الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

من هم أبرز المستفيدين من مخاوف تفشي "كورونا؟

مع تزايد المخاوف حول العالم من تفشي فيروس كورونا ووصوله لمرحلة الوباء، ظهرت العديد من التأثيرات السلبية على قطاعات السياحة والنقل والطيران وكذلك الطاقة، ولكن على الرغم من ذلك انتعشت بعض القطاعات الأخرى، والتي حققت استفادة مباشرة من تلك المخاوف، ولعل أبرزها قطاع المستلزمات الطبية والرعاية الشخصية، وذلك في ضوء ارتفاع مبيعات أدوية تقوية المناعة وكمامات الحماية الشخصية، وكذلك زيادة معدلات التسوق الإلكتروني نتيجة تخوف المتسوقين من التواجد بالأماكن المزدحمة، وكذلك اتجهت بوصلة الاستثمار نحو الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في وقت الأزمات.

القطاعات المحلية

وأكد خبراء اقتصاديون لـ«لرؤية» أن بعض القطاعات المحلية مؤهلة لطرح بدائل في حال تعثر حركة التجارة من الصين بسبب«كورونا» حيث تحظى الإمارات بمكانة إقليمية للتجارة الدولية، والتي تعزز من النشاط المتوقع للصادرات التجارية إلى جانب ما تتمتع به من رقابة تجعلها بيئة آمنة لاستقرار الأفراد والأعمال.

ووفق الخبير الاقتصادي الشريك والمدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، فإن القطاعان الأساسيان المستفيدان بشكل عالمي من مخاوف انتشار الفيروس هما قطاع البحث العلمي وشركات إنتاج الأمصال إلى جانب منتجات الحماية الصحية، وهو ما يشكل بدوره فرصة كبيرة للسوق المحلي، سواء بالاستفادة مباشرة من مبيعاته في السوق الداخلي أو من خلال تصدير المنتجات المحلية في مجال الحماية الطبية أو تعزيز حركة إعادة التصدير للسلع المماثلة التي تمر عبر منافذ الإمارات.

وتظهر آخر المؤشرات الإحصائية للتجارة السلعية لإمارة أبوظبي أن إجمالي سلع القطاع الطبي المصدرة وتشمل الصادرات وإعادة التصدير من الزيوت والمنتجات الطبية والصيدلانية، شكلت خلال يناير ونوفمبر 2019 أكثر من 3 مليارات درهم حصة كبيرة منها ذهبت إلى الصين، والتي شكلت رابع أكبر مستورد من الإمارة خلال العامين الماضيين.

وتابع مسلم أن امتلاك الإمارات لمقومات تجارية ولوجستية، إلى جانب اتصال مباشر مع الكم الأكبر من الأسواق العالمية، يكفل لها البروز كنقطة تجارة إقليمية بديلة تستوعب نقل خطوط التجارة وانتقال البضائع مع الإغلاق التدريجي الذي تشهده التجارة عبر منافذ الصين.

فيما رشح الخبير الاقتصادي علي العامري قطاعات إضافية تستفيد من انتشار كورونا منها القطاع التجاري الذي قد يشهد نشاطاً في إطلاق أنشطة الأعمال كمنطقة بديلة للشركات والأنشطة التي قد ترتئي نقل أنشطتها من دائرة الأسواق التي تشهد مخاوف انتشار الفيروس، إلى جانب تجارة الذهب، حيث يتضاعف الإقبال على الشراء دوماً مع الأزمات والمخاوف من ركود الاقتصاد مع كونه سلعة آمنة لتعظيم فوائد الادخار أو على الأقل كمخزن للقيمة.

من جانبهم أظهر مختصون في قطاعات سلعية محلية وجود حركة نوعية ترتبط بشكل مباشر بمخاوف انتشار فيروس كورونا والتحوط لآثاره، سواء الصحية أو الاقتصادية، ووفق مدير المبيعات بإحدى الشركات المحلية المتخصصة في المستلزمات الطبية محمد إبراهيم فإن هناك نمواً يفوق 50% تقريباً في حركة الطلب حالياً بالسوق المحلي على الكمامات الطبية وغيرها من مستلزمات الحماية المباشرة التي يتم توريدها إلى المراكز الصحية، إلى جانب منافذ البيع المباشر عبر الصيدليات مقابل ارتفاع حركة الشراء من جانب المستهلكين، ولا سيما من الجنسيات الآسيوية.

فيما أفاد المختص في قطاع الذهب المحلي أحمد السامرائي بأن السوق حالياً يشهد حركة على الشراء ارتباطاً بعدة عوامل منها غير المباشرة مثل حرص المستهلكين على الاحتفاظ بقيمة مدخراتهم في ظل الهاجس من انتشار كورونا، مضيفا أن السوق في حالة ترقب.

وقال عضو غرفة تجارة وصناعة أبوظبي حمد العوضي إن الأزمات بشكل عام تفرز بالمقابل فرصاً للاقتصاد وحركة لبعض الأنشطة، ولا سيما مع الارتفاع الذي شهدته أسعار الذهب مع ظهور فيروس كورونا، وإن كان الأثر المباشر له محلياً لم يتضح حتى الآن إلا أن الذهب يظل السلعة الآمنة الرئيسة لدى أصحاب الأموال مقابل أي مخاوف من الركود.

وتابع أن الانعكاس الإيجابي للوضع العالمي على تعزيز دور الإمارات كنقطة بديلة للتجارة هو أمر طبيعي لما تملكه من بنية تحتية وجاهزية لوجستية واضحة ومتطورة إلى جانب ما تملكه من شبكة تجارية ضخمة تربطها بمختلف الأسواق العالمية مكنتها من أن تصبح نقطة إقليمية بحد ذاتها على صعيد التجارة البحرية بشكل أساسي، وتتدعم قدرتها أيضاً على توفير الخطوط البديلة لحركة التجارة في وقت الأزمات الإقليمية.

التأثير على القطاعات عالمياً

أكد المختصون زيادة الإقبال على التسوق عبر الإنترنت لتجنب النزول للشارع، وزاد بالفترة الأخيرة الإقبال على شراء الكمامات الطبية على نطاق واسع في معظم دول العالم، حيث اتجهت الصين للاستيراد من الأسواق الخارجية مع العجز عن تغطية الطلب الداخلي جراء انتشار الفيروس وارتفاع عدد الوفيات لنحو 304حالات.

وقال جون لوكا مدير التطوير لدى شركة «ثانك ماركتس» إن تخصيص الصين نحو 173 مليار دولار لمكافحة الفيروس يوفر فرصاً استثمارية جاذبة في القطاع الصحي والمستلزمات الضرورية ضمن خطط المكافحة ويدعم قطاع الأبحاث الطبية.

وأضاف لوكا في اتصال هاتفي مع «الرؤية» أن اتساع بؤرة الفيروس يزيد مخاوف المستهلكين ويدفعهم إلى البقاء بالمنزل والاعتماد على التسويق الإلكتروني كأحد الوسائل لشراء احتياجاتهم، ما ينعش خدمات البيع عبر الإنترنت.

وحول الخسائر المتوقعة، قال لوكا إن الصين تعد المحور الرئيس لسلاسل التوريد في آسيا، ما يؤثر على العملية الاقتصادية، ومن جانب آخر هناك تأثير كبير على القطاع السياحي بشكل لافت وسيحجم السياح عن زيارة المنطقة.

وأشار إلى أن قطاعات التجزئة والخدمات ستعاني أيضاً من تباطؤ حاد في الاستهلاك المحلي.

ويرى لوكا أنه في حال احتواء سريع للفيروس فسيعود الانتعاش للأسواق الآسيوية لتعويض الخسائر التي تكبدتها بالأسابيع الماضية.

وتابع: «إذا كان تفشي الفيروس مشابهاً لمرض السارس، فمن المحتمل أن تكون آثاره الاقتصادية العالمية أكبر مما كانت عليه في 2002 / 2003، حيث تمتلك الصين حصة أكبر بكثير في الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر، والاقتصادات أكثر ترابطاً مما كانت عليه قبل 17 عاماً».

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي إن القطاعات الصحية والخدمات المصاحبة هي المستفيد الأكبر من انتشار الفيروس، خصوصاً الشركات الكبرى المتخصصة بإنتاج اللقاحات والأمصال وأيضاً الكمامات.

في المقابل، يرى حمودي أن القطاعات المتضررة تشمل أغلب القطاعات الحيوية وأبرزها الطاقة، في ظل توقعات بانخفاض الطلب العالمي على النفط مع اتساع دائرة الفيروس، بجانب تأثر مباشر على قطاع السياحة والفنادق.

ونقلت وكالات عالمية أن أسهم شركات اللقاحات في الولايات المتحدة انتعشت في ظل التوقعات السائدة بارتفاع مبيعاتها مع تفشي «كورونا» في الصين وعدد من دول العالم.

وشهد سهم شركة نوفافاكس للتكنولوجيا الحيوية الأمريكية ارتفاعاً بنسبة 36% خلال أسبوع، بعد إعلان الشركة تطوير لقاح لفيروس كورونا. كما ارتفعت أسهم إينوفيو فارماسوتيكالز بنسبة 29% خلال أسبوع، بعد أن حصلت على منحة تصل إلى 9 ملايين دولار لتطوير لقاح ضد الفيروس الجديد.

وفي أول يومين من اكتشاف الفيروس، باعت مجموعة علي بابا نحو 80 مليون قناع طبي، إضافة إلى أن الصين أعلنت عن استيراد 200 مليون كمامة طبية من الخارج.

في المقابل، قالت وحدة الأبحاث ببنك الكويت الوطني إن تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين أدى إلى هز الأسواق المالية في ظل تقييم المستثمرين حجم الضرر الذي قد يلحق باقتصاد العالم وما إذا كان سيؤثر على النمو الأمريكي والعالمي.

وذكر البنك في تقرير صدر اليوم الأحد أن أسعار الأسهم والنفط تراجعت بشدة خلال الأيام الأخيرة، حيث انخفض سعر مزيج خام برنت بأكثر من 11% في يناير وبلغ في الآونة الأخيرة أدنى مستوياته المسجلة في 3 أشهر عند مستوى 57.71 دولار.

وأشار التقرير إلى خسائر مؤشر ستاندرد أند بورز تخطت أكثر من 1.5% الأسبوع الماضي وبلغ مستوى 3225.52 نقطة.

وحسب بيانات سابقة للبنك الدولي، تشير التحليلات الاقتصادية إلى أن التكاليف الاقتصادية السنوية للأوبئة متوسطة الشدة إلى الشديدة يبلغ على مستوى العالم نحو 570 مليار دولار أو 0.7% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.