الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

خفض "كلفة المعيشة" أولوية لزيادة تنافسية بيئة العمل بالإمارات

خفض "كلفة المعيشة" أولوية لزيادة تنافسية بيئة العمل بالإمارات

جزيرة ياس. (أرشيفية)

واصلت الإمارات البقاء ضمن المراتب الأولى عالمياً بغلاء المعيشة، لتسجل كل من أبوظبي ودبي المرتبتين الثالثة والرابعة عالمياً كأغلى وجهات العيش، مع منتصف 2020، وفق المؤشرات العالمية المختصة بقياس كلفة المعيشة، في الوقت الذي نادى مسؤولون حكوميون ومختصون اقتصاديون بأهمية العمل على مبادرات لخفض كلفة الحياة والمعيشة، للمحافظة على المعدلات العالية في جذب رؤوس الأموال، وزيادة استقرار المستثمرين.

وحدد بعضهم تسهيلات مباشرة للأسر والأفراد على صعيد الكلفة، كالإيجارات وكلفة الكهرباء والمياه للمساكن ومؤسسات الأعمال، إلى جانب إرساء مستويات مقبولة لخدمات التعليم والصحة والترفيه، بينما أشار آخرون إلى أهمية وجود تسهيلات على صعيد الرسوم الحكومية بمختلف أنواعها، والتي تمثل جزءاً غير مباشر في كلفة المعيشة لأصحاب الأعمال والمستثمرين.

ووفق مؤشر expatistan، جاءت أبوظبي في المرتبة الثالثة على صعيد أغلى وجهات العالم في كلفة المعيشة، حيث سجلت كوجهة أغلى من 82% من مدن العالم المدرجة بالمؤشر، إذ بلغ متوسط إنفاق العائلة المقيمة في الإمارة والمكونة من 4 أفراد نحو 17 ألف درهم شهرياً، بينما جاءت إمارة دبي بدورها في المرتبة الرابعة، حيث سجل معدل الإنفاق بدوره أعلى من 16 ألف درهم، بأعلى من 81% من وجهات العيش ضمن المؤشر.

وجاءت أسعار السلع والخدمات ضمن المؤشر، ووفق بيانات إضافية لمؤشر Numbeo أيضاً، بتسجيل السوق الإماراتي مراتب متقدمة من حيث الغلاء، بحسب أسعار السلع والخدمات المسجلة حتى منتصف 2020، حيث جاءت ضمن أغلى 10 وجهات على صعيد الإيجارات السكنية، إلى جانب الإنفاق على كهرباء المسكن، والذي سجل متوسطه الشهري ما بين 400 إلى 800 درهم.

كما جاءت كلفة التنقل بدورها ضمن الأعلى ارتفاعاً، حيث بلغت أسعار الوقود المحلي متوسط درهمين للتر، بينما بلغ الإنفاق على المواصلات المحلية ما بين 100 إلى 300 درهم، وسجلت رحلة التاكسي ما بين 25 و36 درهماً للرحلة الواحدة.

كما سجلت أسعار الاتصالات من ضمن الأعلى عالمياً، خاصة في أسعار الخدمات الثابتة المقدمة سواء للمنازل وقطاع الأسر والأفراد أو المسعرة لقطاع الأعمال والمؤسسات الخاصة.

وشهدت أسعار الترفيه بدورها مستويات عالية، وضمن الأعلى عالمياً، حيث بلغت أسعار حفلات السينما لشخصين متوسط 87 درهماً، وللمسارح نحو 550 درهماً، بينما بلغ متوسط كلفة العشاء لشخصين 400 درهم بالمطاعم السياحية، فيما بلغ متوسط اشتراكات الصالات الرياضية والجيم ما بين 400 إلى 500 درهم.

وبشكل عام، فإن السكن والكهرباء والمياه والغاز والنقل والتعليم وخدمات الصحة والترويج والاتصالات، تختص بحصة تقارب 70% من إنفاق الأسر والأفراد بالدولة، وفق مؤشرات الهيئة الاتحادية للتنافسية للإحصاء، والتي بينت أن كلفة معظمها ظل ينمو بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأولى من 2020.

من جانبها، كشفت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، أن خفض كلفة المعيشة أحد الأولويات على صعيد التحفيز الاستثماري وجذب رؤوس الأموال. ووفق رئيس الدائرة محمد الشرفا، هناك توجيه حكومي لتبني سياسات تهدف إلى تقليص تكاليف الإقامة والعيش، وزيادة في تنافسية بيئة العمل والحياة داخل الإمارة.

وفيما تحدث عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، حمد العوضي، عن نجاح الإمارات في إعادة تغيير التركيبة السكانية لاستقطاب رؤوس الأموال والكفاءات الوظيفية وأصحاب المواهب، حيث تطبق الدولة حالياً آلية الكيف وليس الكم.

وأشار في المقابل إلى أهمية العمل على تقليص الغلاء في 3 أوجه، تشمل السكن والتعليم والصحة، والتي تستهلك أكثر الدخول والرواتب، حيث يجب أن تكون هناك مبادرات على عدة أوجه، منها توفير سكن ملائم وعالي الجودة بأسعار تنافسية، إلى جانب خفض كلفة الحصول على الائتمان لتمويل السكن عبر البنوك، إضافة إلى العمل على تقليص الرسوم العقارية سواء التي تحصل عليها الدوائر الحكومية أو مقابل الخدمات التي يقدمها المطورون.

وأضاف: «بالحاجة لإرساء أسعار ملاءمة في خدمات التعليم، والتي تشكل بدورها أحد أكبر أوجه الإنفاق، لا سيما مع الأسعار المرتفعة بشكل واضح في المدارس والمؤسسات الخاصة، والتي تقدم الخدمات للحصة الأكبر من المقيمين والوافدين».

وتابع العوضي: «بإلقاء الضوء على أهمية منظومة التقاعد ونهاية الخدمة حيث تشكل أحد الجوانب الأساسية أيضاً في قرارات الاستقرار للمستثمرين والكفاءات الوظيفية الوافدة، ومتابعة أعمالهم الخاصة، وتدوير مدخراتهم في بيئة الأعمال المحلية، ما يعزز من التدفق الاستثماري والاحتفاظ بالخبرات، إضافة لتنشيط شرايين الحياة التجارية مقابل إجمالي إنفاقهم المحلي».

بينما حدد مدير مؤسسة تروث للاستشارات والدراسات الاقتصادية، رضا مسلم، التسهيلات المطلوبة في 4 بنود رئيسية، منها ما يخص قطاع الأعمال، ومنها على صعيد كلفة العيش، حيث أكد أهمية وجود مبادرات من القطاع الخاص على صعيد الإيجارات، والتي لا تزال تشكل معدلات عالية جداً مقارنة بالكثير من الوجهات التي تبحث عن تعزيز جذب المستثمرين، لا سيما في أبوظبي، التي لا يزال الملاك فيها يضعون أسعاراً لا تتناسب مع حركة العرض والطلب، بينما ربط دور الحكومة في خفض الكلفة بإعادة مراجعة تسعيرة الكهرباء والمياه، والتي تشكل بدورها بنوداً تؤرق فاتورة الإنفاق الشهري، سواء لقطاع الأعمال أو الأسر والأفراد، مشيراً إلى تفاقم المشكلة مع تراجع الدخل بشكل واضح فيما بعد كورونا.

وأضاف: «أهمية مراجعة الرسوم الحكومية بمختلف أنواعها ولا سيما أن التسهيلات الحكومية الممنوحة بهذا الشأن من خلال مجانية بعض فئات التراخيص لفترات محدودة لا تناسب الوضع الحالي بتقلص إيرادات الشركات، في الوقت الذي لم تطل رسوم تجديد التراخيص للشركات أي تسهيلات».