الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كيف يستفيد المستثمرون من تعديلات قانوني الإفلاس والمعاملات التجارية بالإمارات؟

كيف يستفيد المستثمرون من تعديلات قانوني الإفلاس والمعاملات التجارية بالإمارات؟

أرشيفية

قال اقتصاديون وقانونيون لـ«الرؤية»، إن التعديلات الأخيرة على قانوني الإفلاس والمعاملات التجارية والتي أعلنت عنها الحكومة الإماراتية خلال الأيام الماضية تحمل فوائد بالجملة للمستثمرين.

وأوضحوا أن أبرز تلك الفوائد الحماية والمرونة المطلوبة لاستمرار الأعمال التجارية الأمر الذي يؤدي لاستدامة ومتانة الاقتصاد وتحقيق مصلحة الدائن والمدين وحماية الأموال الخاصة.

جذب مستثمرين

بدوره، أكد الدكتور حبيب الملا، الذي يترأس مكتب بيكر آند ماكينزي حبيب الملا، لـ«الرؤية»، أن تلك التعديلات التشريعية مهمة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب للبلاد وهو ما يدركه المشرع المتمثل في الحكومة الإماراتية ويسعى إلى تحقيقه في مرحلة ما بعد كوفيد-19 بشكل جيد.

وأوضح أن تلك التعديلات ترسخ من مكانة الدولة عالمياً بين الدول الكبرى التي تحتضن المستثمرين والمؤسسات الكبرى ويحقق مستهدفات الدولة القائمة على الابتكار.

وبالنسبة للتعديلات المعتمدة على قانون المعاملات التجارية، أوضح حبيب الملا أن تجريم الشيك المرتجع بموجب التعديلات الجديدة يؤكد توجه المشرع في دولة الإمارات لتنفيذ الاتجاه العام في دول عديدة وهو تقييد تجريم هذا النوع من الشيكات بحالات معينة بحيث إن الشيكات الأقل من 200 ألف درهم تصبح مجرد غرامة.

وأشار إلى أن التعديلات التي قضاها المرسوم الأخير حددت وضيقت حالات التجريم لهذا النوع من الشيكات حيث أعاد تعريف حالات التجريم المتعلقة بالشيك وحددها في حالات تزوير الشيكات والاحتيال وهي إعطاء أمر للمصرف بعدم صرف الشيك أو التعمد بصرف الرصيد النقدي لدى البنك بالكامل قبل وجوب تاريخ الشيك المستحق.

ولفت إلى أنه تضمن حالات الصرف الجزئي بمعنى إذا استحق موعد صرف الشيك وكان قيمته 50 أو 100 ألف يتم صرفه بالرصيد المتاح وصرف الباقي في أوقات أخرى قادمة، مشيراً إلى أن المشرع أتاح بالتعديلات الجديدة أن الشيك المرتجع يكون سنداً تنفيذياً من المتاح صرفه أمام قاضي التنفيذ وهو بذلك سهل الإجراءات لمجتمع الأعمال، مؤكداً أن الاتجاه محمود من قبل الحكومة الإماراتية وسهل إجراءات تحصيل قيمة الشيك.

وبحسب التعديلات التي اقتضاها مرسوم قانون المعاملات التجارية والذي سيعمل به اعتباراً من بداية عام 2022- فقد تم إعادة تعريف حالات التجريم المتعلقة بالشيك وتحديدها لتشمل جرائم تزوير الشيكات، والاحتيال باستخدام الشيكات بإعطاء أمر للمصرف بعدم صرف الشيك بدون حق، وسحب كامل الرصيد قبل تاريخ إصدار الشيك، وتعمد تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه. كما تم إلغاء التجريم الوارد حالياً في قانون العقوبات حول الشيك، وخاصة فيما يتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد، عدا عن الحالات المذكورة في المرسوم بقانون.

الشركات المتعثرة

وأما عن تعديلات قانون الإفلاس، قال يوغيش خيراجاني، محلل أبحاث الاستثمار لدى «سنشري فاينانشال»، لـ«الرؤية»، إن التعديلات الجديدة بقانون الإفلاس ستساعد الشركات المتعثرة في الحصول على السيولة اللازمة للتغلب على التحديات في أوقات الطوارئ.

وأكد أن ذلك القانون الجديد يعد مفيداً جداً للمستثمرين والشركات الأجنبية لأنه يمنحهم خيار تأجيل أقساط القرض لفترة زمنية محدودة، ويمنحهم أيضاً الآن فرصة للبقاء والتوصل إلى تسوية مع الدائنين.

وأشار إلى أن القانون الجديد سيساعد في تجنب سيناريو من مثل الذي حدث في عام 2009، عندما أغلق العديد من رجال الأعمال عملياتهم فجأة استجابة لبيئة الأعمال المشددة. وسيساعد القانون الجديد أيضاً في تحسين نوعية البيئة التنظيمية.

حماية ومرونة

من جهته، قال المدير العام لشركة برايم للاستشارات الإدارية وتطوير المؤسسات بالشرق الأوسط لـ«الرؤية»، ممدوح النقيب، إن قانون الإفلاس يعد أحد أهم القوانين الاستراتيجية في أي دولة تهدف لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية.

وأشار إلى أن القانون يحقق الحماية والمرونة المطلوبة لاستمرار الأعمال التجارية ما يؤدي لاستدامة ومتانة الاقتصاد وتحقيق مصلحة الدائن والمدين وحماية الأموال الخاصة، مشيراً إلى أن التعديلات الأخيرة ستساعد الشركات المتعثرة وسيمنحها حماية قانونية ويتيح أمامها خيارات مختلفة قبل إشهار الإفلاس.

وأكد ممدوح النقيب أن التعديلات يتضح أن الدافع الرئيسي ما خلفته جائحة كورونا من آثار اقتصادية عنيفة أثرت على كافة الاقتصاديات العالمية وأثرت كذلك بشكل واضح على أداء الشركات والمؤسسات وموقفها المالي وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين.

وتنص التعديلات الجديدة لقانون الإفلاس على إضافة بنود جديدة بخصوص الأحوال الطارئة التي تختص بالظروف التي تؤثر على الاستثمار في الدولة كالكوارث الطبيعية أو الحروب وغيرها بما يمكن الأفراد والشركات من التغلب على مصاعب الائتمان خلال تلك الحالات الطارئة.

كما تنص التعديلات على إعفاء المدين من تقديم طلب البدء بإجراءات الإعلان عن الإفلاس كما أنه يمكنه طلب مهلة للتفاوض مع الدائنين للوصول لاتفاق تسوية في مدة لا تزيد عن 12 شهراً، كما أن التعديلات نصت ألّا تقوم المحكمة حال موافقتها على طلب إجراءات الإفلاس باتخاذ أي إجراءات احترازية على أموال المدين إذا كان توقفه عن الدفع لأسباب الأحوال الطارئة.

كما أتاحت التعديلات إمكانية الحصول على تمويل جديد وفق قواعد وشروط محددة من أجل تأمين السيولة اللازمة للتعافي وتعزيز قدرات الشركات على تجاوز الصعوبات التي تواجهها خلال الأحوال الطارئة.

قرار استثماري

وقال أحمد إبراهيم الشريك القائم بالإدارة في مكتب معتوق بسيوني وإبراهيم لـ«الرؤية»، إن قانون الإفلاس هو أهم القوانين الاستراتيجية لمساعدة المستثمر الأجنبي لاتخاذ القرار الاستثماري في دولة معينة.

وأكد أن التعديلات التي جرت على قانون الإفلاس الإماراتي لم تتضح تفاصيلها حتى الآن، لكنه من المتوقع أن تشمل بعض التعديلات التي تضمن الكوارث الطبيعية في القانون وكيفية التعامل معها، مشيراً إلى أن القانون سوف يستمر في التطور لمواكبة الأحداث.

وتوقع أن يتم تمديد فترة عدم سداد التزامات الشركة المحددة بشهر في القانون حتى يتقدم المدين بطلب لإعلان إفلاس الشركة وذلك لحين الانتهاء من فترة سريان الظروف الطارئة.

حماية الشركات

من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني حميد درويش، إن المشرع الاتحادي حريص على حماية القطاع التجاري في الدولة بوضع تشريعات تعزز من قدرات هذا القطاع وحماية الشركات ومن يتمتع بصفة التاجر وفق أحكام القانون وهذا ما أكدته التعديلات الجديدة لقانوني الإفلاس والمعاملات التجارية.

وأوضح أن التعديلات وضعت آليات للتفادي من الإفلاس وحماية حركة الأموال وعجلة الاقتصاد وذلك بإعادة التنظيم المالي وإجراءات الصلح الواقي من الإفلاس إلى مساعدة المدين للوصول إلى تسويات مع الدائنين بمقتضى خطة صلح واقٍ من الإفلاس، مشيراً إلى أن ذلك سيكون تحت إشراف جهتين وهما المحكمة وأمين صلح وذلك للوفاء بالالتزامات والعقود.

مخرج قانوني

من جانبه، أكد المستشار القانوني والمحامي المقيد بمحاكم أبوظبي ودبي والمحكمة الاتحادية العليا، ناهس العنزي، أن تعديلات قانون الإفلاس الإمارات ستساهم في تقوية الوضع الاقتصادي بشكل عام ولا سيما بعد مرحلة الجائحة التي تأثرت بها الشركات سلباً.

وقال العنزي إن تعديلات القانون الجديد أوجدت مخرجاً قانونياً للشركات المتعثرة أو التجار المتعثرين في السداد، أولهما التسوية الوقائية باتفاق الدائن والمدين، والثاني إيجاد خطة لإعادة الهيكلة قبل إشهار الإفلاس، مشيراً إلى أنه حتى في حالة الإفلاس فإن القانون الجديد لا يعاقب إلا المفلس المدلس.

وأوضح أن التوقف عن سداد الدين يعني إشهار الإفلاس في القانون القديم وهو ما يوجب عقوبة المفلس بالسجن ومنع السفر وحرمانه من حقوقه السياسية، بينما لا يعتبر القانون الحالي المتوقف عن السداد مجرماً إلا في حالة التدليس.

وقال إن التعديلات تأتي في الوقت المناسب حيث تضررت كثير من الشركات ورجال الأعمال، بسبب جائحة كورونا جراء إجراءات العزل والحظر العام بالبلاد.

وأشار إلى إن القانون الجديد أتى بفلسفة جديدة هي محاولة مساعدة التاجر المدين وانتشاله من التعثر، لكي يستمر بتجارته أو يبدأ من جديد من خلال عدة خيارات هي التسوية الوقائية أو إعادة الهيكلة أو إشهار الإفلاس.

وبين أن القانون الجديد يشمل عمليات إعادة التنظيم المالي التي تتم خارج المحاكم الصلح الواقي من الإفلاس إعادة الهيكلة المالية إمكانية الحصول على قروض جديدة وفق شروط يحددها يحدها القانون الإطار القانوني لتحويل إجراءات الصلح الواقي إلى إجراءات إشهار الإفلاس ومن ثم سرعة البت في القضايا المتعلقة بذات الشأن.