أكد تجار وأصحاب شركات في سوق العوير للسيارات المستعملة في دبي، الذي يعتبر الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، أن منصات التجارة الإلكترونية المتخصصة في بيع وشراء السيارات المستعملة تتجه إلى احتكار السوق بشكل كامل، وأصبحت التهديد الأكبر للمبيعات التي تعاني من ركود خلال العامين الماضيين.
وأوضح هؤلاء أن توقف التصدير إلى العراق قبل شهرين تقريباً، والقيود التي فرضت على الصادرات إلى السوقين السعودي والعماني خلال السنوات القليلة الماضية، فضلاً عن المعارض التي افتتحت خارج السوق على شارع الشيخ زايد وفي منطقتي القوز ورأس الخور، كل هذه العوامل أثرت سلباً في أداء السوق، لكن تبقى منصات التجارة الإلكترونية التهديد الأكبر لأشكال البيع التقليدية.
وقال مدير المبيعات في شركة كاربون، أكرم الزهري، إن سوق العوير يضم نحو 400 شركة تتخصص 90% منها في بيع السيارات المستعملة، والجزء المتبقي سيارات جديدة، يتم استيرادها من المصانع مباشرة ومن ثم إعادة تصديرها أو شراء سيارات من المخزون الراكد لدى الوكالات المحلية لإعادة بيعها.
وأوضح الزهري أن القيود على التصدير إلى السوق السعودي، والتي تشترط ألا يكون تاريخ إنتاج السيارة أقدم من 5 سنوات من تاريخ البيع، ومتطلبات تتعلق بالانبعاثات ومعايير الطاقة، وكذلك الأمر بالنسبة للسوق العماني، الذي يشترط ألا تكون السيارة أقدم من 7 سنوات من تاريخ البيع، كان لها تأثير جزئي، وعلى بعض الشركات فقط، مضيفاً أن السبب الرئيس في تأثر المبيعات وتراجع إقبال الجمهور، سواء الراغبون في البيع أو الشراء يعود إلى توسع وانتشار منصات التجارة الإلكترونية المتخصصة بالسيارات المستعملة، ولا سيما أنها تمتلك مقرات خارج السوق وتقوم بحملات إعلانية وترويجية ضخمة، كما أنها لا تتكلف الكثير في عملية البيع والشراء.
وذكر أن أغلب المنصات أطلقت تطبيقات خاصة بها، يتواجد فيها أغلب التجار في دبي، وعندما يرغب العميل في بيع سيارته من خلال إحدى هذه المنصات يقوم موظف لدى المنصة بفحص السيارة وإعداد تقرير خاص عن حالة السيارة ومن ثم نشره على التطبيق، لتبدأ بعدها عملية المزايدة بين التجار في الأسعار.
وأكد الزهري أن منصات التجارة لا تتكلف شيئاً، إذ تأخذ المبلغ من التاجر وتعطيه للعميل بدون أن تدفع أي مبلغ، كما أن التجار حرموا من عملية الشراء من العميل مباشرة والتفاوض بشأن السعر، ولا سيما أن سوق العوير يعتمد على بيع المستعمل إلى السوق المحلي بشكل كبير.
وقال إن موقع مثل «دوبيزل» الذي يعتبر الأكبر من نوعه فيما يتعلق بالسيارات المستعملة، والذي لطالما لجأ إليه التجار للإعلان عن سياراتهم المستعملة، أطلق شركة خاصة به وهي «وي كاش أني كار»، وبات يستفيد من البيانات التي لديه ومن المعلنين من التجار للسيطرة على السوق، وعلى عملية البيع والشراء والربط بين التاجر والعميل.
ولفت الزهري إلى أن العديد من الشركات طالبت البلدية، وهي الجهة المسؤولة عن السوق، بالتدخل عبر إجبار هذه المنصات على افتتاح مكاتب أو معارض خاصة بها داخل السوق، ولا سيما أن تكلفة إيجار المحل من البلدية تبلغ نحو 100 ألف درهم سنوياً، ولكن كلفة «الفروغ» للحصول على محل تصل إلى 7 ملايين درهم في بعض الحالات، وهنا يبرز حجم التكاليف التي تترتب على التاجر وخاصة مع انخفاض أعداد الزوار للسوق.
من جهته، قال صاحب محل كواترو للسيارات، زياد أبو خضرا، إن السوق يعاني من الركود منذ بداية عام 2019، ولا يزال الوضع مستمراً على حاله مع بداية السنة الجديدة، مرجعاً الأمر إلى الأوضاع الاقتصادية العالمية التي تسببت في ركود عام في مختلف القطاعات، كما أشار إلى القيود التي فرضتها بعض الدول على عملية التصدير مثل السعودية وسلطنة عمان وروسيا، التي انخفض الطلب منها كثيراً خلال السنوات الماضية، ويضاف لهذه القائمة العراق مؤخراً، مؤكداً أن هذه الشروط تطبق على الجميع، وتأثيرها محدود، لكون اعتماد معظم التجار على السوق المحلي.
وذكر أبو خضرا أن التأثير الأكبر على تجار سوق العوير يعود إلى العوامل المحلية، وخاصة المعارض التي افتتحت على شارع الشيخ زايد، والتي أثرت كثيراً على إقبال الزوار إلى السوق، ويضاف لها منصات التجارة الإلكترونية بعد توسعها وانتشارها خلال السنتين الماضيتين.
إلى ذلك، قال مسؤول المبيعات في شركة غسان عبود للسيارات، هشام عطية، إن ما تقوم به منصات التجارة الإلكترونية عادل وقانوني طالما هي حاصلة على الرخصة الاقتصادية من الدائرة، ولكن اللوم على أغلب أصحاب معارض السيارات في السوق الذين لم يواكبوا التغيرات في القطاع، فضلاً عن ارتفاع أسعارهم.
وذكر عطية أن انخفاض الإقبال على السوق لا يتعلق بقيود التصدير إلى بعض الدول أو التوسع في منصات التجارة الإلكترونية أو حتى المعارض التي افتتحت خارج السوق في دبي، ولكن هناك عوامل تتعلق بالأسعار التي يقدمها التجار وعدم الثقة من قبل الكثير من العملاء القادمين إلى السوق، فضلاً عن التلاعب بعدادات السيارات، والذي ينتشر كثيراً في السوق.
وبحسب، مسؤول المبيعات في معرض 2000 للسيارات المستعملة، محمد إبراهيم، فإن بعض التجار في السوق يتلاعبون بعدادات السيارات المستعملة بهدف خداع العميل وبيعها بسعر أعلى، والكثير منهم يستغلون الثغرة المتعلقة بعدم ربط النظام المروري للسيارات المسجلة بين دبي وأبوظبي، إذ يقوم البعض بالتلاعب بعداد سيارة مسجلة في أبوظبي ومن ثم بيعها لعميل في دبي والعكس صحيح.
وأضاف إبراهيم أنه رغم جميع العوامل التي تتعلق بالقيود على التصدير وحتى التلاعب بالعدادات، لكنها تبقى عوامل صغيرة أمام الانتشار الواسع لمنصات التجارة الإلكترونية، والتي تتركز مقراتها خارج السوق، وباتت تتحكم في كثير من عمليات البيع والشراء والأسعار والعرض والطلب، والذي أثر في النهاية على إقبال الزوار إلى السوق، كما أن العملاء باتوا يتفاوضون ويهددون ببيعها على المنصات التي قد تعطي سعراً أفضل.
من جهته، قال المفتش في جمارك دبي في منطقة دبي للسيارات والآليات DAZ عبدالله السويدي إن المنطقة الحرة تضم نحو 400 شركة يتخصص أغلبها في عملية إعادة التصدير، إذ غالباً ما تكون اليابان وأمريكا أبرز وجهات الاستيراد، فيما يعتبر السوقان الأفريقي والخليجي أبرز وجهات إعادة التصدير.
وأضاف السويدي أن السوق يستقبل سنوياً نحو 600 إلى 700 ألف سيارة أغلبها يعاد تصديرها، فيما يدخل بعض هذه السيارات السوق المحلي، خاصة أن بعض العملاء من السوق المحلي أو الخليجي يبحثون عن أنواع وموديلات محددة قد لا يجدونها خارج السوق.