الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تحديات تمويلية ولوجستية أمام تحول مصانع لتلبية احتياجات السوق من المستلزمات الطبية

تحاول بعض المصانع العاملة في الدولة التوجه نحو تلبية احتياجات السوق المحلية من الكمامات الطبية والمعقمات والمطهرات، والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الطلب ضمن إجراءات الوقاية من انتقال عدوى فيروس كورونا.

ووفق مصدر مسؤول بمؤسسة اقتصادية في أبوظبي، فيشهد القطاع الصناعي في الإمارة تأهباً لدخول بعض المصنعين إلى مجال إنتاج المستلزمات الطبية، حيث تجرى حالياً الخطوات التمهيدية لإطلاق مشروع صناعي جديد خاص بالكمامات، ومن المنتظر الإعلان عنه قريباً.

بينما أفاد رئيس مجلس إدارة مجموعة الهاجري الصناعية، أحد أكبر المنتجين المحليين لمنتجات الورق الخام والمشغلة لمصانع «كوينكس» حمد الهاجري بـأن السوق المحلية تشهد حالياً طلباً متزايداً على الورق الخام من جانب شركات التصنيع، مما انعكس بزيادة في حجم مبيعات المجموعة بنسبة كبيرة خلال الأشهر الماضية على الورق الخام في السوق المحلية نتيجة زيادة إنتاج المصانع العاملة سواء في إنتاج المحارم والورق الصحي.

وتابع بوجود تنوع واضح في المنتجات المحلية بما يضمن تعزيز توفير حاجة السوق من المنتجات الورقية بشكل عام.

صعوبة التحول


فيما أَضاف بشأن التحول نحو صناعة الكمامات بما يواكب السحب المتزايد على الكميات منها في السوق بأن إطلاق المصانع يتطلب خططاً طويلة الأجل واستعدادات مسبقة إلى جانب بنية إنتاجية ملائمة، مما يجعل التحول السريع صعباً نوعاً على الشركات.

وكذلك أكد مديرون وأصحاب مصانع متخصصة بالمحارم الورقية في الإمارات، أن لديهم الخبرة والمهارة الكافية لتصنيع الكمامات محلياً بدلاً من الاستيراد، ولكن هذه الخطوة تأخرت نتيجة عدة عوائق أبرزها صعوبة الحصول على التمويل من البنوك للاستثمار في خطوط إنتاج جديدة، وثانياً هي خطوة متأخرة يرافقها القيود المفروضة على السفر إلى الصين وكوريا الجنوبية.

ولفتوا إلى أن الإقدام على هذه الخطوة حالياً يحتاج ما لا يقل عن 4 أشهر لاستيراد الآلات، وبالتالي فإن الوقت بات متأخراً حالياً.

وتفصيلاً، قال المؤسس والمدير العام لمصنع غولدن إكسبريس لصناعة المحارم الورقية إسماعيل محمد إن لدى المصنع الخبرة والإمكانات لإنتاج كمامات بجودة أفضل من المستوردة، وفعلاً قام بدراسة جدوى لإطلاق خط إنتاج متخصص بالكمامات، ولكن هذه الخطوة اصطدمت بقيود البنوك التي رفضت تمويل المشروع.

دراسة جدوى

وأضاف محمد أن بحسب دراسة الجدوى فإن خط الإنتاج الآلي يكلف نحو 200 ألف دولار، فضلاً عن المواد الخام والتركيب واليد العاملة والغرف الزجاجية العازلة، إذ ترتفع التكلفة الكلية إلى 350 ألف دولار، بحيث يتم إنتاج كمامات بثلاث طبقات مخصصة، للوقاية من كورونا، علماً بأن المواد الخام متوفرة باستثناء الطبقة الوسطى في الكمامة، والتي كانت تستورد عادة من إيطاليا، ولكن مع توقف الاستيراد من إيطاليا حالياً، فهناك مصادر أخرى للاستيراد من إندونيسيا وألمانيا.

وقال محمد إن خط الإنتاج بحسب دراسة الجدوى قادر على ضخ 170-180 ألف كمامة في اليوم الواحد إلى السوق إذ باستطاعته العمل 24 ساعة متواصلة، لافتاً إلى أنه حاول مع بنكين قبل أشهر الحصول على التمويل بشتى الطرق، ولكن قوبل طلبه بالرفض، كما أنه عرض عليهم أن يقوموا بشراء الآلة ثم بيعها له بالتقسيط، لكنهم رفضوا.

تعثير استيراد الماكينات

من جهته، قال مدير مصنع زهرة للمنتجات الورقية مصطفى مشعل، إن المصنع ينتج نحو 4 آلاف طن يومياً من مختلف أصناف المناديل الورقية، وكان هناك مخطط لشراء خط إنتاج مستعمل لإنتاج الكمامات، ولكن المشروع تعثر.

وأضاف مشعل أن إضافة خط إنتاج جديد حالياً واستيراده من الصين أو كوريا الجنوبية قد يكون مستحيلاً، مع تعذر السفر إلى الصين نتيجة القيود المفروضة على دخول البلاد، وليس بإمكان أحد المخاطرة في ظل انتشار المرض وتوقف المعامل بالصين.

وذكر مشعل أن استيراد خط إنتاج جديد من الصين يحتاج إلى سفر شخص من الشركة لمدة أسبوع لمعاينة الخط الجديد ومن ثم التعلم على كيفية تشغيله وإدارته، وهذا الأمر لا يمكن القيام به حالياً.

ونوه مشعل إلى أن الرخصة من الدوائر الاقتصادية لنشاط صناعة المنتجات الورقية والصحية للمائدة، تتيح لأصحاب المصانع إنتاج الكمامات، وهم ليسوا بحاجة إلى إضافة نشاط إضافة إلى الرخصة وحتى لو اضطروا لذلك لن يكون ذلك قضية أساسية.

خطوة متأخرة

بدوره، قال مدير شركة النور لصناعة المناشف الورقية طلحة حاتم، إن المصنع يصدر 75% من إنتاجه إلى دول الخليج، وكان بالإمكان إضافة خط جديد لإنتاج الكمامات سواء للتصدير أو للسوق المحلي، ولكن هذه الخطوة متأخرة جداً، إذ تحتاج العملية إلى ما لا يقل عن 3 إلى 4 أشهر لاستيراد وتركيب خط الإنتاج.

وذكر حاتم أن الطلب حالياً مرتفع على الكمامات في السوق المحلية وحتى حول العالم، ولكن هذا الطلب سيتقلص بنسبة كبيرة جداً بعد القضاء على الفيروس، وانتهاء القيود التي تفرضها الحكومات على السفر والحجر المنزلي، واستخدام الكمامات، وبالتالي لكن يكون مجدياً الاستثمار في حال انتهت الأزمة قريباً.

وأضاف حاتم أن العديد من المصانع الكثيرة في الدولة لإنتاج المناديل الورقية بإمكانها الاستثمار بخطوط انتاج جديدة متخصصة في إنتاج الكمامات، ولكن لم يفعل أحد ذلك، والسبب أن الطلب ضعيف جداً، والجمهور نادراً ما يلجأ إلى استخدام الكمامات في حياته اليومية قبل أزمة كورونا، وبالتالي الاستثمار في هذا المجال لم يكن مربحاً وذا جدوى، وإلا لكانت المنافسة على أشدها للإنتاج التصنيع والطرح في السوق المحلية أو التصدير.

الطلب على المعقمات

وعلى جانب آخر، رفعت مجموعة نزيه المتخصصة في إنتاج العطور في الدولة خطوط الإنتاج إلى أربعة خطوط لإنتاج عشرة أطنان يومياً من المعقمات بفعل الطلب الكبير في السوق المحلية التي تقدر حاجتها اليومية بنحو 50 طناً من المعقمات.

وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة نزيه، نزيه حمد، إن الحاجة الكبيرة للسوق المحلية دفعتنا إلى زيادة خطوط الإنتاج إلى أربعة خطوط لتلبية الطلب المحلي الذي ارتفع بنسبة 200% قياساً بالأيام التي سبقت ظهور فيروس كورونا المستجد.

وأضاف حمد، السوق المحلية تستهلك يومياً 50 طناً من المعقمات المختلفة في الوقت ذاته قفزات الأسعار بحكم العرض والطلب بنسبة 100% بينما ارتفعت أسعار المواد الأولية بنحو 500%.

وأوضح حمد أن جميع المواد الأولية مستوردة من الخارج، وتحديداً من الهند وباكستان وبريطانيا والصين.

وأضاف حمد أن مختلف دول المصدر أعلنت منذ يومين توقفها عن تصدير المواد الأولية بحكم ارتفاع الطلب في أسواقها على المعقمات كما هو حال الهند وباكستان وتركيا وبريطانيا وفرنسا وأوربا إجمالاً، لافتاً إلى أن مخزون الشركة يكفي لمدة أسبوع فقط، حيث نبحث حالياً عن أسواق بديلة للمواد الأولية.

وبحسب حمد، فإن المجموعة تنتج نحو 50 نوعاً من المعقمات المختلفة، بينما يوجد في السوق المحلية نحو 200 نوع من المعقمات نحو 25% منها معقمات مغشوشة مجرد مرطب لليد استغل أصحابه الوضع لبيعه كمعقم.

وأشار حمد إلى أن الكثير من المنتجات تم فحصها في مخابر المجموعة، حيث اكتشفنا احتواءها على نسبة قليلة من المعقم إيثل كحول بينما النسبة المتبقية مجرد سائل مرطب.

ولفت حمد إلى وجود أنواع من المعقمات تحتوي على مواد غير مرخص باستخدامها في صناعة مستحضرات التجميل أو المعقمات لخطورتها على الصحة كما هو حال المنتجات التي تستخدم ميتانول التي منعت في السعودية لآثارها السلبية على الصحة باعتبارها مادة تؤدي إلى الإدمان ومضرة بالصحة.

وطالب حمد برقابة قوية على الأسواق من الجهات المشرفة لوضع حد لهذه التصرفات الاستغلالية التي تضر بالسوق وتستنزف جيوب المستهلكين، لافتاً إلى أن أي معقم طبي يجب أن يحتوي على ما نسبته 60 إلى 70% من مادة الكحول أو مادة آي بي أي.

معاقبة المخالفين

ووفق القانون رقم (8) الصادر في 19 ديسمبر الماضي بشأن المنتجات الطبية في الدولة، فلا يجوز تداول أي منتج طبي في الدولة إلا بعد الحصول من وزارة الصحة ووقاية المجتمع على الموافقة التسويقية أو الموافقة على التسويق الحصري طبقاً للقواعد والشروط والإجراءات التي يحددها قرار من الوزير، ومن يخالف هذه المادة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن (100.000) مائة ألف درهم ولا تزيد على (500.000) خمسمائة ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين.

وأكد القانون على سحب المنتج الطبي من الأسواق إذا خالف أي مادة من مواد هذا القانون، لكن المادة (12) من القانون نصت على أنه، في حال ثبوت عدم توافر منتج طبي معين، وعدم توفير بديل له في الدولة، يجوز بقرار من الوزير بناءً على توصية اللجنة المختصة التي يجب أن تضم في عضويتها ممثلين عن الجهات المعنية، إصدار ترخيص مؤقت لصاحب حق تسويق آخر أو أكثر، يتعهد بتوفيره في الدولة ضمن الوقت، وحسب السعر المعتمد من الوزارة، والكميات المتفق عليها.

وأجازت المادة «87» من القانون، لوزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المعنية، إلغاء ترخيص أي مصنع للمنتجات الطبية، إذا ارتكب مخالفة مزاولة نشاط غير النشاط المرخص له بمزاولته.