعدلات النمو العالمي المتراجعة وتراجع الطلب العالمي على المنتجات الصناعية مع تأثيرات الحروب التجارية العالمية وفرض جمارك متبادلة بين بعض الدول، وارتفاع تكلفة الطاقة في ضوء ارتفاع أسعار النفط.


قال رئيس مجموعة الحلامي الصناعية بأبوظبي، عمران الحلامي إن تكلفة الحصول على الأراضي اللازمة لإطلاق المصانع يعد أولوية للمصنعين، حيث لا تزال الأسعار واشتراطات الحصول على الأراضي غير تنافسية، مشيراً إلى أهمية استحداث آلية مرنة لسداد دفعات رسوم الاستئجار من خلال إلغاء الدفعات المقدمة وتطبيق نظام يشبه الإيجار الشهري، ما يخفف على الصناعيين مشاكل السيولة النقدية، مطالباً بتخفيض أو إلغاء الغرامات عن كاهل المصنعين التي ترتبت عن مشاكل السداد السابقة.

من ناحيته، قال مدير فرع دبي بمصنع توب ستون للحجر الصناعي عبد المجيد الحجي إن أبرز التحديات التي تواجههم هي تكلفة استئجار الأراضي في المناطق الصناعية، لافتاً إلى أن الشركة تستأجر أراضي في منطقة دبي الصناعية، والتي تقوم برفع قيمة الإيجار كل أربع سنوات عند تجديد العقد، بنسبة تصل إلى 15 في المئة، ما يؤدي إلى رفع التكاليف الثابتة على المدى المتوسط والطويل.

وأضاف الحجي «على الرغم من كل الميزات الموجودة في الإمارة من حيث البنية التحتية والموانئ والمطارات وحتى وجود العملاء، تبقى تكاليف استئجار الأراضي التي ترتفع بشكل مطرد عائقاً أمام التوسع».

وأوضح مدير مصنع الإمارات الحديث لصناعة البلاستيك المحدودة محمد حسين لطايفه، أن التشريعات الخاصة بنظام العقارات الصناعية من أراض وغيرها تحتاج إلى إعادة النظر، مشيراً إلى أن السماح لملاك العقارات بإمكانية التحكم في قيمة الإيجار السنوي، تتيح لهم رفع القيمة السنوية بطرق غير منضبطة، كما أن مدة عقود الإيجار السنوية تضع القطاع أمام هواجس زيادة التكاليف.

بنوك للتنمية الصناعية

برزت مشكلة التمويل ضمن تحديات القطاع، إذ طالب المدير العام لشركة «الإسلامي للأغذية» رئيس مجموعة أعمال صناعة الأغذية والمشروبات صالح لوتاه، بضرورة إطلاق مبادرات وتسهيلات خاصة بالتمويل، عبر تأسيس بنك لتنمية الصناعات على غرار بعض الدول، يقدم قروضاً بأسعار فائدة أقل مقارنة بالأسعار الحالية، فضلاً عن تسهيلات تمويلية خاصة بالمصنعين بمدى زمني أكثر مرونة.

واعتبر الصناعي ورجل الأعمال سلطان عبدالله الشعالي، أن تخفيض الرسوم مبادرة مهمة من الجهات الرسمية على المستويين المحلي والإتحادي، حيث تعد التحفيزات دعماً مهماً للاقتصاد المحلي، لكن تبقى هذه التحفيزات دون المطلوب.

وأضاف الشعالي، أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى المزيد من الدعم والتحفيز، خصوصاً القطاعات الحيوية ذات الأثر الأكبر في الاقتصاد، منها على سبيل المثال دعم الشركات والمؤسسات من ناحية التمويل البنكي، حيث تعزف هذه الأخيرة عن التمويل إلا في وجود ضمانات قوية.

وأكد الشعالي أن البنوك لا تدعم النمو الاقتصادي في الدولة من خلال اشتراطاتها الصعبة التي لا يمكن تلبيتها، فالشركات التي لا تمتلك أصولاً في الدولة كما هو حال الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يمكن أن تحصل على تمويل.

ولفت الشعالي إلى أن الشركات تعاني من فتح حسابات في البنوك لمزاولة أعمالها، وهذه نقطة مهمة ينبغي التطرق لها وحلها لدعم الشركات والمستثمرين.

وكذلك، طالب رئيس شركة الظفرة الصناعية مصبح المزروعي بتأسيس بنوك مختصة بالتمويل الصناعي، ما يوفر نافذة إضافية لإقراض المشاريع الجديدة أو توسعات المشاريع القائمة إلى جانب توفير الدعم المالي للابتكار وأبحاث التطوير.

رسوم العمالة

قال مدير مصنع للألمنيوم، محمد الذيب إنه لاحظ عدم تطبيق تخفيض رسوم الإقامة لثلاثة عمال لديه، أثناء تجديدها خلال الأسبوع الماضي، مشيراً إلى توقع تخفيض الرسوم بناء على معلومات بأن التطبيق منذ بداية الشهر الجاري.

من جهته، قال المدير العام لشركة الإسلامي للأغذية رئيس مجموعة أعمال صناعة الأغذية والمشروبات صالح لوتاه أنه لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه المصنعين في إمارة دبي، لافتاً إلى أن الشركة قامت بإجراء دراسة خاصة بها أخيراً، ليتبين أن التكاليف على المصنعين ارتفعت بنسبة 300 في المئة حالياً مقارنة بعشر سنوات مضت.

وذكر لوتاه أن أبرز هذه التحديات يتمثل بارتفاع تكلفة استقدام العمالية، والتي تصل إلى 8000 آلاف درهم، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء على المصانع، بحيث تتماثل التكلفة على المصنع مع المستهلك العادي، مطالباً بمزيد من التسهيلات والتخفيضات بأسعار الكهرباء وفق شرائح خاصة بالمصنعين بما يدعم تنافسية القطاع مقارنة بالدول الأخرى.

حماية المنتجات الوطنية

وأفاد رئيس مجلس إدارة شركة العابدي للصناعات الغذائية سعيد العابدي بأن التحفيزات المقدمة مهمة وداعمة للشركات عموماً، خصوصاً الشركات الوطنية، في الوقت ذاته تعمل التحفيزات على استقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الإقليمية والعالمية.

وأكد العابدي أن القطاع بحاجة إلى المزيد من الدعم ومن الضروري أن تتبع هذه المحفزات خطوات أخرى تخص المنتج الوطني فقط، حيث ينبغي وجود سياسة حمائية للشركات الوطنية في السوق المحلي لمواجهة المنافسة غير العادلة من قبل الشركات الأجنبية، لافتاً إلى أن الحمائية متبعة في كل دول العالم ومن ضمنها الدول الاقتصادية الكبرى.

وشدد العابدي على أن المنتج الوطني بحاجة إلى المزيد من الاستثمارات لتطوير الإنتاج من حيث النوعية والكمية، وهذا المستوى لن نصل إليه إلا بالمزيد من الدعم من خلال توجيه الأموال التي تدفع كرسوم لجهات مختلفة لتحديث المصانع وتطويرها.

وبحسب العابدي، فإن فاتورة الكهرباء تشكل نحو خمسة في المئة من تكلفة الإنتاج لذلك أصبح من الضروري تخفيضها بما يفيد الصناعات الوطنية ويقلل من تكلفة الإنتاج، وبالتالي يوفر فرصة المنافسة.

وأشار العابدي إلى أن الشركات الوطنية بحاجة إلى الدعم اللوجستي لدخول الأسواق الأجنبية وإلى تخفيضات في رسوم إدخال المنتجات في المحال والسلاسل التجارية الكبرى في الدولة.

كما أشار رئيس شركة صناعية متخصصة بحلول قطاع النفط محمد هلال لغياب تشريعات حماية المنتج الوطني في السوق المحلي، حيث ما زال المصنعون في انتظار تشريعات تقيد الإغراق الأجنبي وتحد من التنافسية الضارة للمنتجات الوطنية التي تتحمل تكلفة إضافية نتيجة اختلاف تكلفة الإنتاج مقارنة بالمنتجات المستوردة.

إعفاءات ضريبية وجمركية

ورأى عمران الحلامي أن بعض المحفزات التي تم إرساؤها تطبق بشكل غير مرن مثل آلية الإعفاء الجمركي لواردات الصناعة، حيث لا تتلاءم عمليات تسجيل واردات المواد الخام مع التطور الدائم في مدخلات الصناعة، والتي قد تحدث اختلافاً في نوعيات الواردات في بعض الحالات عن البنود المسجلة مسبقاً والمستحقة للإعفاء.

أما رئيس شركة الظفرة الصناعية مصبح المزروعي، فطالب بإرساء ميزات تنافسية لصادرات الصناعة المحلية من خلال إلغاء الضريبة، ما يعزز من أسعارها في الأسواق الخارجية، وهو ما أكده أيضاً نائب المدير العام ومدير تطوير الأعمال في شركة كاميليشيس مطشر البدري، حيث طالب بضرورة وإعفاء المواد الخام من رسوم الجمارك وإعفاء من رسوم القيمة المضافة التي تشكل عبئاً على الصناعة الوطنية في ظل ما يعرفه السوق المحلي من تنافسية كبيرة بين مختلف شركات العالم.

الرسوم واستخراج الشهادات

أوضح مطشر البدري أن تخفيضات الرسوم التي أقرتها وزارة الاقتصاد لا تؤثر في أعمال الشركة بشكل مباشر لأن معظم الرسوم التي ندفعها هي رسوم التصدير.

وقال البدري، بصفة عامة تخفيض وإلغاء الرسوم يعطي ميزة تنافسية للصناعة الوطنية في مواجهة الشركات الأجنبية خصوصاً أن التكلفة التشغيلية للشركات في الإمارات مرتفعة قياساً بغيرها.

وأوضح البدري أن الشركات الوطنية بحاجة إلى تخفيض مدخلات الإنتاج مثل الكهرباء والمياه.

من جانبه، اعتبر مدير مصنع الجزيرة الحمراء لصناعة الأعلاف برأس الخيمة، ثائر رسول، أن التسهيلات التي تطلقها الحكومة محدودة، لأنها تنحصر في إطار فئة معينة عند النظر في مضمونها، ورأى أن مبادرة إعفاء الضمان على العمالة، لم توفر سيولة كبيرة في السوق، عند النظر في المقابل، وفي الوقت ذاته إلى زيادة نسبة التأمين التي أصبحت سيولة تذهب دون عودة مقارنة بالضمانات البنكية.

وأكد أن منظومة الرسوم المالية على اختلافها وتنوعها بين إمارات الدولة، تضع القطاع الصناعي في مسارات إجبارية تشكل عبئاً مالياً على تكلفة الإنتاج، واعتبر أن عمليات نقل البضائع بين الإمارات كمثال يتطلب استصدار تصريح نقل إلى الإمارة المقصودة أو التحميل منها في حال استخدام الناقلات الخاصة بالمصنع، فضلاً عن بوابات عبور الشاحنات التي ترفع تكلفة الإنتاج.

ورأى محمد الذيب أن القطاع الصناعي يحتاج إلى إعادة النظر في الرسوم المفروضة على آلية توريد المواد بين إمارات الدولة، موضحاً أن عمليات تنوع الرسوم واختلافها بين إمارات الدولة، لا تنسجم مع أهداف القطاع الصناعي الذي يعتبر أن السوق في الدولة موحد.

تعدد جهات الموافقات

قال المدير العام المؤسس لشركة كونكرايتيف لطباعة الخرسانة ثلاثية الأبعاد خليل دغري، إن هناك العديد من التحديات التي واجهت المصنع أثناء مرحلة التأسيس، تتمثل في تأخر الحصول على الموافقات من الجهات الحكومية المحلية وتعدد جهات الموافقة، كذلك الأمر في الحصول على رخص استيراد بعض المواد من الجمارك.

وذكر أن الشركة اضطرت إلى استئجار الأرض ثم بدأت رحلة الحصول على الرخصة، والتي استمرت لنحو ثلاثة أشهر لبدء مزاولة الأعمال، وبالتالي تحملت الشركة تكاليف استئجار الأرض قبل الحصول على الرخصة.

وأضاف دغري أن الشركة واجهت تحدياً آخر يتعلق في التأخر بالحصول على رخصة من الجمارك لاستيراد بعض المواد الكيميائية الأساسية الداخلة في عملية تصنيع الكونكريت، وذلك مقارنة بدول أخرى مثل فرنسا أمريكا، والتي تكون فيها الإجراءات أسهل وأسرع مقارنة بدبي.

محفزات للنهوض

قال المدير العام لشركة تروث للاستشارات، رضا مسلم إن هناك دراسة عن شركته حددت مطالب رئيسة عدة ما زال القطاع ينتظرها بخلاف ما تم اعتماده من محفزات قوية أخيراً، تأتي في مقدمة تلك المتطلبات إيجاد أراض صناعية بأسعار وطرق سداد تلائم توجهات الصناعيين، إلى جانب خفض رسوم العمالة، والتي ما زالت تشكل عبئاً على أصحاب الصناعات المصنفة كالأنشطة كثيفة العمالة، وتوفير مظلة حماية للمنتج الوطني في مواجهة تنافسية المنتجات المستوردة مع إرساء نوافذ رقابية فعالة على جودة تلك المنتجات.

أبرز المحفزات

شهد القطاع الصناعي أخيراً الكثير من المحفزات التي أطلقتها دوائر محلية في مختلف إمارات الدولة، شملت تخفيض تكلفة الطاقة للمصانع والإعفاءات الجمركية لعدد من المواد الأولية المهمة للمصانع، وتسهيل إجراءات الرخص الصناعية وفترات تأسيس المشاريع، الأمر الذي يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للصناعة المحلية خصوصاً في هذه الفترة التي تشهد الكثير من التحديات في الاقتصاد العالمي.