الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

مستأجرون يشكون تراجع مستوى خدمات المرافق

تسبب تأخر الكثير من مُلاك العقارات بدبي عن دفع رسوم الصيانة والخدمات السنوية في تراجع بمستوى الخدمات المقدمة من قبل شركات إدارة المرافق للمستأجرين، وتبدأ هذه المشاكل بانخفاض مستوى النظافة في المبنى والتأخر في رش المبيدات الحشرية والتأخر في صيانة المرافق مثل الصالات الرياضية والحدائق وحتى التشديد في تمديد صلاحية بطاقات الدخول إلى المبنى، كنوع من الضغط على المالك لتسديد الرسوم.

وأكد مسؤولو شركات مرافق وعقاريون أن نسب تأخر الملاك في تسديد رسوم الصيانة راوحت بين 50 و70% من المُلاك خلال الفترة الحالية، لافتين إلى أن هذه النسبة بدأت في النمو مع بدايات أزمة كورونا وآثارها الكبيرة والواضحة على القطاع العقاري، ما دفع الملاك إلى التردد في تسديد مستحقاتهم لشركات إدارة المرافق لأسباب تتعلق بتراجع إيرادات الوحدات نتيجة انخفاض مستويات التأجير بنسب تصل إلى 30 و40% مقارنة بالسنوات الماضية، وبالتالي وجدوا أن رسوم الصيانة تقتص جزءاً لا يستهان به من إيرادات التأجير عوضاً عن الرسوم التي تدفع إلى مكاتب التأجير، وهنا يجب إما اللجوء إلى الحلول الودية أو اللجوء القضاء.

رسوم الصيانة


وقال المستأجر جمال زعيتر إن تأخر المالك في تسديد رسوم الصيانة السنوية تكرر لمدة سنتين على التوالي، حتى أن شركة إدارة المرافق المسؤولة عن إدارة المبنى ملأت باب الشقة بملصقات تطالب صاحب العقار بتسديد رسوم الصيانة والبالغة 3000 درهم، وهذا الأمر لا ينسحب علي فقط إذ إن الكثير من الشقق المستأجرة في المبنى تجد على أبوابها ملصقات مماثلة بهدف الضغط على المستأجر ليقوم بدوره بالضغط على المالك أو المكتب العقاري لاتخاذ خطوة مناسبة ودفع الرسوم المستحقة.


وأضاف زعيتر أنه خلال الفترة الماضية بالفعل انخفضت جودة الخدمات المقدمة في المبنى، إذ أصبحنا نرى الحشرات تنتشر في الممرات بشكل أكبر، وحتى النظافة اليومية تراجعت للمبنى، وعندما قاموا بعملية صيانة للصالة الرياضية في المبنى استغراق الأمر أشهراً عديدة وحتى اليوم لم تنتهِ عملية الصيانة.

وقال المستأجر محمد عبودي إن أداء وجودة المرافق في المبنى تنخفض وترتفع من حين إلى آخر، وصحيح أنها تحافظ على الحد الأدنى المطلوب، ولكن هذا لا يتوافق مع التوقعات لدى المستأجر عند توقيع العقد، وبالفعل قد نفاجأ أحياناً بانخفاض مستوى النظافة لعدة أشهر أو تأخر في صيانة حوض السباحة، وأحياناً لا تكون المصاعد بالنظافة المطلوبة، ودائماً ما نشتكي لإدارة المبنى من هذه الأمور، حيث يرجعون الأمر إلى تأخر كثير من الملاك في تسديد مستحقاتهم المطلوبة، وعلى المستأجر اليوم ألّا ينظر إلى انخفاض مستويات التأجير بل يجب أن يسأل أيضاً عن مستوى الالتزام بجودة المرافق المشتركة في المبنى، لأن الكثير من الملاك اليوم باتوا يتأخرون كثيراً في تسديد رسوم الصيانة بسبب التراجع الملحوظ في أسعار البيع والتأجير.

التجربة السابقة

وأكد المستأجر أنس محمد أنه مؤخراً وقع عقداً للإيجار تديره شركة مشهورة في السوق، والتي بدا واضحاً المستوى العالي في جودة الخدمات المقدمة لصيانة المبنى، وكان دافعي الكبير في الانتقال إلى الشقة الجديدة هو التجربة السابقة خلال العام الماضي لدي، إذ إن المبنى كان يشهد تراخياً كبيراً من قبل الإدارة في عمليات الصيانة، وخاصة في عمليات التنظيف اليومية وصيانة الحدائق عند المدخل وحتى نظافة المرافق المشتركة للعب الأطفال والسباحة وجودة الصالة الرياضية وقدم الآلات الموجودة فيها، وكان المالك للشقة التي أسكنها يتأخر بشكل مستمر في دفع مستحقات الرسوم، وكان ذلك دافعاً لدي لتغيير المبنى كلياً والانتقال إلى منطقة جديدة تديرها شركة معروفة.

جمعيات الملاك

من جانبه، قال رئيس جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق MEFMA والرئيس التنفيذي لشركة إمداد، جمال لوتاه: «نستطيع أن نقول بوضوح أن السوق العقاري شهد تراجعاً في مستويات الإيجار منذ بداية جائحة كورونا، ما تسبب بشكل واضح في تخلف أو تأخر الكثير من الملاك عن دفع رسوم الصيانة السنوية، وبالفعل تسبب ذلك بضغط على المستأجرين الذين واجهوا تراجعاً في جودة الخدمات المقدمة في المبنى الذي يقطنون فيه».

وأضاف لوتاه: «ما أود الإشارة إليه أن المسؤولية تقع على عاتق إدارة جمعيات المُلاك أو حتى الملاك أنفسهم في اختيار شركات إدارة مرافق ذات ملاءة مالية ضعيفة، لا تستطيع أن تستمر في أداء الواجب المطلوب منها خلال الأزمات، وهذا الأمر حدث بشكل مشابه خلال الأزمة المالية في عام 2009 واليوم يتكرر مع جائحة كورونا».

وتابع: «يجب اختيار شركة إدارة المرافق القوية وذات الخبرة الواسعة والمعروفة في السوق المحلي، والتي ستستطيع التكيف مع كافة الظروف الاستثنائية التي يواجهها السوق، مثل اللجوء إلى حلول جدولة دفعات الصيانة للمالك، أو حتى التخفيض في بعض الخدمات ولكن الحفاظ على الخدمات الرئيسية بحيث لا يشعر المستأجر في تغيير كبير في جودة إدارة المرافق».

وقال لوتاه: «اليوم يجب أن يجري مفاوضات ودية وتفاهم بين الأطراف لحل هذه المشاكل العالقة وعدم اللجوء إلى القضاء إلى في حالات استثنائية، بحيث يجري التفاوض مع على القيمة السنوية الكلية لإدارة المرفق وتخفيضها من مليون درهم إلى 600 ألف درهم مثلاً، وبحيث أستطيع مع هذا المبلغ تقديم الحد الأدنى الجيد للمبنى بانتظار تحسن ظروف السوق مجدداً والذي نرى بوادره اليوم مع نهاية أزمة كورونا».

وأكد لوتاه أن السوق اليوم في حالة تراجع نتيجة تداعيات أزمة كورونا، وهذا ضغط بشكل ما على إيرادات المُلاك المؤجرين لوحداتهم السكنية وباتوا يرون أن العائد غير مجدٍ نتيجة تحمل تكاليف الصيانة أيضاً، ونحن هنا نحث المستأجر على أن يكون أكثر وعياً عند التوجه لاستئجار عقار معين ولا ينظر فقط إلى السعر وإنما البحث عن جودة الخدمات وهل المالك قام باستيفاء رسوم الصيانة كما يمكنه عقد صفقة مع المالك بأن يتحمل المستأجر دفع رسوم الصيانة وخصم ذلك من قيمة الإيجار بحيث تكون الأمور على خير طول السنة».

فض المنازعات

وبحسب دائرة الأراضي والأملاك في دبي، يمكن للمستأجر -في قطع إحدى الخدمات عنه في المناطق المشتركة- مراجعة مركز فض المنازعات للحصول على قرار فوري من القاضي بإعادة الخدمة، كما تشترط الدائرة على جهات إدارة المرافق عدم المطالبة برسوم الخدمات إلا بعد اعتمادها من ريرا (مؤسسة التنظيم العقاري) وفي حال مطالبة الملاك برسوم خدمات غير معتمدة، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين، ويعتمد البدل المالي السنوي لرسوم الخدمات من قبل مؤسسة التنظيم العقاري «ريرا»، والذي يتم استيفاؤه من مالك الوحدات العقارية لتغطية مصاريف إدارة وتشغيل وصيانة وإصلاح العقار المشترك، ويخضع للرقابة والتدقيق حسب النظام المعمول.

تسديد الرسوم

بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة ستراتوم لإدارة جمعيات الملاك، سعيد عبدالكريم الفهيم، إنه مع بداية أزمة كورونا شهد السوق العقاري نتيجة التراجع في أسعار الإيجارات ارتفاعاً في مستوى تأخر الملاك في تسديد رسوم الصيانة الدورية ووصلت هذه النسبة في أقصاها إلى 70% ولكن اليوم مع بداية العام الجديد فإن النسبة انخفضت إلى 50% وذلك نتيجة توجه كثير من شركات إدارة المرافق إلى حلول الإنذار العدلي بموجب القانون الذي يعطي المالك مهلة لتصحيح الوضع ومن ثم قد يتم إيقاف سجل إيجاري الخاص به مما يمنعه من تأجير أو بيع العقار حتى تسديد الرسوم وقد يتعدى الأمر إلى إجراءات أخرى تحتاج إلى أشهر لتنفيذها.

وأضاف الفهيم: «التخلف عن تسديد رسوم الصيانة يعتبر أمراً مرهقاً للشركات وغير منطقي، ولا سيما أن جزءاً كبيراً من هذه الرسوم يذهب هيئة كهرباء ومياه دبي والتبريد والتأمين وشركات الحراسة والحدائق والتنظيف والصيانة، وبالتالي أي تأخر في تسديد الرسوم يسبب ضغطاً كبيراً على شركات أدارة المرافق في تنفذ المطلوب منها».

وقال الفهيم: «هل يستطيع اليوم المستأجر أن يعيش بجودة حياة مقبولة بدون وجود حراسة أو تنظيف الممرات والمصاعد أو حتى تنسيق الحدائق وصيانة الأعطال وصيانة صالات الجيم والمسابح وباقي الخدمات الأخرى الكثيرة، وخاصة أن بعض المُلاك اليوم ليدهم عقارات فارغة غير مؤجرة وبالتالي يتذرعون بهذه الحجج للتهرب من تسديد الرسوم المترتبة عليهم، ولكن هذه حجة غير مقبولة إذ إن المالك عندما اشترى العقار يعلم ما هي الرسوم المستحقة عليه مسبقاً وهي لا تشكل شيئاً بالنسبة لقيمة شراء العقار».

أوضاع السوق

وقال المدير العام للمبيعات والعقارات في الرواد للعقارات علاء مسعود إن نسبة تخلف الملاك عن تسديد رسوم الخدمات والصيانة السنوية تجاوزت اليوم الـ70% وهذا بطبيعة الحال يرتبط بأوضاع السوق وانخفاض قيمة العوائد الإيجارية بالنسبة للمؤجرين وبالتالي ينظرون إلى هذه الرسوم السنوية على أنها مبالغ فيها مقارنة مع العائد».

وأضاف مسعود أن المالك عندما يتخلف عن تسديد الرسوم السنوية سيؤدي ذلك بالضرورة إلى مزيد من الضغط على شركات إدارة المرافق، ولا سيما أن الكثير أصبحوا يتأخرون أشهراً عديدة عن دفع المستحقات الدورية وهذا الأمر تفاقم مع بداية الجائحة.

وذكر مسعود أن رسوم الصيانة في دبي تختلف من منطقة إلى أخرى من مبنى إلى آخر إذ تراوح بين 8 دراهم على القدم المربع وقد تصل إلى 69 درهماً للقدم المربع، فمن الممكن أن تبدأ من 4000 درهم في بعض المناطق وقد تصل إلى 80 ألف درهم في مناطق، مثل الداون تاون وبوليفارد الشيخ محمد بن راشد وسط دبي.

وأشار مسعود إلى أن ما يحصل حالياً أن بعض المطورين يروجون لعقارات معفية من رسوم الصيانة لخمس سنوات، وبالتالي هنا يجب على المطور نفسه خلال هذه الفترة أن يقوم بالدفع إلى شركة إدارة المرافق وليس المالك الذي اشترى العقار مع هذا العرض المقدم، ولكن ما يحدث اليوم أن بعض المطورين يتخلفون عن تسديد مستحقاتهم ما يؤثر على أداء شركات الإدارة وانخفاض مستوى الخدمة على المالك أو مستأجر العقار.