السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

هزات تباطؤ الاقتصاد الخليجي تضرب جنوب آسيا

مع استمرار التداعيات الكارثية لوباء (كوفيد-19) على الاقتصاد العالمي، ستكون الدول والمناطق التي تعاني من الفقر الشديد في العالم هي الأكثر تعرّضاً للضرر، ولا سيما في أفريقيا وجنوب آسيا، ما يحرم ملايين البشر من الحقوق الأساسية مثل الحق في الغذاء والمأوى والمياه.

وتتأهب بلدان جنوب آسيا التي تضم نحو ربع سكان العالم، لخوض معركة حامية الوطيس مع الوباء الذي من المتوقع أن يضرب المنطقة بعنف، وسط دلائل قوية على أن دول المنطقة غير مجهزة تجهيزاً كافياً للتعامل مع تفشي المرض.

وحتى لو تمكنت تلك الدول من أن تنجو بنفسها من انتشار واسع النطاق للوباء، فإن من المتوقع أن تعاني اقتصاداتها من تباطؤ كبير.


ووفقاً للبنك الدولي، فمن المتوقع أن تنخفض نسبة نمو اقتصادات دول المنطقة إلى ما يراوح بين 1.8 و2.8% خلال عام 2020 مقارنة بتوقعات خبراء البنك الدولي قبل 6 أشهر بأن تحقق دول المنطقة نمواً قوياً يصل إلى 6.3%.


ويعود الفضل الأكبر في التنمية التي شهدتها بلدان جنوب آسيا خلال العقدين الماضيين إلى الارتفاع الكبير في التحويلات المالية للعمال والموظفين والخبراء المهاجرين العاملين في منطقة الخليج إلى بلدانهم الأصلية.

ومثلت هذه التحويلات عنصراً بالغ الأهمية لاستمرار الحركة التنموية وخلق فرص العمل وتحسين ظروف الحياة في تلك البلدان.

وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، كانت المهارات التقنية والحرفية لعمال وموظفي دول جنوب آسيا حيوية من أجل تدعيم حركة التنمية، ويضاف إلى ذلك أن الإنفاق المالي للطبقة الوسطى في جنوب آسيا يعتبر مهماً لدعم قطاع التجزئة في دول المجلس.

ولا شك في أن الصدمة المزدوجة التي أدت إلى تباطؤ اقتصادات الدول الخليجية والمتمثلة بانخفاض أسعار النفط وانتشار وباء (كوفيد-19)، سوف تضرب بلدان جنوب آسيا بعنف.

وبناء على تقرير للبنك الدولي فإن دول جنوب آسيا سوف تعاني من تراجع في قيمة التحويلات المالية الآتية من الخارج خلال عام 2020.

وتستحوذ كل من الإمارات والسعودية، وهما أكبر مصدر لتدفق التحويلات إلى دول جنوب آسيا على حصة 50% من إجمالي التحويلات المالية إلى الباكستان وحوالي 40% من تدفق التحويلات الخارجية إلى الهند.

وتقول مصادر البنك الدولي إن هذه التحويلات تسهم في التخفيف من حدة الفقر في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وتساعد على تحسين الظروف الغذائية للسكان، وترتبط بإنفاق أعلى على قطاع التعليم وتساهم في التخفيف من ظاهرة تشغيل الأطفال عند الأسر المحرومة.

ومن المؤكد أنه انخفاض قيمة التحويلات المالية سيترك أبلغ الأثر على قدرة العائلات على الإنفاق في هذه المجالات المهمة لأن معظم مداخيلها المتبقية سوف يتم إنفاقها على تأمين الغذاء والضروريات.

وقد شهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات والهند نمواً كبيراً خلال نصف العقد الماضي، وشهد البلدان تنظيم زيارات دولة على أعلى المستويات السياسية من الجانبين وبما يضيف أبعاداً استراتيجية للعلاقة القائمة بينهما مع تعميق الأسس التجارية والتاريخية التي تقوم عليها.

وفيما تواصل الإمارات تفوقها بين بلدان العالم بتعاملها الذكي والفعّال مع الفيروس، فإنه من المرجح أن تستقبل طلبات مساعدة من حلفائها وفي مقدمتهم الهند.

وكثيراً ما تسهم أوقات الشدائد والمحن في إظهار مدى قوة أو ضعف الروابط بين الدول.

ولقد حققت الإمارات الكثير من العوائد الاقتصادية من خلال تمتين علاقاتها مع دول مجوعة جنوب آسيا في كل المجالات.

وفي المقابل، استفادت دول جنوب آسيا من الاستثمارات والتحويلات المالية الآتية من الإمارات وتنشيط التجارة معها.

والآن، يتعرض الطرفان لأزمة مستفحلة، وسوف يكون التعاون والتنسيق بينهما حيوياً للتخفيف من آثارها ونتائجها.

وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالالتزام بالتباعد الاجتماعي أو الجسدي بين الناس، فإن من واجب الأمم والشعوب أن تقوّي الروابط والعلاقات القائمة بينها. وينتظر دول جنوب آسيا صيف قاتم مع انتشار فيروس كورونا المستجد وانخفاض قيم التحويلات المالية الخارجية وتباطؤ اقتصاداتها.

ولقد لعب مغتربو جنوب آسيا في دولة الإمارات وبقية دول الخليج دوراً مهماً وحيوياً في تطوير المنطقة، وهم يواجهون الآن لحظات عصيبة يمكن أن تؤدي إلى تداعيات مأساوية في بلدانهم.

ويتحتم على صنّاع السياسات أن يهتموا بهؤلاء المغتربين أثناء رسم السياسات المناسبة للتخفيف من الأضرار الناتجة عن انتشار وباء (كوفيد-19).