السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

هل ستهيمن التجارة الإلكترونية والخدمة الذاتية على مشتريات المستهلكين في قطاع التجزئة بعد كورونا؟

هل ستهيمن التجارة الإلكترونية والخدمة الذاتية على مشتريات المستهلكين في قطاع التجزئة بعد كورونا؟

(أرشيفية)

قال خبراء إن قطاع التجزئة سيشهد العديد من التغيرات الرئيسية بعد انحسار أزمة كورونا، تتمثل في هيمنة أكبر لمنصات التجارة الإلكترونية على الحصة الأكبر من مشتريات المستهلكين في أغلب الأنشطة التجارية، فضلاً عن تراجع النمط الاستهلاكي نتيجة توجه شريحة كبيرة نحو التحفظ والادخار للمستقبل، وتغير أساليب البيع لدى المتاجر التقليدية للحفاظ على حصتهم من السوق، وانتشار فكرة الخدمة الذاتية أو الوصول إلى المنتج دون تفاعل بشري.

وقال الخبير في قطاع التجزئة، والرئيس التنفيذي السابق لجمعية أبوظبي التعاونية، إبراهيم البحر، إن التجارة الإلكترونية ستستمر في النمو والازدهار بعد أزمة كورونا كما يحدث في الأوقات الحالية في قطاع التجزئة، ولا سيما أن المستهلكين جربوها واختبروا أداءها، فضلاً عما تقدمه من ميزات تتمثل في الإطلاع ومقارنة الأسعار بسهولة في كل المنافذ في السوق عبر شاشة الهاتف أو جهاز الكمبيوتر.

وأضاف البحر أن هناك قطاعين يستثنيان من التمدد الذي يشهده السوق في التجارة الإلكترونية، وهما قطاع الألبسة وقطاع الخضراوات والفواكه الطازجة، لما يتضمنه شراء هذه السلع من الاختيار والانتقاء والقياس وهذا لا يزال غير متاح بشكل كافٍ عبر المنصات.

ولفت البحر إلى أن تجربة كورونا أثبتت عدم استعداد السوق للاعتماد على التجارة الإلكترونية، وخاصة فيما يتعلق بعمليات التوصيل، والتي قد تحتاج لأكثر من أسبوع أو 15 يوماً، مع العلم بأن هذه المنصات تعرضت لضغط كبير ومفاجئ في الطلب، ومن المتوقع أن تقوم المنصات بالاستعداد والتأقلم مع هذه الإشكالية مستقبلاً بعد التعلم من التجربة الحالية.

وأكد البحر أن التجارة الإلكترونية قادمة لا محالة، وستهيمن على حصة أكبر من مشتريات المستهلكين بعد انحسار أزمة كورونا على حساب المتاجر التقليدية في قطاع التجزئة والقطاعات الأخرى.

بدوره، قال المدير العام ومؤسس «برق لخدمات التوصيل» عبدالله المسافري، إن المستهلكين سينقسمون إلى قسمين بعد أزمة كورونا، جزء سيتجه إلى التجارة الإلكترونية بشكل أكبر وخاصة مع ما توفره من وقت وسهولة الطلب، وجزء آخر سيعود إلى المتاجر التقليدية، وخصوصاً بعد فترة الحظر الطويلة وجلوس الناس في المنازل، لذلك هناك رغبة في التجربة الاجتماعية وزيارة مراكز التسوق، ولكن يجب التأكيد أن حصة التجارة الإلكترونية زادت خلال هذه الفترة وستستمر بعد انتهاء أزمة كورونا.

وأضاف المسافري أن شركات التجارة الإلكترونية كانت تحت ضغط كبير ومفاجئ في الطلب العالي خلال أزمة كورونا، لذلك واجهت أغلب المنصات مشاكل في عملية التوصيل، ولكن من المتوقع أن تتجه الشركات إلى عقد اتفاقيات طويلة المدى مع منصات التوصيل بحيث تتمكن من الاعتماد عليها عند ارتفاع الطلب المفاجئ.

وتابع، أن منصات التجارة الإلكترونية ستتجه إلى آليات التوظيف السريعة بعيداً عن البيروقراطية الحالية مثل عقود العمل الجزئي لموظفي التوصيل أو «الفري لانسرز»، بحيث تكون هذه الشركات لديها المرونة الكافية للتعامل مع أي أزمة قادمة أو أي ضغط مفاجئ في الطلب.

وقال المسافري إن تأثير التجارة الإلكترونية على قطاع التجزئة سيشمل جميع الأنشطة التجارية بما فيها الألبسة والخضراوات والفواكه الطازجة.

وذكر المسافري أن وعي وثقافة المستهلكين تغيرت خلال أزمة كورونا وسينسحب الأمر ويستمر حتى بعد انتهاء الأزمة، لافتاً إلى أن المراكز التجارية ستبقى وجهة للتسوق لكونها تحتوي على وجهات ترفيهية ومراكز تسلية وغيرها، علماً بأن الكثير من المراكز التجارية تم تصميمها بطريقة تراعي جذب المستهلك وحثه على الشراء من المتاجر، بحيث توضع الهايبر ماركت في جهة والسينما مثلاً في جهة أخرى، وعند التنقل بين الجهتين سيمر المستهلك على المتاجر ويطلع على محتوياتها وعروضها ما سيدفعه إلى طرق أبوابها والشراء منها.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، نجيب الشامسي، إن الناس سيكون لديهم رغبة أكبر في التسوق من المولات والمراكز التجارية التقليدية بعد انحسار أزمة كورونا، خاصة بعد الفترة الطويلة التي قضوها في المنازل، مؤكداً أن حصة المتاجر الإلكترونية زادت ولكنها لن تستطيع أن تلبي رغبة الانتقاء والاختيار والتذوق والتجريب والقياس لدى المستهلك حتى الآن.

وأضاف الشامسي أن تجربة التجارة الألكترونية فيها أخطاء وثغرات تتعلق بالتوصيل واختلاف شكل المنتج على المنصة مقارنة عند توصيله إلى باب المستهلك، لافتاً إلى أن الطلب بمجمله سينخفض في المستقبل نتيجة توجه شريحة كبيرة من الجمهور نحو التحفظ والادخار والحذر في الإنفاق نتيجة تداعيات الأزمة وفقدان العديد من الناس لمصادر رزقهم.

وتابع: وبالتالي فإن الحس أو النزعة الاستهلاكية لدى شريحة كبيرة من الناس سوف تنخفض بعد انحسار أزمة كورونا وهذا يعتبر من إيجابيات الأزمة بحيث ستكون عملية التسوق مدروسة ومنتظمة وتناسب الميزانيات الشهرية للمستهلك تخوفاً من عمليات التسريح أو من اندلاع أزمة جديدة.

إلى ذلك، وبحسب تقرير حديث لمؤسسة «retail customer experience» فإن عادات الشراء لدى المستهلك لن تكون نفسها كما كانت موجودة بالفعل قبل «COVID-19»، وعلى المدى القصير، تشير الأبحاث إلى أن المستهلكين ينجذبون أكثر إلى حلول الدفع الذاتي.

وأضاف التقرير، أن استطلاعاً أجري مؤخراً للمستهلكين من متسوقي البقالة في الولايات المتحدة أظهر أن أكثر من ثلثهم يستخدمون الآن الدفع الذاتي أو الأسواق الصغيرة الخالية من الاحتكاك لدفع ثمن البقالة مقارنة بأقل من ثلث الذين يطلبون البقالة عبر الإنترنت، كما أظهرت الاستطلاعات التي أجريت في مارس وأبريل زيادة التسوق عبر الإنترنت بنسبة 74% منذ 13 مارس استجابةً لتداعيات الفيروس التاجي.

وذكر التقرير أن العودة إلى الروتين الطبيعي سيستغرق بعض الوقت وسيتطلب عادات مختلفة وحلولاً مبتكرة للبيع بالتجزئة، إذ سيبحث المستهلكون عن تجارب تسوق بدون لمس كلما أمكن ذلك، مع الحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي، خاصة في حالة حدوث موجة أخرى من الجائحة.

وأشار التقرير إلى أن قاعدة عدم التواصل الاجتماعي تدفع العملاء إلى الاستفادة من الدفع الذاتي والخدمة الذاتية والأساليب البديلة على التعامل مع التلامس والتفاعل البشري، ويعتقد بعض المراقبين أن الفيروس التاجي أجبر شركات الخدمات والضيافة على الاستثمار في تقنيات البيع بالتجزئة غير المراقبة «بدون تدخل بشري» والتي قد تكون شائعة لدى المستهلكين حتى بعد رفع قيود «البقاء في المنزل».

وتابع التقرير: الواقع الحالي هو أن شركات الخدمات والضيافة تسرح الآلاف إن لم يكن الملايين من الموظفين حول العالم، إذ استبدلت تلك الشركات هؤلاء العمال بأتمتة الخدمة الذاتية مثل الأكشاك، وبالتالي فعندما تنتهي الأزمة، ستكون الشركات أقل ميلاً إلى توظيف نفس الموظفين الذين تم استبدالهم بالأتمتة، وهذا بدوره سيجبر المستهلكين لتبني الخدمة الذاتية أكثر من أي وقت مضى، بعد الأزمة.

وأكد التقرير أنه ستكون هناك تغييرات سلوكية بين المستهلكين، إذ إن قلة من الذين ربما قاوموا التسوق عبر الإنترنت قد وصلوا إليه بالتأكيد الآن، كما أن استخدام معدات الحماية الشخصية من قبل أولئك الذين يعملون في خدمات الغذاء والرعاية الصحية وغيرها من الصناعات عالية الاتصال سيزداد ليتناسب مع الحساسيات المتزايدة التي يمكن فهمها من قبل المستهلكين.