الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

خبراء يرسمون ملامح مستقبل قطاع الاتصالات بالإمارات بعد انتهاء جائحة كورونا

خبراء يرسمون ملامح مستقبل قطاع الاتصالات بالإمارات بعد انتهاء جائحة كورونا

(أرشيفية)

أصبح فيروس كورونا بصمة مميزة يجب مراعاتها عند رسم مستقبل القطاعات في دولة الإمارات والعالم، وعليه تبنى النظريات والقرارات المستقبلية، ويعتبر قطاع الاتصالات من القطاعات الأقل تضرراً من تداعيات انتشار الفيروس مقارنة بغيره.

وأكد خبراء ومسؤولون بالقطاع، أنه على الرغم من التأثير السلبي للأزمة على القطاع، والذي قد يتجلى في تراجع أعداد المشتركين والإيرادات في الربع الثاني من العام، فإنه سيكون من أول القطاعات التي تتعافى تدريجياً مع نهاية العام الجاري، مؤكدين تعزيز الأزمة للتحول الرقمي ودعم الجيل الخامس.

تعافٍ تدريجي

وقال عضو المجلس الاستشاري في معهد «تشارترد» للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي، وضاح الطه: «إن قطاع الاتصالات في الإمارات شهد خلال فترة الإغلاق انخفاضاً نسبياً كغيره من القطاعات، مؤكداً أنه يعتبر من القطاعات الأقل تأثراً من الأزمة كقطاعي السفر والسياحة».

وأشار الطه إلى أنه مع تراجع النشاط الاقتصادي الذي تبع الأزمة، وتسريح عدد من الموظفين، قد يؤدي إلى انخفاض نسبي في الإيرادات وأعداد المشتركين، والتي تتركز في الربع الثاني من العام الجاري.

وتوقع المحلل المالي، أن يتحسن القطاع تدريجياً مع عودة النشاط التدريجي، والذي قد تصاحبه عودة الاشتراكات والاتصالات، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يتعافى القطاع على مستوى العالم خلال الربع الثالث والرابع من العام الجاري تدريجياً.

تراجع المبيعات وخطط التحفيز

من جهته، قال نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في كامكو إنفست، رائد دياب: «إنه على الرغم من أن قطاع الاتصالات في الإمارات لا يزال قطاعاً دفاعياً مقارنة بالقطاعات الأخرى الأكثر ارتباطاً بتراجع النشاط الاقتصادي، فإنه سيتأثر سلباً من أزمة كورونا».

وأضاف دياب: «أنه من المرجح أن يؤدي الحد من المبيعات، وتغيير سلوك العملاء، والانخفاض القوي للسياحة والنشاط التجاري، نتيجة انتشار الفيروس، إلى انخفاض إيرادات القطاع».

وتوقع رئيس إدارة البحوث لدى كامكو، أن يحاول مشغلو الاتصالات العمل على مبادرات وخطط لتحسين قاعدة إيراداتهم لصالح حصة ثابتة أعلى وتحفيز العملاء.

أعمال الشركات الفصلية

وتجلى بدء تأثر شركات القطاع بتداعيات كورونا في نتائج الأعمال الفصلية، حيث تراجعت أرباح شركتي «دو» و«اتصالات» خلال الربع الأول من العام الجاري، بنسبة 5% لتصل إلى 2.53 مليار درهم، مقابل 2.66 مليار درهم بالربع المقارن من 2019.

وأرجعت «دو» تراجع أرباحها خلال الفترة نتيجة انخفاض عائدات الهاتف المتحرك الناتج عن انخفاض مزيج إيراداتها، نظراً لاعتماد قاعدة مشتركيها بشكل أكبر على خدمات الدفع المسبق وبصورة أقل نحو خدمات الهاتف الثابت.

وبحسب البيانات، تراجعت قاعدة المشتركين في خدمات الهاتف المتحرك في «دو» بنسبة 13% لتصل إلى 7.44 مليون مشترك مقابل 8.6 مليون مشترك في الربع المقارن من 2019.

وذكرت «دو» أن تأثير انتشار كورونا اقتصر على الأداء المالي خلال الربع الأول من العام الجاري على شهر مارس، مع توقعات بأن تشهد النتائج المالية للربع الثاني من 2020 تأثيراً سلبياً أعلى.

وأرجعت الشركة توقعاتها نتيجة الإغلاق العام للنشاط، ومحدودية نشاط المبيعات، وتغير سلوكيات وتوجهات العملاء خلال الفترة، إلى جانب الانخفاض الكبير في النشاط السياحي والتجاري.

ولفتت إلى أنه يصعب في الوقت الحالي تقدير الأثر بشكل دقيق، نظراً للأوضاع الحالية غير المسبوقة، وعدم القدرة على استشراف نهاية هذه الأزمة ومدة استمرارها، نتيجة التطورات المتلاحقة، إلى جانب عدم معرفة حجم تأثيرها على الاقتصاد بشكل عام، وقطاع الأعمال على وجه الخصوص.

من جهتها، أشارت «اتصالات» إلى أن إيراداتها في الإمارات تراجعت خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2%، على أساس ربعي.

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، علي الحمودي، أن يكون انتشار فيروس كورونا من أبرز الأحداث المؤثرة على كافة القطاعات عامة وقطاع التكنولوجيا و الاتصالات في عام 2020، متوقعاً أن يكون ذلك التأثير على المدى القصير.

وبعد مرور جائحة كورونا، توقع الحمودي أن تحقق شركات الاتصالات في الدولة أداءً جيداً، حيث سيكون العالم أكثر ارتباطاً، مشيراً إلى أن الشركات ستكون مستعدة بشكل أفضل لمثل هذه الكوارث في المستقبل.

وعلى المدى الطويل، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن التوقعات تظل إيجابية، حيث أصبح لقطاع الاتصالات أهمية كجزء حاسم وأساسي في المنظومة الاقتصادية المحلية والعالمية.

وقال الحمودي: «إن الأزمة أثرت على سلوك كل من المستهلكين والشركات، حيث أصبح المستخدمون حول العالم أكثر ارتباطاً وأكثر دراية بالأدوات الرقمية، كما أن الأزمة جعلت شركات الاتصالات تكتسب خبرة مباشرة في إدارة حركة الشبكة الديناميكية للاتصالات».

وذكر الخبير الاقتصادي أنه بعد مرور الأزمة سيكون لدى الشركات وشركائها في الاتصالات فهم أفضل لتحديات العمل عن بُعد.

نظرة إيجابية

وأكد تقرير صادر عن مؤسسة دبي للمستقبل بعنوان «الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل الاتصالات»، أهمية المبادرات التي أطلقتها الجهات الحكومية وشركات الاتصالات في دولة الإمارات بهدف دعم الأعمال والأفراد منذ المراحل الأولى لبداية انتشار (كوفيد-19) في العالم، من خلال ضمان القدرة على مواصلة العمل والتعليم عن بُعد، بفضل أنظمة الاتصال الحديثة والبنية التحتية المتقدمة المرتكزة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والخدمات الذكية.

وقد حافظت الدولة على المركز الأول في مؤشر نسبة تغطية الهاتف المتحرك للسكان، ومؤشر مستوى المنافسة في قطاع الإنترنت والهاتف، ومؤشر الاشتراكات في النطاق العريض المتنقل حسب «مؤشر المعرفة العالمي 2019».

كما حققت تقدماً كبيراً في مؤشرات عرض نطاق الإنترنت الدولي، ومدخلات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومستخدمي الإنترنت.

وأوصى التقرير بمتابعة تطوير البنية التحتية اللازمة لاستيعاب الاستخدام المتزايد لشبكات الإنترنت، وتحفيز الابتكار والدفع لتطوير المنصات الرقمية المحلية، نظراً للارتفاع الكبير في حجم متابعة المنصات الترفيهية الرقمية (اللعب أو البث عبر الإنترنت) ومنصات البيع بالتجزئة والاتصالات.

وترى مؤسسة دبي أن تداعيات الأزمة الراهنة توفر فرصة للهيئات الحكومية وشركات الاتصالات لتقييم أثر التغييرات المحتملة في اللوائح التنظيمية مستقبلاً، وتحديد مدى حاجة البنية التحتية إلى الترقية، ودراسة إمكانية السماح باستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية أو نقل الصوت عبر بروتوكول الإنترنت.

ونوه التقرير بأن جهود تطوير البنية التحتية في العالم العربي على مدار العقد الماضي، يجعل معظم الأسواق الإقليمية مهيأة للتعامل مع الوضع الحالي، ورأى أن معظم الدول العربية، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي، تعمل على تكييف وتطوير الأنظمة والتشريعات الحالية، بما في ذلك إدخال أطر ناظمة جديدة لخدمات الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، مؤكداً أن ترقية الشبكات وتوظيف الجيل الخامس، تحمل أهمية كبيرة للمضي في تحويل العمليات، وتوسيع نطاقها، والسماح بتوفير الخدمات المطلوبة عن بُعد.

جهود الحكومة

وخلال الفترة الماضية، أطلقت هيئة تنظيم الاتصالات، 12 مبادرة رئيسية لتعزيز خدمات الاتصالات المساعدة للإجراءات الاحترازية ضد انتشار فيروس كورونا، بما يسهم في رفع قدرة المجتمع على التواصل عن بُعد، وانسيابية خدمات الاتصالات سواء لقطاعي الأفراد أو الأعمال، إلى جانب انتظام إجراء المعاملات الحكومية.

وشملت تلك الإجراءات العمل مع المشغلين لتعزيز سعة شبكاتهم، وإعادة هندسة الشبكة عند الحاجة مع تنفيذ أي تغييرات ضرورية في أقرب وقت ممكن عملياً للمساهمة في انسيابية منظومة العمل والتعليم عن بُعد التي بدأت خلال الأسبوعين الماضيين، إلى جانب ذلك أرست منظومة أمنية لمتابعة البيئة الإلكترونية، تشمل إرسال إشعارات أمنية لمتخصصي تكنولوجيا المعلومات وأمن المعلومات حول أحدث الثغرات والهجمات الإلكترونية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد.

من جانبه، قال حمد عبيد المنصوري المدير العام للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات، إن المجتمع الإماراتي يقطف ثمار الجهود التي بذلت خلال السنوات السابقة من العمل المتكامل الذي بذلته الجهات الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص، لتحقيق قفزات نوعية في مجال الخدمات الذكية والتحول الرقمي، بحسب وكالة أنباء الإمارات «وام».

وتابع: «العمل عن بُعد بات حقيقة واقعية، وأبناؤنا يكملون تحصيلهم العلمي في بيوتهم معتمدين على شبكة إنترنت فائقة السرعة، ويمكن للأسر وهي في منازلها الحصول على حاجاتها اليومية بضغطة زر».

شبكة الجيل الخامس

ويبدو أن تداعيات كورونا قد تعزز دور شبكة الجيل الخامس، حيث يرى عبيد حميد الطاير رئيس مجلس إدارة مجموعة اتصالات، أنه على الرغم من الظروف والتحديات الحالية التي يواجهها قطاع الاتصالات العالمي، فإنه على ثقة بأن المستقبل يحمل معه العديد من الفرص الواعدة للقطاع.

وأضاف: «نشهد اليوم بزوغ عصر جديد فرض على مختلف القطاعات ضرورة التحرك بسرعة نحو مواكبة التحول الرقمي ما يبرز الدور المحوري والمهم لشبكة الجيل الخامس 5G التي تعتبر الممكن الرئيسي، خاصة لحلول الأعمال والتعليم والترفيه الرقمي، إضافة إلى قدرتها على تلبية متطلبات العملاء الحالية والمستقبلي».

وفي مطلع أبريل الماضي، أحرق أشخاص أبراج اتصالات خلوية في بريطانيا، بعد أن انتشرت شائعات في وسائل التواصل الاجتماعي تربط بين تفشي فيروس كورونا وشبكات الجيل الخامس.

ومع تداول الكثير في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن علاقة انتشار فيروس كورونا بأبراج شبكات الجيل الخامس للاتصالات، ردّت منظمة الصحة العالمية من خلال منشور في موقعها الإلكتروني قائلة: «لا يمكن أن ينتقل عبر موجات الراديو أو شبكات الهاتف المتحرك، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس المصنوعة في الصين».

وفي نفس السياق قالت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في دولة الإمارات في تصريحات صحفية: «إنه لا يوجد أي ارتباط بين فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وشبكات الجيل الخامس للمحمول».